توقّف عن تنظيف أذنك... وإلّا!
توقّف عن تنظيف أذنك... وإلّا!
اخبار مباشرة
جنى جبّور
جريدة الجمهورية
Saturday, 08-Jul-2017 00:01
يبحث الإنسان عن كثير من الوسائل لتنظيف جسده. ولكن من «التسرسب» ما قتل! فهناك ثمّة أعضاء في الجسم تنظّف نفسها بنفسها، من دون الحاجة الى التدخّل فيها، تماماً كشمع الأذن. فاحذروا تنظيف آذانكم، وإليكم أبرز الأضرار التي قد تنتج عن ذلك.
يُعتبر شمع الأذن نوعاً من الأوساخ المتجمّعة في مجرى ضيّق في الجسم الذي يعمد الى التخلّص منها من تلقاء نفسه. ولكن نجد دائماً مَن يهتم بمساعدة جسمه في هذه العملية، فيعمد الى إدخال عيدان القطن (Coton-tige)، لأذن أكثر نظافة! فماذا يحصل عند القيام بهذه العملية؟

في هذا السياق، حاورت «الجمهورية» إختصاصي الأذن والأنف والحنجرة وجراحة الدماغ من الأذن، والأستاذ المحاضر في جامعة القديس يوسف الدكتور ايلي عتر الذي قال إنّ «الشمع هو إفرازات طبيعية من الغدد الموجودة في جلدة المجرى الخارجي للأذن التي تهدف الى حمايته من الالتهابات ومن تجمّع الأوساخ، فتقوم الجلدة بإخراج الشمع من الأذن بعد فرزه. وكانت الدراسات قد كشفت أنّ المواد الموجودة في الشمع تحارب الالتهابات البكتيرية وتحمي الجلدة الرقيقة لمجرى الأذن».

إختلافُ الإفرازات

يفرز الجميع دون أيّ استثناء شمع الأذن، ولكن قد تختلف بين شخص وآخر من ناحية الكمية، فالبعض يفرز كمية كبيرة من الشمع والبعض الآخر كمية أقل، ولا علاقة لجنس الشخص أي النساء أو الرجال أو العمر في هذا الموضوع. الّا أنه يختلف وضع الشخص إزاء الكمية المفروزة، وبحسب د. عتر فإنّ «الشخص الذي يفرز شمعاً أقل من غيره يكون عرضةً لجفاف الأذن خصوصاً أنه يُعتبر مرطِباً لها، ما يؤدّي الى الحكّة والالتهابات فيها. بينما الذي يفرز أكثر من اللازم، يصعب على أذنه التخلّص من الشمع، ما يعرّضه الى الالتهابات المتكرّرة».

ضعف السمع

تسبّب كثرة الشمع انسدادَ الأذن، فينتج عن ذلك ضعف في السمع، و»طوشة» في الرأس، وعدم قدرة المريض على التمييز من أين يأتي الصوت الذي يسمعه. وإضافةً الى تجمّع الشمع بسبب قوة الفرز، تلعب عملية تنظيف الأذن بواسطة عيدان القطن سبباً اساسياً للانسداد. ويفسّر عتر ذلك، قائلاً: «للأذن نظام أوتوماتيكي يعمل على التخلّص من الشمع، وعند استعمال عيدان القطن يكون الشخص قد لخبط هذا النظام.

إياكم وعيدان القطن

من هنا، نشدّد على ضرورة الابتعاد من استعمال العيدان، ويجب ابتعاد الشخص كلياً من تنظيف داخل المجرى، بل فقط تنظيف باب المجرى والأذن الخارجية التي تكون واضحة للنظر. ويمكن الوصول الى هاتين المنطقتين بالمحرمة، ما يؤكد عدم ضرورة استعمال العيدان.
وأضاف، مفصِّلاً «شكل العيدان دائري، وبالتالي لن تُخرج الشمع الى الخارج بل ستدخله أكثر الى عمق الأذن فيصعب عليها حينها التخلّص منه وينتج عن ذلك انسدادُها، ما يعرّض الجلدة للالتهابات بعد أن تكون قد فقدت دفاعها، ناهيك عن إمكانية تَسبُّب العيدان في بعض الأحيان بجرح المجرى».

متى تقصدون الاختصاصي؟

يقصد كثيرون المختصّين بهدف تنظيف أذنهم، إلّا أنّ هذه الخطوة غير ضرورية إلّا إذا كان الشخص يعاني من انزعاج في أذنه. وفي هذا الإطار يوضح د. عتر أنّه «في أكثر الأحيان، يقصدنا المريض ويشكو أنه عندما دخلت المياه الى أذنه خلال الاستحمام أو السباحة، شعر أنها لم تخرج من أذنه وسدّتها، وطبّياً تفسَّر هذه الحالة، بأنّ الشمع تضخّم نتيجة المياه ما أدّى الى حصول ذلك. وعلى المريض أن يعلم أنه يمكن الانتظار على هذه الحال 24 ساعة، بعدها إذا استمر الوضع على ما هو عليه يجب التوجّه لزيارة الطبيب».

علاج الإنسداد

بعد أن يأتي المريض الى العيادة، يقوم الطبيب بفحصه بواسطة المنظار، ليتأكّد من انسداد المجرى بالشمع. بعد ذلك، كيف يكون العلاج؟ يجيب د. عتر أنّه «اذا كان المجرى مسدوداً، يعمد الطبيب الى تنظيفه.

وفي السابق، كان العلاج يرتكز على حقن المجرى بالمياه، إلّا أنّ هذه الطريقة غير محبّذة، لأنّ هناك خطراً بنسبة 20 في المئة من أن تحصل التهابات بعدها، خصوصاً أنه عندما تكون الأذن مسدودة لا نعرف وضع الطبلة فإذا كانت مثقوبة وعالجنا الأذن بهذه التقنيّة سنعرّضها الى المزيد من الالتهابات لاسيما عند مرضى السكري حيث تكون الالتهابات كارثية على مستوى الأذن، لدرجة يمكن أن تؤدّي الى انتشار الالتهاب في الجمجمة والموت. ورغم أنّ هذه التقنيّة غير مستحَبّة، لكنها مازالت تُستخدم في بعض المستوصفات.

أمّا الطريقة الحديثة المستخدَمة، فتقتضي التنظيف «الناشف» بواسطة المجهر «microscope»، أو بالأدوات الموجودة في العيادة أو عن طريق الشفط.

وبعد ذلك، تنتهي المشكلة، ونوصي المريض بعدم استعمال عيدان القطن. ولا نصف له أيّ أدوية، فلا حاجة لذلك».

الى ذلك، يُعتبر الأشخاص الذين يستعملون عيدان القطن هم الأكثر عرضة للمشكلات، إضافةً الى الذين يعانون من الإفرازات الزائدة، والذين يجب أن يزوروا الطبيب بطريقة دورية لتنظيف آذانهم.

عند الاطفال
تجنّب العيدان ضرورة عند الكبار عموماً، والصغار خصوصاً فالطفل لن يعلم اذا انسدّت اذنه. ويلفت د. عتر الى أنّه «يمكن اكتشاف انسداد أذن الطفل خلال الفحوصات الدورية عند اختصاصي الاطفال والذي اذا تأكد من هذه الحالة يعمد الى تنظيف الاذن إو يقوم بإرساله الى الاختصاصي لهذا الغرض. وعلى الأهل أن يعلموا أنّ هذه الطريقة ليست موجعة، وهي بسيطة ولكن دقيقة في الوقت نفسه، لذلك يفضَّل أن تجرى عند الاختصاصي للحدّ من خطر جرح الطبلة أو المجرى».

قطراتُ الأذن
يخفّ سمع المريض 40 في المئة في حال ترك مشكلته دون علاج، وينصح د. عتر «بعدم استخدام قطرات الأذن التي تعمد الى ترخية الشمع لأنها لا تحلّ المشكلة، كما أنّ كثرة استعمالها يؤذي الجلدة. وقد نعمد الى استخدامها في بعض الاحيان في عياداتنا بهدف تسهيل استخراج الشمع ولتخفيف الوجع على المريض».

الجلطة
لا يُعتبر هذا الموضوع خطراً وجاداً في غالب الاحيان، ولكنّ الاستهتار مرفوض أيضاً، ويختم د. عتر حديثه قائلاً «يمكن أن يكون الانسداد ناتجاً عن أمر اكثر جدّية، كجلطة في عصب السمع، وهنا يجب أن يكون العلاج سريعاً.

من هنا على كل شخص يشعر بانسداد في أذنه، لأكثر من يوم أو اثنين التوجّه لاستشارة الطبيب».
theme::common.loader_icon