مسيرة فيصل أرسلان... «إغتيال سياسي» في الحرب والسلم
مسيرة فيصل أرسلان... «إغتيال سياسي» في الحرب والسلم
اخبار مباشرة
مي الصايغ
كاتبة ومحررة شؤون عربية ودولية
التحصيل العلمي: دبلوم علاقات دولية ودبلوماسية -إجازة في العلوم السياسية والادارية
رفض الأمير الراحل فيصل أرسلان المشارَكة في الحرب اللبنانية رغمَ كلّ الإغراءات التي قُدّمت له من جهات محليّة وإقليمية. رفضٌ، دفع ثمنه إقصاءً سياسيّاً واستبعاداً من أيّ مركز أو دَور في الحياة السياسية، ومحاولة اغتيال فاشلة في 2 شباط 1983. وعلى رغم العتب الذي حمله في قلبه حتى الرمق الأخير في 19 كانون الثاني عام 2009، كان يفاخر أمام أنصاره بأنّ ضميره مرتاحٌ كونه لم يتسبّب بإراقة نقطة دم لتحقيق مصالح سياسية ضيقة، وبقي وفياً لنهج والده بطل الإستقلال الأمير مجيد أرسلان، صاحب المقولة الشهيرة، «بعمري ما ركعت إلّا لعلم لبنان».
تسعى الأميرة حياة أرسلان من خلال كتاب «الأمير فيصل مجيد أرسلان ...اعتنق الوطن مذهباً»، والذي وقّعته في حفلِ استقبالٍ في متحف الأمير فيصل أرسلان في عاليه أمس الأوّل، إلى نقل نمط في الفكر والسلوك في الحياة العامة في لبنان.
كتابٌ هو شهادة حيّة أرادتها الزوجة لإنصاف رفيق دربها الذي لم ينل حقّه في زمنَيْ الحرب والسلم، ولكي يتعلّم الجيلُ الجديد من التاريخ عدمَ الاحتماء بالخارج وتغليب مصالح الآخرين على حساب لبنان.
تُعيدنا الأميرة حياة في سيرة فيصل الى محطّات مفصليّة في تاريخ لبنان الحديث، وفي مقدّمتها الانتخابات الرئاسية عام 1976 التي أوصلت الياس سركيس إلى سدّة الرئاسة، والتي جرت على وقع حربٍ أهليّة ضارية.
حربٌ أهليّة لبنانية دخل على خطّها لاعبون فلسطينيون وسوريون وإسرائيليون، وغذّتها الحربُ بالواسطة بين أميركا والاتحاد السوفياتي، وتخلّلها قتالٌ مرير بين الفصائل الفلسطينية، والجيش السوري، واجتياح إسرائيلي في 6 حزيران 1982، ودخول الجيش الإسرائيلي الى الجبل وقيامه بحملة تصفية للفلسطينيين، وتغلغل القوات اللبنانية في الجبل.
ففي 30 حزيران 1982، زار فيصل الجبهة اللبنانية للتحذير من تفاقم الوضع في الجبل بسبب تصرفات القوات اللبنانية، مطالِباً بانسحاب القوى المسلّحة غير الشرعية من الجبل، وانتشار الجيش. وقد سُجلَّ في تلك الحقبة لفيصل إنقاذه لحياة عدد من المسيحيين وحمايتهم من الخطف.
انتخابُ بشير الجميل رئيساً للجمهورية في 6 أيلول 1982 أشعر فيصل أنّ الامور متّجهة نحو إعادة اللحمة بين الدروز والمسيحيين، فزحفت عاليه والشوف والمتن الى بكفيا برئاسة فيصل لتهنئة الرئيس المُنقذ. حينها نُعِت فيصل بأبشع النعوت إذ كان موقفه مناقضاً لموقف الأكثرية في الطائفة الدرزية. وكان الاغتيالُ الجسدي لبشير، بمثابة اغتيال سياسيّ لفيصل.
وفي 17 أيلول، زار الشيخ أمين الأمير مجيد مُرشَحاً، فأيّدت كتلة الأخير انتخابَه في 22 ايلول 1982، مثلما أيّدت انتخابَ بشير قبله.
عتب الأرسلانيون الذين كانوا مؤيّدين للعهد من دون غطاءٍ أمني شرعيّ على أمين الجميل، لأنّه لم يوزّر فيصل أو أحداً منهم.
محطات انسحاب الجيش الإسرائيلي وحرب الجبل وانتفاضة 6 شباط وسقوط سوق الغرب، تستعيدها حياة واضطرارهم إلى المغادرة إلى قبرص حين قامت حركة أمل بانتفاضة ضدّ الحكم في شباط 1984، وطوّق بعض عناصرها قصرهم في ظهر الوحش. عاد فيصل، الذي سبق والبس عباءة الزعامة، عام 1987 ليتفاجأ بتعاون النائب وليد جنبلاط مع الأمير طلال لمنع فيصل من حضور الذكرى الأولى للأمير مجيد في خلدة ومن عقد مؤتمر صحافي لشرح ما حصل. وسعى جنبلاط الى تغليب تيار الأميرة خولا أرسلان، زوجة الأمير مجيد وابنها طلال.
كان فيصل يعتبر أنّ انتفاضة 6 شباط حضّرت لعودة الجيش السوري الى بيروت الغربية عام 1987، كما تسبّب الاقتتال بين ميشال عون وسمير جعجع بعودة الجيش السوري الى الأشرفية، بعد أن كان انسحب إلى البقاع عام 1982 إبّان الاجتياح الاسرائيلي.
في حكومة ميشال عون 1988 طُرح اسم فيصل ليكون أحد اعضاء الحكومة، لكنّه اعتذر.
في زمن السلم، تمّ بعد إقرار اتفاق الطائف تعيين نواب بدل المتوفّين، كان من الطبيعي أن يُعيّن فيصل، لكنّ السوريين اختاروا الأمير طلال، الأخ الأصغر لفيصل. في دورتَي 1992 و1996 ترشّح فيصل ولم يُوفَّق في الانتخابات النيابية.
في عام 2000 انسحب بهدوء من الحياة السياسية ولم يترشح، قائلاً «يكفيني إنّها ارادة الناس... أنا مع السلم ووحدة وتماسك الوطن، ويبدو أنّها أمور لم يحن أوانها».
وما أشبه اليوم بالأمس، فالمتحاربون الذين تبادلوا الاتهامات بإشعال الفتن كانوا أدوات لحروب الآخرين على أرض لبنان. فالحرب الحقيقية كانت بين إسرائيل وأميركا من جهة، وروسيا وسوريا من جهة أخرى. وها نحن اليوم في 2016 نعيش تناقضاً يكاد يصل الى الاقتتال بين سنّة وشيعة لبنان، اللذين ينخرطان في محورَي السعودية وإيران.
غاب فيصل ولم يتخيّل يوماً أنّ هذا الوطن لا يقوى على انتخابِ رئيس، وطنٌ تتكدّس في شوارعه النفايات، وباتت فيه العدالة استنسابية، تختم الأميرة حياة.
كتابٌ هو شهادة حيّة أرادتها الزوجة لإنصاف رفيق دربها الذي لم ينل حقّه في زمنَيْ الحرب والسلم، ولكي يتعلّم الجيلُ الجديد من التاريخ عدمَ الاحتماء بالخارج وتغليب مصالح الآخرين على حساب لبنان.
تُعيدنا الأميرة حياة في سيرة فيصل الى محطّات مفصليّة في تاريخ لبنان الحديث، وفي مقدّمتها الانتخابات الرئاسية عام 1976 التي أوصلت الياس سركيس إلى سدّة الرئاسة، والتي جرت على وقع حربٍ أهليّة ضارية.
حربٌ أهليّة لبنانية دخل على خطّها لاعبون فلسطينيون وسوريون وإسرائيليون، وغذّتها الحربُ بالواسطة بين أميركا والاتحاد السوفياتي، وتخلّلها قتالٌ مرير بين الفصائل الفلسطينية، والجيش السوري، واجتياح إسرائيلي في 6 حزيران 1982، ودخول الجيش الإسرائيلي الى الجبل وقيامه بحملة تصفية للفلسطينيين، وتغلغل القوات اللبنانية في الجبل.
ففي 30 حزيران 1982، زار فيصل الجبهة اللبنانية للتحذير من تفاقم الوضع في الجبل بسبب تصرفات القوات اللبنانية، مطالِباً بانسحاب القوى المسلّحة غير الشرعية من الجبل، وانتشار الجيش. وقد سُجلَّ في تلك الحقبة لفيصل إنقاذه لحياة عدد من المسيحيين وحمايتهم من الخطف.
انتخابُ بشير الجميل رئيساً للجمهورية في 6 أيلول 1982 أشعر فيصل أنّ الامور متّجهة نحو إعادة اللحمة بين الدروز والمسيحيين، فزحفت عاليه والشوف والمتن الى بكفيا برئاسة فيصل لتهنئة الرئيس المُنقذ. حينها نُعِت فيصل بأبشع النعوت إذ كان موقفه مناقضاً لموقف الأكثرية في الطائفة الدرزية. وكان الاغتيالُ الجسدي لبشير، بمثابة اغتيال سياسيّ لفيصل.
وفي 17 أيلول، زار الشيخ أمين الأمير مجيد مُرشَحاً، فأيّدت كتلة الأخير انتخابَه في 22 ايلول 1982، مثلما أيّدت انتخابَ بشير قبله.
عتب الأرسلانيون الذين كانوا مؤيّدين للعهد من دون غطاءٍ أمني شرعيّ على أمين الجميل، لأنّه لم يوزّر فيصل أو أحداً منهم.
محطات انسحاب الجيش الإسرائيلي وحرب الجبل وانتفاضة 6 شباط وسقوط سوق الغرب، تستعيدها حياة واضطرارهم إلى المغادرة إلى قبرص حين قامت حركة أمل بانتفاضة ضدّ الحكم في شباط 1984، وطوّق بعض عناصرها قصرهم في ظهر الوحش. عاد فيصل، الذي سبق والبس عباءة الزعامة، عام 1987 ليتفاجأ بتعاون النائب وليد جنبلاط مع الأمير طلال لمنع فيصل من حضور الذكرى الأولى للأمير مجيد في خلدة ومن عقد مؤتمر صحافي لشرح ما حصل. وسعى جنبلاط الى تغليب تيار الأميرة خولا أرسلان، زوجة الأمير مجيد وابنها طلال.
كان فيصل يعتبر أنّ انتفاضة 6 شباط حضّرت لعودة الجيش السوري الى بيروت الغربية عام 1987، كما تسبّب الاقتتال بين ميشال عون وسمير جعجع بعودة الجيش السوري الى الأشرفية، بعد أن كان انسحب إلى البقاع عام 1982 إبّان الاجتياح الاسرائيلي.
في حكومة ميشال عون 1988 طُرح اسم فيصل ليكون أحد اعضاء الحكومة، لكنّه اعتذر.
في زمن السلم، تمّ بعد إقرار اتفاق الطائف تعيين نواب بدل المتوفّين، كان من الطبيعي أن يُعيّن فيصل، لكنّ السوريين اختاروا الأمير طلال، الأخ الأصغر لفيصل. في دورتَي 1992 و1996 ترشّح فيصل ولم يُوفَّق في الانتخابات النيابية.
في عام 2000 انسحب بهدوء من الحياة السياسية ولم يترشح، قائلاً «يكفيني إنّها ارادة الناس... أنا مع السلم ووحدة وتماسك الوطن، ويبدو أنّها أمور لم يحن أوانها».
وما أشبه اليوم بالأمس، فالمتحاربون الذين تبادلوا الاتهامات بإشعال الفتن كانوا أدوات لحروب الآخرين على أرض لبنان. فالحرب الحقيقية كانت بين إسرائيل وأميركا من جهة، وروسيا وسوريا من جهة أخرى. وها نحن اليوم في 2016 نعيش تناقضاً يكاد يصل الى الاقتتال بين سنّة وشيعة لبنان، اللذين ينخرطان في محورَي السعودية وإيران.
غاب فيصل ولم يتخيّل يوماً أنّ هذا الوطن لا يقوى على انتخابِ رئيس، وطنٌ تتكدّس في شوارعه النفايات، وباتت فيه العدالة استنسابية، تختم الأميرة حياة.
الأكثر قراءة
الأكثر قراءة
07:46
الحرب مؤجّلة حتى الربيع
1
07:43
فخٌ إسرائيلي محفوف بالمخاطر
2
07:35
المسيحيّون في لبنان: هواجس سياسية بجذور لاهوتية
3
11:54
30 باصًا.. هبة قطرية للبنان
4
09:01
مصدرٌ رفيع لـ"الجمهورية": مستعدّون للوصول إلى تفاهم أمنيّ مع إسرائيل
5
07:39
آلية إنقاذ الأرواح والممتلكات... «الميكانيزم» نموذجاً
6
06:36
مانشيت "الجمهورية": إشارات خارجية تقلّل من احتمالات الحرب... عون: يبثون الشائعات لأسباب سياسية
7
09:44
إليكم جديد أسعار المحروقات...
8