د.خوري: عدسات قياس السكر في الدمع تطوّر طبي واعد
د.خوري: عدسات قياس السكر في الدمع تطوّر طبي واعد
تيري رومانوس
جريدة الجمهورية
Saturday, 03-Oct-2015 00:00
لا شكّ في أنّ العدسات اللاصقة، شكَّلت خلاصاً لعدد كبير من الأشخاص الذين يعانون من مشكلات في مستوى البصر، وجعلتهم يستغنون عن النظارات الطبّية. وفضلاً عن ذلك، مكَّنت مَن لم يحظَ بمقلتين ملوَّنتين، من تحقيق حلم العيون الخضراء والزرقاء والعسلية وغيرها من الألوان. ولكنّ سوء استعمالها خطير وقد يسبّب أذىً كبيراً للعينين. ولقد طُوِّرت في الآونة الأخيرة عدسات لاصقة ذكية قادرة على قياس نسبة السكر في الدمع لدى مرضى السكري، وهي تُعتبر تقدّماً طبّياً كبيراً يسهّل حياة المرضى ويخفِّف وطأة معاناتهم ووخزهم بالإبر.
حذارِ الإستحمام أو السباحة أو النوم قبل نزع العدسات اللاصقة عن العينين ويَعِدُ التطوُّر الطبي بعدسات لاصقة، تتمتَّع بميزة إضافية الى جانب تصحيح البصر ومماشاة موضة تلوين العينين، الا وهي قياس نسبة الغلوكوز لدى مرضى السكري.

ذلك لأنّ مرض السكري، يُعتبر من الأسباب المباشرة لتراجع حدَّة البصر، ولا سيما إن لم يشخَّص المرض باكراً ولم يتنبَّه المريض لمستوى الغلوكوز في الدم، لأنّ السكري إذا أهمل، سيؤدي الى عواقب وخيمة على النظر.

وعلماً أنه مرض مزمن وشائع، يتزايد بشكل ملحوظ فى كلّ أنحاء العالم. ومن خصائصه أنّ الجسم يغدو في حال العجز عن استخدام الكربوهيدرات والدهون والبروتين، فكلّ هذه المواد يحوِّلها إلى نوع واحد من السكر البسيط أيْ الغلوكوز، الذى يدخل مجرى الدم، فكلّ خلية من خلايا الجسم تحتاج إلى الغلوكوز ولا تستطيع الخلايا أن تؤدي وظائفها على أكمل وجه، وإذا استمرّ الحال من دون أن يصل الغلوكوز إلى الخلايا، تموت.

ونتيجة لتعطّش الخلايا وارتفاع السكر فالجسم يُجهد أكثر لكى يؤدي وظائفه، كما أنّ أعضاء وأنسجة الجسم يمكن أن تُصاب بالتلف الشديد. لذا ستساهم العدسات اللاصقة الذكية، في تجنيب المرضى المخاطر المتزايدة وتمكنهم من ضبط نسبة الغلوكوز في الدم في الوقت المناسب.

متى ظهرت العدسات اللاصقة؟

في الحقيقة، تخفي العدسات اللاصقة مشكلة ضعف النظر عن الآخرين وتعفيهم من وضع النظارات الطبية وما تسبغه على الوجع من صرامة أحياناً، لذلك توفر راحة كبيرة مقارنة بالنظارات التقليدية. وقد صُنعت العدسات من البلاستيك للمرة الأولى في الولايات المتحدة عام 1940، ثمّ ظهرت العدسات اللينة عام 1971، أيْ أنها ليست اختراعاً حديثاً، لكن ما تزال مزاياها وعيوبُها موضعَ مقارنة مع النظارات الطبّية.

د. خوري

الى أيّ مدى، العدسات اللاصقة، تعين فعلاً المرضى وتمدّ يد العون لهم؟ وكيف يجب التعامل معها لتفادي أضرارها؟ وما هي نصيحة طبيب العيون؟ الإجابة مع الدكتور جوني خوري، جراح عيون وقرنية مخروطية ومتخصَّص بالجراحة الإنكسارية.

بالنسبة للدكتور خوري، لا بأس بالعدسات اللاصقة ولكن على المدى الطويل، تسبّب بعض المشكلات منها جفاف العين وانقطاع الأوكسيجين عن القرنية.

وتختلف نسبة أضرارها من شخص لآخر. إذ هناك عيون لا تتحمّلها ولا سيما عندما تكون جلدة العين رقيقة فيعاني المرء من الحساسية وتدفُق الدمع وقد يُصاب بالتهابات ومشكلات يكون الإنسان بغنى عنها، مثل الرؤية المشوّشة خصوصاً اثناء نزع العدسة وإعادة وتركيبها.

وفي حال وضعِها لفترات طويلة، ينوِّه د. خوري، لا سيما امام شاشة الكمبيوتر، قد ترهق العين وتضعف النظر وتصيبها بالجراثيم والطفيليات التي تقدم على إلتهام، أجزاء من القرنية وتترك مكانها حفرة فيخسر المرءُ من نظره وذلك، حسب موقع الحفرة هذه سواءٌ كان في طرف القرنية أو وسطها.

لذا ما أن تلتهب العين أو تحمر، يجب نزع العدسات فوراً واستشارة طبيب العيون لاستدراك تفاقم الأضرار. وحذار السباحة والإستحمام والجاكوزي وممارسة الرياضة والنوم قبل نزع العدسات، فالضرر يكون أكيداً وجسيماً.

المتابعة الطبية

في الولايات المتحدة على سبيل المثال، يوضح د. خوري، لا يمكن الحصول على العدسات اللاصقة إلّا بموجب وصفة طبية وضرورة المتابعة باستمرار مع طبيب العيون. أما في لبنان، فيمكن أيّ كان الحصول عليها بسهولة حتى إنّ هناك مَن يغسلها بالماء العادي او يستعمل لعابه لترطيبها وهذا خطأ كبير إذ إنّ الماء واللعاب، يحتويان على طفيليات ضارة تستقرّ داخل العدسة فتتآكل العين تحت العدسة تحديداً.

و... قد تطيح بالبصر

يجب الحرص على وضع العدسات اللاصقة لعدد محدود من الساعات يومياً. ولمَن يصرّ على استعمالها فترات طويلة، يجب أن يوليها أقصى درجات العناية فإهمال نظافتها وعدم الإكتراث لتعليمات الطبيب وتوجيهاته قد يؤدي إلى مشاكل كثيرة وخطيرة منها قرحة القرنية والتهابات قد تطيح بالبصر.
ويُلفت د. خوري الى أنه إذا لم يكن لها دواع وأسباب طبية، يفضل عدم استخدامها أو يمكن اللجوء إليها لساعات معدودة فقط مع مراعاة تعليمات الطبيب وأقصى درجات النظافة.

إذاً، وللوقاية القصوى، يجب غسل اليدين جيداً بالماء والصابون وتجفيفهما تماماً قبل لمس العدسات، كونه أمراً ضرورياً لمنع انتقال الجراثيم إليها. كذلك يجب ألّا ننسى أنّ تعريض العدسات لمياه الصنبور (الحنفية)، يساهم في انتقال البكتيريا إليها ثمّ إلى العين، وقد تتلف هذه الميكروبات القرنية لا سيما كما سبق وقلنا، أثناء ممارسة الرياضة والركض.

وبحسب أحدث التقارير الصادرة عن مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، فإنّ معظم مستخدمي العدسات لا يتبعون التعليمات بالشكل الصحيح، ويفسر ذلك عدد الإصابات بالتهابات العين الذي يرتفع يوماً بعد يوم، في أوساط مستخدمي العدسات اللاصقة.

العدسات الذكية

اما فيما يتعلق بالعدسات اللاصقة الذكية والتي تقيس نسبة الغلوكوز في الدم لدى مرضى السكري، يشير د. خوري الى أنّ هذا النوع من العدسات، تُدمج رقاقة إلكترونية بالغة الصغر مع حساسات بين طبقتَي مادة العدسات.

وتصل الدموع الحساسات من خلال ثقب صغير في العدسة، لتقيس مستويات السكر في الدموع وهي قريبة جداً من نسبة الغلوكوز في الدم، وتُعتبر تقدّماً كبيراً يسهل حياة مرضى السكري ويخفف معاناتهم ووخزهم بالأبر.

ومن أهمّ حسناتها أنّ المريض يستطيع كلّ ثانية وكلّ دقيقة مراقبة نسبة السكر من دون عناء وذلك بمجرد النظر في المرآة، إذ هناك لون يشير له أنّ النسبة جيدة وآخر ينبِّههه الى أنه مرتفع في حين يُظهر له لونٌ آخر أنّ منسوب السكر منخفض. فيكون المريض على علم بكلّ التطوُّرات وساعة يشاء.

وهناك ايضاً عدسات ترسل إشارات للتلفون أو الساعة، لتُنبئ المريض بنسبة السكر. إلّا أنّ العدسات هذه ما تزال قيد التطوير والدراسات، ولم تُطرح في الأسواق بعد.
theme::common.loader_icon