الأفضليّة للقهوة العادية أو المنزوعة الكافيين؟
الأفضليّة للقهوة العادية أو المنزوعة الكافيين؟
اخبار مباشرة
سينتيا عواد

ماستر في علوم الاعلام والاتصال. مسؤولة عن الملحق الأسبوعي والصفحة اليومية للصحة وغذاء.

جريدة الجمهورية
Thursday, 30-Mar-2017 07:48
تُعتبر القهوة الصديق الوفيّ الذي يُرافق يومياً ملايين الأشخاص حول العالم، خصوصاً خلال أولى ساعات النهار لتعزيز الوعي وإستمداد الطاقة. وإلى جانب الإسبريسو، والكابوتشينو، والأميريكانو... هناك صنفان رئيسان من القهوة: العادية والمنزوعة الكافيين. هل تُدركون فعلاً الفارق بينهما، وأيهما أفضل لصحّة أجسامكم؟
لا شكّ في أنّ القهوة المنزوعة الكافيين (Decaf Coffee) شكّلت حلّاً فعّالاً لكلّ شخص يحبّ مذاق هذا المشروب لكنه يشكو من مشكلة صحّية معيّنة تقف عائقاً أمام حصوله على مصادر الكافيين.

غير أنّ هذا التعريف البسيط الشائع بين الناس يفتقر إلى معلومات كثيرة فائقة الأهمّية يجب تسليط الضوء عليها، خصوصاً أنّ الدراسات التي أُجريت حتى الآن أظهرت أنّ القهوة الخالية من الكافيين تملك خصائص إيجابية كثيرة تتفوّق أحياناً على نظيرتها العادية. فهل يمكن إعتبارها الأفضل؟

لمزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع، أوضحت إختصاصية التغذية، راشيل قسطنطين، بداية حديثها لـ«الجمهورية» أنّ «القهوة المنزوعة الكافيين عبارة عن قهوة عادية مصنوعة من حبوب البنّ المطحونة لكنها تختلف عن نظيرتها العادية بإزالة 97 في المئة على الأقل من محتواها بالكافيين، ما يعني أنها لا تخلو نهائياً من هذه المادة إنما تحتويها بنسبة 3 في المئة تقريباً».

ولفتت إلى «وجود طرق عديدة إستُخدمت منذ القِدم لإزالة الكافيين من حبوب البنّ، حيث تمّ اللجوء أولاً إلى المواد الكيماوية من بينها الـ«Benzene» التي لم تعد تُستعمل بعدما رُبطت بتعزيز الإصابة بالسرطان.

ثمّ إستُعين بالـ«Methylene Chloride» التي سُرعان ما أوقفت بعدما أعلنت إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) أنها مُسرطنة. أمّا حالياً فيتمّ التخلّص من الكافيين عن طريق الـ«Carbon Dioxide» أو المياه بعيداً من الكيماويات».

أبرز مكوّناتها

وعن محتواها الغذائي، قالت قسطنطين إنّ «القهوة الخالية من الكافيين تحتوي مجموعة مواد مضادة للأكسدة على غرار نظيرتها العادية، لكنّ بعض الدراسات وجد أنّ النسبة تكون أقلّ بـ15 في المئة بسبب إزالة الكافيين من حبوب البنّ.

ولعلّ أبرز الأنواع المتوافرة في الشكلين ما يُعرف بالـ»بوليفينول»، وحامض «Hydrocinnamic» الفعّالين في تنظيف الجسم من السموم، والوقاية من الأمراض خصوصاً المرتبطة بالقلب والسرطان والسكري، والحماية من الضرر التأكسدي الناتج عن التدخين والتلوّث».

وإلى جانب مضادات الأكسدة، أشارت إلى أنّ «كل فنجان قهوة منزوعة الكافيين يؤمّن للجسم نحو 2,4 في المئة من الكمية اليومية الموصى بها للماغنيزيوم، و4,8 في المئة من البوتاسيوم، و2,5 في المئة من الفيتامين B3. صحيح أنّ هذه الجرعات قد تبدو ضئيلة، إلّا أنّ المغذّيات المذكورة ضرورية جداً، وعند شرب 2 إلى 3 فناجين يمكن تزويد الجسم بكمية جيّدة منها».

خصائصها الصحّية

وفي ما يخصّ الفوائد الصحّية، أفادت أنّ «غالبية الأبحاث لم تميّز بين القهوة العادية والمنزوعة الكافيين، لكنّ بعضها توصّل إلى نقاط إيجابية صحّية عديدة مشترَكة بين النوعين، أبرزها:

- خفض خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني، بحيث أنّ شرب فنجان واحد يومياً يقلّل إحتمال التعرّض لهذا الداء بنسبة تصل إلى نحو 7 في المئة.

• حماية الخلايا العصبية في الدماغ، والمساعدة على منع تطوّر الأمراض العصبية كالباركنسون والألزهايمر، والفضل يرجع إلى توافر حامض «Chlorogenic» الذي يغلّف الخلايا العصبية ويحصّنها ضدّ أيّ خلل.

• تقليص إنزيمات الكبد التي تُعتبر مؤشراً لوجود الإلتهابات، وتعرّض الكبد للتلف. يعني ذلك أنّ القهوة تحمي من خطر الإصابة بسرطان الكبد.

• تقليص خطر معاناة سرطان البروستات، إذ توصّل بحث أخير أجرته جامعة «هارفارد» إلى أنّ إحتساء نحو 6 فناجين قهوة يومياً يخفّض إحتمال التعرّض لسرطان البروستات بنسبة 18 في المئة.

• الوقاية من أنواع عديدة من السرطان خصوصاً الجلد، بحيث إنّ إستهلاك القهوة بإنتظام يقلّص هذا الخطر بنسبة 9 في المئة عند الرجال، و20 في المئة عند النساء.

ماذا عن أمراض القلب والكولسترول؟

علّقت خبيرة التغذية أنّ «القهوة تُعتبر عموماً مفيدة للقلب، لكنّ الكافيين تملك عادةً آثاراً جانبية على هذا العضو الحيوي والأوعية الدموية، خصوصاً عند المبالغة في الكمية المستهلكة، لذلك تُعتبر القهوة الخالية من هذه المادة الأقلّ ضرراً. توصّلت الأبحاث إلى أنّ الأشخاص الذين يستهلكون القهوة المنزوعة الكافيين ينخفض لديهم إحتمال الإصابة بأمراض القلب بنسبة 25 في المئة».

وتابعت حديثها: «من جهة أخرى، بيّنت دراسة أميركية أخيرة أنّ القهوة المنزوعة الكافيين ترفع مستويات الدهون والكولسترول السيّئ في الدم (LDL) مقارنةً بالعادية. وفي التفاصيل، رصد العلماء زيادة في الدهون بنسبة 18 في المئة عند الأشخاص الذين يفضّلون القهوة المنزوعة الكافيين مقارنةً بنظرائهم الذين يشربون القهوة العادية، وأيضاً في البروتين المرتبط بالكولسترول السيّئ بنسبة 8 في المئة.

يُرجّح أنّ السبب يعود إلى أنّ القهوة الخالية من الكافيين عبارة عن حبوب بنّ غنيّة بالنكهة تحتوي عادةً نسبة عالية من الزيوت للتعويض عن مكوّناتها الطبيعية التي تخسرها أثناء إعدادها. لكن بالتأكيد يجب إجراء مزيد من التحاليل للتأكّد من صحّة هذه النتيجة».

مَن الرابح والمُستفيد؟

كشفت قسطنطين أنّ «كمية الكافيين المتوافرة في القهوة الخالية من هذه المادة تبقى كافية لرفع المزاج، وتعزيز الطاقة، واليقظة، والتركيز. وبالتالي يمكن الإستمتاع بهذا المشروب بعيداً من إدمان الكافيين ومساوئها التي تشمل الأرق، والقلق، وتسارع دقات القلب، والحرقة، وإرتجاع المريء، وإنخفاض معدل إمتصاص العناصر الغذائية كالحديد، وترقق العظام، وأوجاع المفاصل. لكن من جهة أخرى، عند الإفراط في عدد فناجين القهوة المنزوعة الكافيين، يمكن إختبار هذه الآثار السلبية تماماً كالقهوة العادية.

لذلك يجب الإعتدال في الكمية، بحيث إنّ 400 ملغ من الكافيين في اليوم هي الجرعة التي يجب عدم تخطّيها، وبالتأكيد ذلك يختلف وفق وزن الجسم، علماً أنّ هذه الكمية لا تأتي فقط من القهوة، إنما تشمل أيضاً المصادر الأخرى كالشاي، والشوكولا، والمشروبات الغازية».

وشرحت أنّ «الأشخاص الذين يستفيدون من القهوة المنزوعة الكافيين، الحوامل، لأنّ هذه المادة تنعكس سلباً على الجنين وقد تسبب الإجهاض والولادة المُبكرة، وعلى المراهقين خصوصاً الذين يعانون الأرق وإضطرابات النوم، والأشخاص الذين يشكون من عسر الهضم، والحرقة، ومشكلات في القلب كعدم إنتظام دقاته، والمرضى الذين يأخذون أدوية تتفاعل مع الكافيين».

وختاماً، أكّدت أنّ «بالنسبة إلى الأشخاص الذين لا يواجهون أيّ مشكلة مع الكافيين، يجب أولاً مراقبة معدل إستهلاكهم هذه المادة يومياً. في حال الإكتفاء بفنجان إلى 3 فناجين، الأمر لن ينعكس سلباً على صحّتهم.

أمّا عند تخطّي هذه الكمية والخلط بين مختلف أنواع القهوة، جنباً إلى إستهلاك الصودا، والشوكولا، ومصادر الكافيين الأخرى، أوصيهم باللجوء إلى القهوة المنزوعة الكافيين تفادياً للإدمان، خصوصاً أنّ نكهتها ومنافعها مُشابهة تماماً».
theme::common.loader_icon