كيف تعلنين خبر حملك لطفلك؟
كيف تعلنين خبر حملك لطفلك؟
د. أنطوان الشرتوني
جريدة الجمهورية
Monday, 31-Aug-2015 00:00
غالباً ما يكون خبر «الحمل»، خبراً مفرِحاً ليس فقط للزوج والزوجة ولكن للعائلة أجمع. ولكن في بعض الأحيان يكون مصدر قلق وخوف، خصوصاً عند الطفل البكر. فتكثر الهواجس لديه واستفساراته الكثيرة، أهمها: هل سيأخذ الطفل الجديد مكانتي في كنف العائلة؟ ولذلك، كيف يمكن للأم إعلان حملها لطفلها من دون عوائق؟ وكيف يمكن للأب تبسيط هذه المهمة؟
إنّ خيار إنجاب طفل ثانٍ يُعتبر إختياراً شخصياً مرتبطاً بالزوج والزوجة، وإجمالاً يستند الى سببين رئيسين هما:

1- معايشة مشاعر الأمومة والأبوّة مرة أخرى.

2- عدم ترك الطفل وحيداً وإنجاب أخ أو أخت له.

وغالباً ما تشجّع الاسرة والمجتمع الابوَين على الإنجاب مجدَّداً وعدم ترك طفلهما البكر وحيداً. وعندما تحمل الأمّ مجدَّداً تنهال عليها النصائح التي تهدف إلى مساعدتها على إعلان خبر حملها لمولودها.

فعلى صعيد علم النفس الأُسري، من المهم جدّاً إشراك الطفل بهذا الحدث المُفرح. ولكن طبعاً يجب إتباع طرق معيّنة وأساليب «بسيطة» لكي يفهم الطفل البكر بأنه حتى «مع مجيء هذا الدخيل» سيبقى محبوبَ والديه.

إستعداد الأم والأب للولادة الثانية

ربما تتساءلين عمّا إذا كان هناك إفادة من الاستعداد النفسي قبل الحمل؟ والجواب بكلّ بساطة هو نعم. فكم من الحوامل تفقّدن جنينهنّ خلال حملهنّ من دون سبب طبّي. وإذا سألنهنّ عن تجربتهنّ وحلّلن الأجوبة، نجد بأنّ الاستعداد النفسي للحمل ولطفل ثانٍ له تأثير كبير في الحمل.

كذلك، يلعب الأب دوراً أساساً في طمأنة الأم وجعلها مرتاحة نفسياً خلال حملها. من هنا يطرح علماء النفس على الزوجين سلسة من الأسئلة أبرزها: هل انتما مستعدان لخَوْض تجربة الحمل مجدَّداً؟

هل إستمتعتما بالأمومة والأبوّة وتريدان تكرار التجربة، أو تريدان طفلاً آخر فقط بهدف إنجاب أخ أو أخت لطفلهما البكر؟ هل يخضع أحدكما لرغبة الآخر، أو أنّ إنجاب هذا الطفل الثاني هو رغبة مشترَكة بينكما؟ ... هذا بالاضافة إلى الإستعداد الجسدي للأم والذي يلعب دوراً بارزاً أيضاً في الحمل.

وهناك بعض الإرشادات التي يمكن أن تساعد الأبوَين في إختبار مدى نضجهما واستعدادهما للإنجاب مجدَّداً:

1- يجب أن يدرك الأبوان بأنّ كلّ تجربة إنجاب هي تجربة فريدة عن سابقاتها. فلا يمكن مقارنة تجربة ولادة مع تجربة أخرى.

2- على الأهل إستيعاب فكرة أنّ هناك «مولوداً» جديداً سيأتي إلى العائلة، ويجب عدم مقارنته مع أخيه أو أخته البكر. وعدم الخوف من فكرة «الغيرة الأخوية» أو المنافسة فيما بينهما.

3- على قرار الانجاب أن يكون شخصياً بين الزوج والزوجة وعدم إدخال كلّ أفراد العائلة (خصوصاً الحموات) في هذا الموضوع.

4- التأكد من إخبار الطفل بشأن الحمل و»المفاجأة السارة» بطريقة بسيطة وغير معقّدة وإظهار كلّ النقاط الإيجابية التي ترافق وصول أخ / أخت إلى البيت (مثلاً، أوقات اللعب).

يمكن أن تساعد الأم ولدها على تقبّل فكرة ولادة طفلٍ ثانٍ، من خلال إطلاعه على إختباراتها الشخصية عندما أصبحت أختاً بدورها. فتخبره عن بعض الأحداث التي عاشتها خلال وصول المولود الجديد، كما يمكن أن تخبره عن بعض الأحداث المُضحكة التي قضتها معه.

كما يمكن للأم الإستعانة بالقصص الموجودة في المكتبات والتي تسرد قصصاً بين الإخوة والأخوات. هذه القصص تساعد الطفل على إستيعاب فكرة «مشارَكة الحياة» مع المولود الجديد.

وبهذا الخصوص يمكن ذكر قصة «أريد أخاً!» (دار الفكر اللبناني) أحد كتبي، التي خصّصتها للتفسير للطفل عن كيفية قبول المولود الجديد، خصوصاً إذا لم يكن من جنس الطفل البكر نفسه. وطبعاً هذه مشكلة كبيرة يواجهها الأهل عندما يريد الطفل البكر ولداً من نفس جنسه.

وإذا لاحظت الأم بأنّ ولدها البكر أظهر بعض التصرفات الطفولية، فهذا أمر بديهي وطبيعي، لأنّ الطفل البكر سيعتقد بأنّ الطفل الجديد سيسرق مكانته في العائلة. لذا يظهر نوعٌ من الغيرة تنعكس عبر تصرفاته، فيطلب مثلاً شرب الحليب من الـbiberon، وقد تظهر لديه عوارض التبوّل في السرير ليلاً أو مصّ الإبهام...

وخلال تحضير غرفة المولود الجديد، يجب الإحتفاظ بمكانة الولد البكر، وإلّا سيشعر هذا الأخير بأنّ المولود الجديد يسرق منه حتى غرفته. لذا يجب على الأهل الحرص على تنظيم مساحة معيّنة للمولود الجديد وإبقاء المكان المعتاد للطفل البكر وعدم المساس به.

أخيراً، من المستحسَن، عدم إخبار الطفل البكر بالحمل قبل مرور على الأقل ثلاثة أشهر، خصوصاً أنّ الأشهر الثلاثة الأولى هي الأكثر خطورة. لذا على الوالدين الانتظار قليلاً ليتأكدا من أنّ كلّ شيء على ما يرام، ثمّ إخبار الطفل البكر عن الحمل.

ويمكن مساعدة الطفل البكر على نسج علاقة مع أخته أو أخيه من خلال إشراكه في الزيارات عند الطبيب النسائي إذا كان يستطيع تقبّل الفكرة وإذا كان ناضجاً بما فيه الكفاية لفَهْم خطوات الحمل الطبّية. وإذا الطفل ما زال صغيراً جداً (ثلاث سنوات) يمكن للأم والأب عرض صورة الجنين الصوتية كما يجب الإجابة على جميع أسئلته من دون الغَوْص في تفاصيل طبّية قد تقلقه.

ما دور الأب في إعلان خبر الحمل للطفل؟

للأب دور مهمّ جداً في إعلان الحمل ويمكن أن نشير الى النقاط التالية:

1- مشاركة الطفل في تسمية المولود الجديد. حيث يمكن للأب أن يلعب مع طفله البكر لعبةً وهي إعطاء أسماء مختلفة للطفل ويجب إختيار واحد منها. على هذا الصعيد يمكن توجيه الطفل البكر لإختيار الإسم المناسب.

2- التحدّث مع الطفل البكر عن النشاطات التي يمكن أن يقوم بها مع ولادة الطفل الجديد. ويجب أن يفسّر الأب بأنّه خلال الأشهر الأولى من الحياة، لا يمكن للرضيع أن يقوم بنشاطات ولكن يمكن أن نهتمّ به ونرعاه.

3- يمكن للأب إستعمال بعض الحيل المسلية والمضحكة التي تشجّع الطفل على إستقبال المولود الجديد منها: شراء ألعاب خاصة بالمولود الجديد وألعاب أخرى للأخ / للأخت، أو شراء هدية صغيرة كُتب عليها: «سأصبح أخاً!» أو عبارة «أنا الأخ الأكبر، هو الأخ الأصغر / هي الأخت الصغرى» وهذه الأنواع من الهدايا يمكن إيجادها في عدد كبير من مراكز التسوّق.
theme::common.loader_icon