لا شكّ في أن حفل إليسا ليل الجمعة 24 آب يختلف كثيراً عن حفلاتها السابقة، فقد أثبتت فيه صاحبة "تصدّق بمين" أنها ليست فقط صاحبة القاعدة الجماهيرية الواسعة والاختيارات اللحنية والشعرية الموفّقة فحسب، إنما أيضاً صاحبة الصوت المثقّف القادر على اجتياز جدران الاستوديو وكسب رهان الأداء الحي من دون مساعدات "تقنية"، كيف لا وقد اختارت بجرأة كبيرة أن تستهلّ حفلها مع أغنية "لبيروت" لأسطورة الغناء اللبناني السيّدة فيروز.

هكذا وجّهت إليسا تحيّة للمدينة التي استفاق ليلها على نشاط فني كادت الأحداث الأمنية الأخيرة أن تحرمه منه، وهو المعتاد على الحياة والسهر. ومع إليسا كانت السهرة فريدة من نوعها، وقد جاءت بمثابة رد حاسم على الوشوشات و"التلطيشات" التي كانت تسري في كواليس الصحافة الفنية، معتبرة ان ابنة دير الأحمر فنانة استوديو غير قادرة على الغناء الـ live من دون نشاز. فجاء رد إليسا من خلال هذا الحفل الذي اختارت فيه أغنيات صعبة نسبياً، وبرهنت أنّ صوتها هو أحد أهم مفاتيحها إلى قلوب آلاف المعجبين...

المدرّجات بدأت تفقد زرقة مقاعدها منذ الساعة الثامنة، وتمتلأ تدريجياً بمن جاؤوا يعبّرون عن وفائهم للفنانة المحبوبة، وبآخرين أتوا تعبيراً عن إرادة في الحياة والاستمرار. من بين هؤلاء كان لافتاً حضور النجم وائل كفوري والمخرج سيمون أسمر والنجمين جوزيف عطيّة وزياد برجي الذين حيّتهم إليسا بحرارة.

وأمام جمهور من مختلف الفئات العمرية، وقفت إليسا بفستان ذهبي من تصميم "دولتشي اند غابانا" كحورية مسكوبة من ذهب، واستعادت إحدى أجمل أغنيات الفنانة الراحلة داليدا "كلمة حلوة وكلمتين" ترافقها صور للديفا الشقيّة تستعرضها شاشة عملاقة يدوزن إيقاعها المخرج باسم كريستو.

من بعدها كانت محطّات غنائية متنوّعة مع: "ما بدَّك نبقى حبايب"، "لو فيِّ"، "حَ يلِف ويرجعلي"، ثم "نسّم علينا الهوا" للسيدة فيروز" تلتها أغنية "سلّملي عليه" وبعدها "أواخر الشِتا" و"كرهتَك أنا" من ألحان زياد برجي الذي لبّى دعوة إليسا لمشاركتها الغناء على المسرح، ليأتي بعدها ختام القسم الأوّل من الحفل مع أغنية "حاسِس فيك".

وبعد استراحة قصيرة، كانت العودة مفاجأة مع "إليسا أخرى" تشبه تلك التي تظهر على غلاف ألبومها الأخير "أسعد واحدة" ولكنها ليست هي... ليكتشف الجمهور أن الكوميدي المبدع باسم فغالي تقمّص شخصيتها ووزّع اللطشات على بعض الحضور، لا سيّما طبيب التجميل نادر صعب والمخرج سيمون أسمر والنجم وائل كفوري.

وبعد أن غنّى باسم مقطعاً من "لولا الملامة" وشاركته فيه إليسا، واصلت وحدها غناء رائعة الراحلة وردة الجزائرية قبل أن تشعل حماسة الجماهير بغناء أغنية ألبومها "أسعد واحدة" مرتدية فستانا أبيض من تصميم Marchesa، اعتمدته في الجزء الثاني من الحفل وبَدت فيه كالفراشة التي تحلّق بالصوت والصورة وتأخذ جمهورها إلى فضاءات من الانسجام التام والحلم الجميل.

وكتحيّة إلى صديقها الفنان وائل كفوري غنّت إليسا "يا هوا روح وقلّو"، وقد اعتذر وائل عن مشاركتها الغناء في هذه الأغنية، ثم شَدَت بـ"عيشالَك أحلى سنين" و"خدني معك"، ثم "بتمون" و"عبالي حبيبي"، قبل أن تؤدّي "في عيونَك"، وتختم هذه الليلة البيروتية الحالمة مع "مالي وأنا مالي" لوردة، وتودّع المسرح وبيدها ورود حملتها إليها طفلة صغيرة عربون محبّة جمهور غادر مُنبهراً.

جدير بالذكر أن مهرجان "اعياد بيروت 2012" هو برعاية وزارة السياحة، وبالتعاون مع شركة سوليدير وأسواق بيروت وتنظيم شركات "2U2C" و"Starsystem" و"production factory".