«يا ليل يا عين» على كلوتيلد كورو وزياد الأحمدية
«يا ليل يا عين» على كلوتيلد كورو وزياد الأحمدية
راكيل عتيِّق
جريدة الجمهورية
Tuesday, 01-Mar-2016 00:19
بطبيعته البشرية، يميل الانسان إلى «التقوقع» داخل مجموعات معيّنة، وحتى موسيقاه لم تسلم من التصنيفات المُحدّدة بين شرقي وغربي أفقياً، ومن التعليبات غير المحدودة عمودياً داخل كلا النوعين. والقراءة الموسيقية في افتتاح شهر الفرنكوفونية كسرت التصنيفات من خلال الاختلاط والدمج والتماذج من دون قيود أو قواعد، مقدّمةً أجمل وَصفة «شَجن».
نظّم المعهد الفرنسي في لبنان، بالتعاون مع الوكالة الجامعية للفرنكوفونية، أمسية أعِدّت خصّيصاً لافتتاح شهر الفرنكوفونية في لبنان، جمعت الممثلة الفرنسية كلوتيلد كورو وعازف العود اللبناني الموسيقي زياد الأحمدية بقراءة موسيقية من كتاب الفنّانة التشكيلية اللبنانية لميا زيادة، « O Nuit, O Mes Yeux يا ليل يا عين».

نغمة واحدة

إفتُتح شهر الفرنكوفونية 2016، عند السابعة من مساء الجمعة في المعهد الفرنسي في بيروت، بحضور وزير الثقافة روني عريجي والسفير الفرنسي في لبنان إيمانويل بون وسفراء الدول الفرنكوفونية وعدد من المهتمّين.

بعد الكلمات التي ألقِيت، بدأت نشاطات الشهر الفرنكوفوني الذي يُقام تحت عنوان «اللغة الفرنسية موسيقياً» بقراءة موسيقية لكلّ من كلوتيلد كورو وزياد الأحمديّة عند الثامنة مساءً في صالة «Montaigne» في المعهد.

بأداءٍ تمثيلي مُتقن صوتاً وشكلاً، قرأت كلوتيلد كورو من كتاب لميا زيادة باللغة الفرنسية، الذي يؤرّخ لسيَر نجوم شرقيين من العصر الذهبي وينقل صوَرهم عبر رسومات بـ»الغواش».

وبصوتٍ مُطعّم بشجن شرقي، متماهياً مع النصوص المقروءة حزناً أو فرحاً، سخرية أو تعجّباً، غضباً أو رضوخاً... قرأت كلوتيلد كورو عن أسمهان وأم كلثوم وفيروز، بتناغم مع ريشة زياد الأحمدية.

بَطلة الأمسية كانت «نغمة»، نغمة واحدة تأرجحت بين أوتار عود الأحمدية وأوتار صوت كورو. يعزف الأحمدية فيصمت صوت كورو، ليعود ويعلو فترتاح أنامل الأحمدية، ومن ثم يندمجا مجدداً، وتظهر وراءهما صوَر تعبّر عن النصوص المقروءة.

خلطة سلام

شارك زياد الأحمدية بصوته في هذه الخلطة الأدبية الفنية الشعرية الموسيقية، الشرقية الغربية، والطربية الكلاسيكية. فهل يمكن التحدّث عن أم كلثوم وأعلام مصر من دون غناء «بلادي يا بلادي»؟ وكيف يمكن ذِكر اسم أسمهان من دون دَندنة «يا حبيبي الحقني تعال شوف اللي جَرالي».
وهل من المقبول اختتام القراءة عن فيروز في «قلب» لبنان وعدم غناء «بحبك يا لبنان»؟

لساعة كاملة سيطر الهدوء والصمت في صالة «مونتانيي» الممتلئة، ليس هناك من تصوير، أو استخدام للهواتف الذكية، أو تصفيق إلّا في ختام الأمسية. ليس هناك من صراخ أو ضجيج، هناك فقط طمأنينة واسترخاء. إستسلمَ الجميع لهذه الخلطة التي أنتجَت سلاماً روحياً وراحة نفسية. عسى أن يُعمّم هذا النوع الفنّي الراقي المتعالي عن الصخب بشكلٍ أوسع في لبنان، حيث الحاجة مُلحّة للصفاء والهدوء.
theme::common.loader_icon