العضو الذكري... وتفسيره النفسي
العضو الذكري... وتفسيره النفسي
اخبار مباشرة
د. أنطوان الشرتوني
جريدة الجمهورية
Wednesday, 28-Jun-2017 00:15
لا يؤدي العضو الذكري أو ما يُسمّى بالقضيب دوراً واحداً فقط وهو التناسل والتكاثر، بل هو من الأعضاء المهمة في جسم الذكر للمتعة الجنسية. الكثير من الحضارات قدّسته وإهتمت به حتّى أصبح شبه «إله»، تُقدَّم له الصلوات والورود، وتُقام له المهرجانات والإحتفالات. ما هي أهمية العضو الذكري؟ وما هو تفسير التحليل النفسي لهذا العضو؟ وكيف تنظر المرأة إليه؟
منذ العصور القديمة، قدّس المصريون القدماء والإغريق وحتّى الرومان أجزاءً من جسم الإنسان ومنها أعضاؤه التناسلية، ورسموا على جدران معابدهم الصلوات والتقديمات حيث إعتبروا بأنّ العضو الذكري هو أساس الخلق والتكاثر. كما تمّ تقديس المهبل أيضاً أو العضو الأنثوي والثديين بما أنّ المرأة تلد و«تعطي» الأطفال، كما تقدِّم الحليب لهم.

والغريب في الأمر بأنّ تقديسات الأعضاء التناسلية وخصوصاً العضو الذكري ما زالت موجودة في بعض التقاليد التي تُمارَس في بعض المجتمعات، ومنها المجتمع الياباني الذي يحتفل في كل سنة بمهرجان «العضو الذكري» المعروف بإسم «كنمارا ماتسوري» Kanamara Matsuri. خلال هذا المهرجان، ينتظر المشاركون مشاهدة العضو الذكري العملاق محمولاً على الأكتاف، كما يأكلون الحلويات على شكل العضو الذكري.

الأنتروبولوجيا والعضو الذكري

الكثير من الدراسات عن علم الإنسان، إهتمّت إهتماماً واسعاً بالعضو الذكري، وأكدت بأنّ الحضارة الفرعونية كانت السبّاقة في تقديس هذا العضو من خلال رسم الإله «أوزوريس» بقضيب كبير منتصب والإله «بيس»، القزم ذا العضو الذكري الضخم والإله «ميم».

كما في الكثير من هذه الرسومات الفرعونية آلهة عراة، أعضاؤهم الذكورية واضحة، وأشخاص قصيرو القامة ولهم أعضاء تناسلية ضخمة وطويلة. وكان الهدف من هذه الرسومات الإهتمام بالخصوبة والفحولة.

أما بالنسبة للحضارة الإغريقية، فألّهت العضو الذكري وإعتبرته سبباً للحياة كما هو رمز من رموز الخصوبة والإنتاج. وخلال تلك الحضارة، كثرت الطقوس التي تحتفل بالعضو الذكري حيث كان يشارك فيها الرجال الذين يحملون على الأكتاف مجسّمات ضخمة خشبية أو معدنية لأعضاء ذكورية. وكان يُعتقد بأنّ هذه الإحتفالات تزيد القدرة على التناسل.

وتأثّر الرومان بالإغريق حيث إعتبروا بأنّ القضيب هو رمز لتجدّد الحياة. ورسموا أيضاً على جدران معابدهم العضو التناسلي الذكوري ونحتوا التماثيل إكراماً له، كما خصّصوا مهرجاناً له لتلاوة الصلوات والأغاني والترانيم وبيع التعاويذ المقدّسة للقضيب. وخلال هذا المهرجان، يحمل المشاركون مجسّمات خشبية أو معدنية ضخمة على شكل قضيب ويدهنونه بالنبيذ ويزيّنونه بالورود.

وما زالت تلك الطقوس القديمة، تتجدّد في أيامنا هذه. ففي اليابان، ما زالت طقوس عبادة الأعضاء الجنسية موجودة، وتتميّز منطقة «تاجا Taga» بمركزها لعبادة القضيب الذكري، حيث يقام كل سنة مهرجان كرنفالي هو «كانامارا ماتسوري Kanamara Matsuri» لعبادة القضيب.

هذا المهرجان معروف جداً، ويتوافد إليه الكثير من السياح من سائر أقطاب العالم للمشاركة به. وكتمدّد للطقوس الفرعونية والإغريقية والرومانية، تُباع في هذا المهرجان أطعمة جميعها بشكل الأعضاء التناسلية الذكورية مع الخصيتين. كما تُباع الشموع والألعاب البلاستيكية على شكل القضيب.

وهناك طقوس غريبة تُمارَس خلال هذا الكرنفال ومنها: إمتطاء «مدفع» على شكل عضو ذكري، التنافس بين المشاركين لحمل قضيب خشبي، تقديم مشروبات لونها بلون السائل المنوي وصولاً لتسكّع العراة من الرجال في المهرجان بهدف التفاخر بأعضائهم التناسلية.

ونذكر، بأنّ هناك إحتفالاتٍ أيضاً تُقام للأعضاء التناسلية الأنثوية.

علم النفس

فسّر الكثير من علماء النفس والمحلّلين النفسيين صورة الجسد وأهميته عند الإنسان. فخلال نموّ الطفل النفسي، تفهم الفتاة الصغيرة بأنها أقل قوة من الصبي وتدرك إفتقارها للعضو الذكري (خصوصاً بين عمر الخمس والثماني سنوات) لذا فتيات كثيرات يسألنّ أهلهنّ: «لمَ لا نملك قضيباً؟».

وطبعاً الأزمة التي تعيشها الفتاة بسبب عدم وجود القضيب، تتقلّص عندما تدرك بأنّ لديها القدرة على إنجاب طفل، وكأنّ ذلك يحلّ محلّ القضيب ما يُخفّف من قلقها. ولكنّ هذا التعلّق «بالقضيب» لا يختفي نهائياً، بل يبقى موجوداً ضمن تفكير الفتاة التي «تتمنّى» بطريقة لاواعية الحصول على قضيب، إلّا أنها خلال نموّها، تنشغل بموضوعات أخرى منها فردية (الدرس، الرياضة، الموسيقى، الأب، الأم، الأخ والأخت...) ومنها جماعية (الأصحاب في الحي، الزملاء في المدرسة...) ما يُبعدها عن التفكير المتكرّر بموضوع العضو.

التحليل النفسي

من أهم المفاهيم الجديدة التي تكلّم عنها أبو التحليل النفسي «سيجموند فرويد» هو عقدة «أوديب»، ومن خلالها، يحبّ الطفل أمه ويعيش صراعاً داخلياً مع أبيه ثم يتماهى به ويفهم بأنّه يوماً ما سيتزوّج بامراة ولكن ليس بأمه، والعكس صحيح عند الفتيات، وتُسمّى العقدة بعقدة «إليكترا».

فعقدة «أوديب» التي يمرّ بها كل طفل، أكان ذكراً أم أنثى، هي جزءٌ لا يتجزّأ من التحليل النفسي التقليدي. وخلال تطوّر هذه العقدة، تسأل الفتاة الصغيرة العديد من الأسئلة وجميعها تتمحور حول موضوع «القضيب» أو العضو الذكري الظاهر (بينما أعضاؤها غير ظاهرة)، وهذا أيضاً طبيعي جداً بما أنها تقارِن نفسَها مع الصبي أكان ولداً في المدرسة أو أخاها في البيت... ويفسّر التحليل النفسي ذلك بأنّ الأنثى تشعر تجاه الأعضاء الذكورية، بنوع من «عدم المساواة» بينها وبين الصبي.

وبالتالي هذا الشعور بعدم المساواة، ينتقل إلى مرحلةٍ أكبر وهو «حسد القضيب»، أي أنّ الفتاة الصغيرة تشعر بأنها أضعف ومهزومة بسبب خطأ ما إقترفته، أدّى إلى فقدانها للعضو. جميع هذه المشاعر هي غير واعية، ولكن يمكن للفتاة أن تعبّر عنها بطريقة واضحة ومباشرة من خلال الكلمات والجمل أو بطريقة غير مباشرة من خلال تصرّفاتها التي تأخذ منحىً عدوانياً.

وطبعاً هذه النظرية انتقدتها بشدّة الحركاتُ الأنثوية، بين رافضةٍ لها جملةً وتفصيلاً وبين تقبّلها أجزاءَ منها خصوصاً فيما يتعلّق بالإناث وحسدهنّ
اللاواعي من العضو الذكري.
theme::common.loader_icon