النجاح أو الرسوب... وجهان لنتيجة واحدة؟
النجاح أو الرسوب... وجهان لنتيجة واحدة؟
اخبار مباشرة
د. أنطوان الشرتوني
جريدة الجمهورية
Monday, 03-Jul-2017 09:27
بعد سنةٍ كاملة، تحضّر التلميذ في مدرسته والطالب في جامعته... للإمتحانات، وبعد أيام من السهر والعمل الدؤوب والإجتهاد، ها هي النتائج تطلّ برأسها معلنةً نجاحَ أو رسوبَ التلميذ في إمتحاناته الرسمية أو الطالب في إمتحانات سنته الجامعية. وطبعاً للنجاح نكهتُه الخاصة، أمّا الرسوب فيراه بعض الأشخاص نهايةً حزينةً لمشروع الدراسة. وطبعاً هذا التفكير غير صحيح البتة. لذا، ما هو النجاح وكيف يفسّره علم النفس؟ وما أهمية النجاح في حياتنا اليومية؟ وكيف نواجه رسوبَ أطفالنا؟ وما هي طرق مساعدة التلميذ الذي رسب في إمتحاناته؟
بدأت نتائج الإمتحانات الرسمية تُعلن على الهواتف النقالة. وبدأ الأهالي الفخورون بأولادهم، بنشر نتائج فلذات أكبادهم على وسائل التواصل الإجتماعية... وطبعاً هنّأ الأهل والأصحاب الناجح في هذه الإمتحانات على طريقتهم الخاصة: ألعاب النارية، تقديم هدية بسيطة، وصولاً إلى سَفرة خارج البلاد للإستجمام بعد معاناة طويلة في الدرس والحفظ والتحليل.

هذا بالنسبة للتلميذ الذي نجح إمتحانه وللطالب الجامعي الذي أنهى سنته الجامعية بنجاح. ولكن ماذا عن التلميذ الذي لم يحصل على المعدل للنجاح وبالتالي، رسب في إمتحاناته؟ مساعدةُ الأهل ودعمُهم النفسي له من أهم الأساليب التي تساعده على النهوض من «كارثته» وتحقيق النجاح في الدورة الثانية.

ما هو النجاح؟ وكيف يفسّره علم النفس؟

النجاح، مِن فعل «نجَح»، هو الشعور بالعزيمة والإصرار لتحقيق موضوع معيّن. ولكي يحصد الإنسان النجاح، هو بحاجة إلى الإرادة والجهد. والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق، كيف يمكن تنمية الإرادة لتحقيق النجاح؟ وبشكل بسيط، يمكن الإجابة على هذا السؤال بكلمتين: «تدريب الإرادة».

ويعني ذلك، يجب على الأهل منذ صغر طفلهم، أن يربّوه على مبدأ: «إذا عملت بجهد، ستكون شخصاً مميّزاً وستحصل على مرادك».

فيجب أن يفهم الطفل بأن ليس من السهل الحصول على كل شيء، لذا تدريب الإرادة مهمّ جداً لكي لا يُحبَط الطفل الصغير عند بروز أيّ مشكلة تعترض مسيرته. وتدريب الإرادة يجب أن يبدأ في كنف العائلة، مع الأب والأم، كما تلعب المدرسة دوراً بارزاً في هذا المضمار.

وطبعاً يمكن أن يدرّب الإنسان إرادته بإتّباع النقاط التالية:

أولاً، معرفة كيفية التخطيط الجيد. فمثلاً، التلميذ الذي يعرف كيف يخطط للدراسة، سيتمكّن من حفظ وإستيعاب دروسه بطريقة سريعة بفضل ترتيب الأولويات وتقسيم الدروس. هذا التخطيط سيساعده لإنجاز مهامه بطريقة أسرع. بينما في غياب التخطيط والتنظيم، أمام أيّ عثرة صغيرة، قد يوقف التلميذ دراسته.

ثانياً، لتدريب الإرادة، يجب الإستمتاع بأيّ إنجاز قام به الشخص خصوصاً إذا كان طفلاً. فمثلاً، إذا حصل الطفل على علامات جيدة في مادة لا يحبها كثيراً، يجب على الأهل تهنئته وتشجيعه على نتيجته. ذلك سيؤدّي إلى تقوية إرادته وعزيمته في تحقيق النجاح. وطبعاً هذا المثال ينطبق أيضاً على الراشدين.

ثالثاً، تشجيع الطفل منذ صغره، على قراءة مسيرة حياة الأبطال العظماء الذين بفضل إرادتهم، حققوا نجاحات وإنتصارات. هذه طريقة نفسيّة لمساعدة الطفل على التمثّل بشخصيات ذات العزيمة القوية.

رابعاً، يؤدّي الأصدقاء أقوياء الإرادة دوراً في منح الطفل قوة وعزيمة وإرادة. وبالتالي يمكن أن يحقق الطفل النجاح بفضل تقليد الأصدقاء والإستفادة من أخطاء الآخرين وفشل الآخرين، وبالتالي تجنّب أصحاب الإرادة الضعيفة.

طريقة النجاح... وطريق الفشل

لا يمكن لأحد أن يعتبر بأنّ النجاح بسيط وسهل المنال. فكل إنسان مُعرّض للمشكلات وللفشل في بعض المواقف وللتعرّض لظروف سيّئة ومحبِطة وغير مرغوب بها. ولكن بفضل إصرار الشخص وعزيمته، يكرّر من جديد تجربته ويتعلم منها محاوِلاً عدم الوقوع بالخطأ ثانيةً.

فبعد صدور النتائج الرسمية للشهادة المتوسطة وللشهادات الثانوية وللشهادات الأخرى، ثمّة تلامذة لم يحققوا النجاح الذي يتقون إليه، وأتى الرسوب، نتيجةً لعملهم. طبعاً الكثير من المشاعر السلبية خالجت هؤلاء التلامذة، خصوصاً مَن درس منهم، ولكن لسبب أو لآخر لم ينجح.

فالإحباط وفقدان الأمل والعصبية والحزن... وغيرها من المشاعر عرفها التلميذ وأهله أيضاً. هذه المرحلة ضرورية ولكن لا يجب أن تستمرّ طويلاً، ودورُ الأهل مهمّ جداً للوقوف بجنب ولدهم ومساعدته على تخطّي هذه الأزمة التي يمكن أن تكون محبِطةً جداً له. فطريق الفشل يؤدّي إلى الإحباط وخصوصاً إذا كان الفشلُ متكرّراً، ما يصيب الشخص باليأس وبانعدام الأمل وربما بإضطراباتٍ نفسيّة.

وأهم النقاط التي يجب أن يتبعها الشخص الذي يشعر بالحزن وعدم القدرة على النجاح هي التالية:

• معرفة نقاط قوته ونقاط ضعفه. ويجب على الإنسان أن يركّز على نقاط قوته ويستبدل النقاط السلبية أو نقاط الضعف بنقاط إيجابية.

• عدم مقارَنة النفس بالآخرين والثقة بالنفس. كل إنسان لديه مقدّراته الخاصة وسرّ النجاح هو الثقة بالنفس والإستمتاع بالحياة وعدم النظر إليها بطريقة سلبية.

• ويُذكر أنّ النظرة الإيجابية للحياة وعدم الإستماع إلى الأشخاص الذين يقلّلون من عزيمة الآخرين يوصلان إلى النجاح.
theme::common.loader_icon