سيمثّل الفنان التشكيلي والمؤلف الموسيقي زاد ملتقى لبنان في مهرجان البندقية الدولي La Biennale de Venise، العام المقبل، بعمل فنّي يحمل إسم «ساكروم» Sacrum. في معرض الكتاب الفرنكوفوني في البيال، عقد ملتقى لقاء شرح فيه مميزات هذا العمل. فهو، كما قال، إن في شكله أو في رمزيته، مزدوج الأبعاد. يجمع خصائص المنحوتة الورقية التي تذكّر بالمغاور والأعماق الدفينة، ترافقها منظومة موسيقية تعيد باللحن والتقليد إحياء أصوات الطبيعة، وتحمل على التأمّل والروحانية. أمّا المعنى الذي يسعى ملتقى إلى تجسيده، بالرمز والفعل، في هذا العمل المرتقب، فهو ضرورة عودة الإنسان إلى أعماق نفسه الشبيهة بالمغارة الطبيعية، ليجدّد ذاته من الداخل، ويرتقي بعلاقته مع الطبيعة إلى مستويات الإحترام والاتحاد، هو الذي بلغ في العصر الحديث دركاً مادياً خطيراً يكاد يقضي على مقوّمات عيشه وبقائه، ويهدّد مصير الكائنات والأرض. وشدّد ملتقى على أنّ هذه العودة الى الذات تساهم في إعادة التكامل بين الذاتين الإنسانية والطبيعية، كما كانت الحال عليه في أزمنة غابرة، درجَ الإنسان فيها على اعتبار نفسه جزءاً من الطبيعة، لا قيّماً عليها أو سيّداً لها ومحتكراً لثرواتها. فهذا الاستغلال المادي الذي بلغ أوجه اليوم، كما قال ملتقى، أدّى بالإنسان إلى تخريب موطنه، وبالتالي إلى خسارة إنسانيته وتدمير نفسه. 

 

وأشار ملتقى إلى أنه استوحى فكرة مشروعه من مغارتي جعيتا في لبنان وشوفيه في فرنسا: هناك، رصدَ عمق التأثير الذي يتركه هذان المكانان على النفس والفكر، فرغب بنقل هذا الشعور العارم من خلال «ساكروم». إنّ هذا التعبير، كما أوضح ملتقى، يشير إلى إحدى مكوّنات الهيكل العظمي البشري التي حمّلها الأقدمون رمزية روحانية بما أنها آخر الأجزاء المتحللة في جثة الميت، ويعني أيضاً «الشيء المقدّس».