الاختلاف بين الرجل والمرأة
الاختلاف بين الرجل والمرأة
ساسيليا دومط
جريدة الجمهورية
Friday, 19-Feb-2016 00:05
تحمل الأمّ ابنَها الرضيع، تحضّر طعامَ الغداء، تجيب على الهاتف، تردّ التّحية لجارتها على الشرفة المقابلة، وبَعد... أمّا الرَجل، فتثور ثائرته إذا كلّمه أحد الأولاد وهو يقرَأ الجريدة. كيف نفسّر ذلك؟ هل المرأة أذكى من الرجل؟ أم أنّ ذلك يعود إلى طريقة التنشئة؟ لماذا تخون المرأة بينما يقوم الرَجل بمغامرات جنسيّة؟ لماذا يَحمل بعض الرجال مظاهرَ أنثويّة، وتسترجل بعض النساء؟
الفارقُ واضح بين الجنسَين من ناحية الشكل الخارجي. اللحى، خشونة الصوت، كثافة الشعر، وغيرها... لدى الرجل، أمّا المرأة فتتميّز بالنعومة وبتكوينها الجسدي الذي يمكّنها من الحَمل والولادة...

يحاول البعض ردَّ الفرق بين الرجل والمرأة إلى الاختلاف الفيزيولوجي الظاهر، ويربطون التمايز في ميول وتصرّفات كلّ منهما في الحياة اليوميّة بالتنشئة والمجتمع.

بدايةً، لا علاقة للاختلاف بين الجنسَين بمستوى الذكاء، فلا أفضليّة لأحدهما على الآخر، وإنّما يعود الاختلاف بينهما إلى التكوين الدماغي وأكثريّة الهورمونات الذكوريّة والأنثويّة. فدماغاهما يعملان بطريقة مختلفة.

كما أنّه لا يمكننا نفيُ تأثير التنشئة والبيئة الحاضنة في شخصيّة الإنسان وميوله ومجمل مراحل حياته. إلّا أنّنا سوف ندرس الدور الذي يؤدّيه الدماغ وهورمونات الذكورة والأنوثة في ذلك.

الدماغ

المناطق الدماغيّة المسؤولة عن المهارات والقدرات والطِباع الخاصّة بكلا الجنسين، شبيهة بغرَف شِبه معزولة عن بعضها لدى الرَجل، ومترابطة بتشعّبات عصبيّة لدى المرأة. فنرى الرجلَ أحاديَّ المسار، لا إمكانيّة لديه للقيام بأكثر من عمل واحد في الوقت نفسه. هناك انفصال لديه بين منطقة العاطفة ومنطقة المنطق، يهتمّ بالإنجاز، كما تهمّه الأشياء أكثر من الأشخاص.

أمّا المرأة فيمكّنها دماغُها من الربط بين العاطفة والحبّ والمنطق. يَعمل دماغها كوحدة متداخلة، تهتمّ للأشخاص أكثر من الأشياء، ولديها قدرة للتعبير عن العواطف والمشاعر بالكلام. وهي متعدّدة المسارات، فتقوم بعدّة أعمال في آنٍ واحد، وببراعة، مستخدمةً العديد من حواسها لإنجاز ذلك.

الهورمونات

تؤدّي أكثريّة الهورمونات دوراً هامّاً في قدرات كِلا الجنسين وميولهما، كما في المهارات والسلوك في الحياة اليوميّة.
الأنوثة والذكورة هما، في جزء كبير من كلّ منهما، نتيجةٌ للتوازن الهورموني، ويمكن أن يختلفا في الدرجة إذا اختلّ هذا التوازن.

تستوستيرون

هو هورمون الذكورة والرجولة والرغبة الجنسيّة، إلّا أنّه موجود أيضاً لدى المرأة بنِسبٍ أضعف من الرجل. هو مسؤول عن الميل إلى الرياسة والزعامة، والنزعة للسلطة والعنف والمنافسة، كالانخراط في الحروب واستعمال الأسلحة. كذلك، يَدفع هذا الهورمون بالرجل إلى الإنجاز، فيذهب مباشرةً إلى هدفه، يحقّقه، ثمّ ينتقل إلى هدف آخر. بفِعل هذا الهورمون لا يهتمّ الرَجل بالتفاصيل، ولا قدرةَ لديه على الإصغاء والكلام الوفير.

إستروجين وبروجستيرون

هذان الهرمونان يميّزان المرأة بالتعاطف والحنان، ويمنحانها قدرةً على الاهتمام بالتفاصيل، وعلى الكلام والإصغاء، كما يدفعانها إلى الاهتمام بجمالها ولفتِ النظر.

كيف ينعكس الاختلاف الدماغي والهورموني بين الرجل والمرأة على الحياة اليوميّة؟

القدرات

تتأثّر قدرات ومهارات الرجل والمرأة بأكثريّة الهورمونات وتكوين دماغ كلّ منهما. ونرى غالباً الرجال يحتلّون مراكز السلطة، وليس صدفةً أنّ أكثريّة الزعماء والسياسيّين هم من الرجال.

الحبّ والجنس

إنّ منطقة الجنس في دماغ الرجل تفوق بحجمها المنطقة ذاتها لدى المرأة، ما يفسّر بالإضافة إلى انفصال الحبّ عن الجنس لديه، تعدّدَ علاقاته الجنسيّة، وميلَه إلى مشاهدة الأفلام والصوَر الإباحية، والعري. فالإثارة الجنسيّة لدى الرجل تتمّ عبر حاسّة النظر.

أمّا المرأة فتُثار مشاعرها عبر حاسّة اللمس والسمع. الخيانة الزوجية بالنسبة للرجل مغامرة عابرة، أمّا بالنسبة للمرأة فتدلّ إجمالاً على أنّها وقعَت بحب رجل آخر، ما يشكّل خطراً على زواجها. تحبّ المرأة القيامَ بعلاقة جنسيّة مع الرجل الذي تحبّ، أمّا الرجل فيحبّ القيام بعلاقة جنسيّة بغَضّ النظر عن عاطفته.

المهنة

إنّ طبيعة المرأة المتعاطفة، لا تدفَعها إلى المنافسة للوصول إلى مركز معيّن. هي تبرَع في التعليم والتمريض، حيث تؤمّن الدعمَ المعنوي، والعطف. وليس صدفةً أنّ أكثريّة المحلّلين والمعالجين النفسيّين هم من النساء. بينما يبرَع الرجال في الحساب.

الأولويّات

يَميل الرجل بطبيعته إلى الإنجاز من خلال تحقيق أهدافه، ويشكّل العمل الأولويّة في حياته. فإذا نجح في عمله، حملَ الراحة إلى منزله. أمّا المرأة، فأولويّتها عائلتها والرجلُ الذي تحبّ، وتعكس سعادتها العائليّة على مكان عملها وأصدقائها، وإذا حزنَت في الحياة الخاصّة انعكسَ ذلك على الجميع من حولها.

الحوار والضغوطات الحياتية

للمرأة قدرةٌ على الكلام والإصغاء، تفوق بدرجات قدرةَ الرجل. هي تميل إلى الشكوى، وإخبار شريكها بمعاناتها ومشاكلها، أمّا كلّ ما هي بحاجة إليه فهو أن تشعر بأنّه يَدعمها، ويحسّ بمعاناتها. بينما الرجل، صاحبُ الإنجازات، يذهب إلى الحلول لِما تحاول إخبارَه به. كي تتوقّف عن إخباره عن مدى تعبِها في الأعمال المنزليّة، يؤمّن لها عاملة منزل، لكنّها لا تريد حلولاً، هي بحاجة للدعم والحنان، وذلك ليس من صفات الرجل.

الراحة آخِر النهار

غالباً ما تسبّب طريقة الراحة في آخِر النهار مشكلةً بين الرجل والمرأة، فالطريقة المثلى للرجل هي في الجلوس أمام التلفزيون، متابعة الأخبار أو المباراة الرياضيّة. أمّا المرأة، فلا تحتاج إلّا للكلام عن أحداث النهار، والغوصِ في التفاصيل، وهو لا يَستمع لها، ويَشعر بالضجيج والانزعاج: «بلّش النَّأ»، وتتّهمه هي بالإهمال وعدم الحبّ.

يؤدّي موضوع اختلاف التّكوين الدماغي والهورموني بين الرجل والمرأة إلى مشاكل علائقيّة جدّية بينهما، قد ينتج عنها صراعات تصل إلى الطلاق في حال عدم قدرتهما على فهم واستيعاب هذا الاختلاف، وعدم اعتباره جاذباً، تكامليّاً، وبنّاء.

العلاقة زوجيّة ناجحة، لا بدّ من:

أ- فهم الخصائص الجنسويّة واحترام كوننا كائنَين مختلفين.
ب- عدم الانعكاس على الآخر من خلال اعتباره امتداداً لنا.
ج- التخفيف من سقف التوقّعات، فكلٌّ يتصرّف بحسب ميوله وطباعه والبيئة التي نشَأ فيها، وهو «لم يوجد في حياتي لينفّذ رغباتي».


لا أفضليّة بين الرجل والمرأة، كما أنّ المطالبة بالمساواة أمرٌ غير منطقي. وإلّا فأيّ مقياس نعتمد؟ ومركز الدوافع والميول والسلوكيّات لدى الجنسَين مختلف تماماً.
theme::common.loader_icon