... حتّى لا تُمرِّض الممرِّضة المريض
... حتّى لا تُمرِّض الممرِّضة المريض
سابين الحاج
جريدة الجمهورية
Friday, 31-Mar-2017 08:36
لم يُطلق على الممرضين والممرّضات لقب «ملاك الرحمة» صدفةً، بل لأنهم يمارسون مهنة إنسانية تتطلب الكثير من العطاء، والتضحية. تُبنى هذه الوظيفة على العلاقات الشخصية، أي الأخذ بعين الاعتبار شعور الآخر، خصوصاً أنه مريض. وللوقوف عند أصول تصرّف الممرض أو الممرضة تعرض خبيرة الإتيكيت كارمن حجّار رزق في حديث مع «الجمهورية» إتيكيت تعامل الممرّض مع المريض، لافتةً إلى أنّ اعتماد الممرّض لقواعد وأصول الإتيكيت خلال عمله، ليس اختيارياً بل ضرورة.
يجب أن يتحلّى الممرّض أو الممرضة باللباقة، اللياقة، حسن المعاملة، الإحساس بالآخر، احترامه، واحترام وجعه، وطبعاً بالتهذيب. فعلى المُمَرِّض التعامل مع الانسان الموجود داخل المريض والتركيز على نواحيه الجسدية والروحية. يتمتّع الممرِّض الناجح بحماسة واندفاع إلى حدّ كبير، ويحرّكه شغفه للعمل والمساعدة. فدائماً ما يملك طاقات إيجابية يوزّعها على مَن حوله.

الدخول على المريض؟

على الممرضة أن تدق باب غرفة المريض قبل أن تدخلها، وتدخل راسمةً ابتسامةً على وجهها. تحيّي المريض وتناديه باسمه. كلّما تكلّمت معه تردّد اسمه دون أن ترفع الكلفة، فتستخدم قبل الإسم لقب سيد أو سيدة (Monsieur أو Madame)، أمّا إذا كان المريض محامياً مثلاً فتعتمد لقب أستاذ، أو طبيباً فتناديه: «دكتور فُلان»، على سبيل المثال.

تُعرِّف الممرضة دائماً عن نفسها أمام المريض، فتذكر له اسمها، ووظيفتها، ومركزها، لاسيّما أنها ستتعامل معه ليوم أو أكثر. أيضاً يجب أن تُعرِّف بنفسها أمام الأشخاص المرافقين له ومنهم زوجته، أخوه، أبوه... وتتعاطف معهم، فليس المريض وحده التعبان بل أيضاً أهله.

لا «تتلأمن» عليهم أبداً، أو تستخدم أسلوباً فظّاً في التعاطي. وإذا لجأوا إليها ليشكوا لها همومهم تتعاطف معهم وتتعاطى بطريقة إيجابية وتطمئنهم، فهم أيضاً تعبون، وليس المريض وحده. وتؤكد خبيرة الإتيكيت: «كما يكون المريض مريضاً كذلك أهله، هم أيضاً مرضى».

موجود للخدمة

تردّد الممرضة على مسامع المريض أنها موجودة لتساعده وتخفّف من آلامه وأوجاعه، وتؤانس وحدته. أما إذا اشتكى إليها مؤكداً أنه خائف ولا يعرف ماذا به أو بماذا يشعر، فتجيبه: «من الطبيعي أن تخاف لكنّنا هنا لنساعدك». وهي تُحضّره نفسياً على ما سيُقبل عليه، مثلاً: قبل أن تشكّه إبرةً، تقول له: «أنا سأوجعك الآن».

تستمع له باهتمام وتهزّ برأسها وهو يكلمها علامةً على أنها تسمعه، كما تحافظ على تواصل العيون بينها وبين المريض حينما تكلّمه. وتنتبه لصوتها، الذي يجب أن يحمل الحنّية.

تعبير الممرّض للمريض عن اهتمامه به لا يكون لفظياً فقط بل غير لفظي أيضاً من خلال لغة الجسد. فلا تقول الممرّضة للمريض مثلاً، «أنا أهتم بك»، وهي تدير وجهها عنه، وتوحي بلغة جسدها عكس كلامها». فلا يكون الممرض أو الممرضة لا مبالياً أو متعجرفاً أو متعالياً بل يحسّس المريض أنه الشخص الوحيد الموجود في المستشفى.

وحتّى لو كانت الممرّضة تعبة، مثلاً أو مريضة لا تُشرك المريض بتعبها وعجزها ولا تتأفّف من ضغط العمل، إذ يدرك الجيدون من الممرّضين أنّ الشخص الذي قصد المستشفى للعلاج هو التَّعِب، أما هم فيجب أن يكونوا نشيطين ليمدّوه من نشاطهم.

ويحرص الممرّض على راحة المريض، ويُشعره فعلياً بأنه مهتم بوجعه، ويتعاطف معه ما يقوّي ثقة المريض بالممرِّض وبالمستشفى والأطباء. ويردّد الممرّض على مسامع المريض بأنه مستعد لمعاونته أكثر فأكثر. كما يحافظ الممرِّض على الثقة والسرّية في التعاطي، فإذا كانت في المستشفى شخصية مشهورة مثلاً، ممثلة أو فنانة لا يذيع الممرّض خبر تواجدها لباقي المرضى في المستشفى، بل يحتفظ بأسرار المرضى، وعليه أن يحترمهم من القلب.

التعامل مع الإنسان
يحرص الممرّض على التعامل مع المريض على أنه إنسان وليس شيئاً، فيسأله يومياً كيف حاله، وهل نام جيداً خلال الليل، ويعبّر عن اهتمامه به. يحدّثه ويضعه بصورة ما سيجرى له: مثلاً: «انشالله نمت منيح، انشالله مش مزعوج، الآن سنحضرك لنأخذك إلى العملية،...» فالممرّض يتعامل مع جسم وروح وعواطف المريض وأهله، لذا إستخدامه كلمات مثل، «تكرم»، «أهلا وسهلا»، «بالشفا» مهم جداً.

وبالإضافة إلى الابتسامة التي عليه رسمها على وجهه يمكن أن تحضر النكتة. وتوضح حجّار: «صحيح أنّ على الممرّض المحافظة على الحدود مع المريض لكنّ الذي يلجأ إلى حسّ الفكاهة الخفيف لإضحاك المريض أفضل بكثير من الممرض الذي يدخل غرفته عابساً».

مهنة التمريض
وبينما تشدّد خبيرة الإتيكيت على أهمية أن يكون الممرّض متجاوباً ويحمل في قلبه شغف الخدمة، تؤكد أنّ هذا الشغف يسكن الممرضين المتخرّجين حديثاً، ولكنه غالباً ما ينطفئ مع مرور الأيام تحت وطأة ضغوطات حياة الممرّضين الصعبة. وتشير حجّار إلى دور إدارات المستشفيات في هذا الإطار، إذ عليها منح الحوافز للممرضين ومساعدتهم حتّى يخدموا من قلبهم.

وعن ما يواجهه الممرّض يوماً من ظروف صعبة تلفت حجّار إلى أنّ مثله مثل أيّ موظف آخر «عليه أن يترك هموم المرضى على باب المستشفى حين ينتهي دوامه يومياً، فلا يحملها إلى بيته. كذلك لا يُدخل معه إلى المستشفى همومه الشخصية».

في الشّكل
يرتدي الممرّض أو الممرّضة اللباس الأبيض أو الأزرق دلالةً على طهارة ونقاوة المستشفى. ويعلّق اسمه دائماً على يمين بذلته حتّى يتذكّر المريض اسمه. كما يحرص الممرّض على النظافة فيُطهّر يديه قبل دخوله غرفة المريض ولدى خروجه منها.

وهو يتنبّه لأدق التفاصيل في غرفة المريض فيلاحظ فيها ما هو بغير محله، ويهتم بها. ويحرص على عدم وضع العلكة ومضغها أمام المريض وأهله.
theme::common.loader_icon