النمفومانيا... شراهة جنسية والأسباب نفسية
النمفومانيا... شراهة جنسية والأسباب نفسية
اخبار مباشرة
د. أنطوان الشرتوني
جريدة الجمهورية
Monday, 20-Jul-2015 00:08
يشبّه البعض العمليّة الجنسيّة بالجوع، حيث يتوقّف الشخص عن طلب الإتّصال الجنسي موقتاً ما إن يصِل إلى حدّ الإشباع. ولكن ثمّة حالات تعتبر شاذة، لا يصِل فيها الشخص للاشباع الجنسي، بل يطلب باستمرار تكرار العملية الجنسية. هذا ما يسمّى عند المرأة بالنمفومانيا أو شراهة الجماع. ولكن ما هي النمفومانيا بالتحديد؟ وما أسبابها النفسية؟ وهل من علاج لهذه الحالة الجنسيّة؟
تستمرّ المرأة المشرقية في مواجهة تحديّات اجتماعية وثقافية جمّة، تحدّ من حريتها الجنسية مقارنة بما هو مُتاح للرجل الشرقي من دون قيد أو شرط. ولكن يحقّ للمرأة الشرقية، كغيرها من نساء العالم، أن يكون لديها حياة جنسية طبيعية، وحتى غير طبيعية في حال كانت تعاني فرط الشهوة الجنسية أو الشبَق الجنسي، المعروف بالنمفومانيا. فما هي النمفومونيا من المنظور النفسي؟

إنّ زيادة معدّل الرغبة الجنسية بشكل غير طبيعي يؤدّي إلى الإصابة بحالة تسمّى «الشَبق الجنسي». وفي هذه الحالة، لا يصِل الرجل أو المرأة للاشباع بل يطلبان الجنس بشكل مستمرّ. ويجب التنويه بأنّ هذه الحالة تسمّى عند النساء «النمفومانيا»، أما عند الرجال فتسمّى «الساتيريازيس». كما يُطلق على فرط النشاط الجنسي عند الجنسَين عدّة مصطلحات، كالسلوك الجنسي المسيطر والشهوة الجنسية العارمة.

ما هو الشبق الجنسي عند المرأة؟

الشبق الجنسي عند المرأة هو «الجوع» المستمرّ لممارسة الجنس، والذي لا يمكن إشباعه بمجرّد اللقاء بين الزوجين أو الشريكين، بل يستمرّ حتى إلى ما بعد الجماع. ولا تصل المرأة إلى الإشباع إلّا بعد عدّة علاقات متواصلة.

وطبعاً، هناك فارق شاسع بين الحرمان الجنسي الذي تعيشه المرأة وبين الشبق الجنسي، إلّا أنّ كلاهما يؤدّي إلى ارتفاع مستوى الحاجة الجنسيّة إلى درجات عالية. وفي حالة الحرمان الجنسي، تصِل المرأة إلى حدّ الشبع بعد قيامها بعلاقة واحدة حميمة وهي غير مرضية. أمّا الثاني، أي الشبق الجنسي، فلا يمكن إشباعه بسهولة.

إنعكاسات النمفومانيا على حياة المرأة

لا يمكن تجاهل الآثار النفسية السلبية التي تتركها النمفومانيا على المرأة، وهي آثار لا تعدّ ولا تحصى. ولكن يمكن اختصارها بالنقاط التالية:

- الشعور الدائم بالذنب واحتقار الذات وعدم الثقة بالنفس بسبب الأفكار الجنسية التي لا تنفكّ تتكرّر في رأسها دائماً.

- الإحساس بالتعب الشديد.

- الإصابة بالاكتئاب والقلق والتوتّر.

- الإصابة ببعض الأمراض المنتقلة جنسيّاً.

أسباب الشراهة الجنسية عند المرأة

هي كثيرة، منها فيزيولوجية وأخرى نفسية. ولكن في معظم الحالات، فإنّ سبب الإصابة بهذه الحالة يكون غير معروف. وطبعاً، ثمّة اختلاف في الهرمونات في جسم المرأة، وهناك أسباب عصبية تؤثّر في الغدّة النخامية التي تؤثّر بدورها في إفرازات الغدد الأخرى، منها الغدد الجنسية. كذلك، فإنّ تناول بعض الأدوية قد يسبّب آثاراً جانبية تزيد من معدّل فرط النشاط الجنسي.

الأسباب النفسية:

1- عدم الوصول للرعشة الجنسية بسبب قلق مستمرّ وحياة عصبية متراكمة، وهذا ما يدفع المرأة إلى تكرار العملية الجنسيّة للوصول إلى المتعة الجنسية.

2- يعتبر بعض علماء النفس الذين يَتّبعون المدرسة التحليلية التي أسّسها الطبيب النمساوي سيغموند فرويد، أنّه «بسبب الحاجة الى التفاعل العاطفي المفقود في عائلة الفتاة، ونتيجة لإغواء عاشَته بين عمر الست سنوات والتسع بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من قبل مراهق أو راشِد، تظهر لاحقاً علامات التطوّر الجنسي - النفسي المُبكر، الذي يؤدّي إلى طلب الإتصال الجنسي من دون معرفة سببه الحقيقي المخفيّ في أيام الطفولة».

3- الإضطراب الشخصي وعدم القدرة على السيطرة على الذات قد يؤديان إلى فرط الرغبة الجنسية. كذلك، فإنّ النساء المضطربات يبحثن عن الجنس من أجل الشعور بالآخر وبالوجود، وليس فقط لممارسة الجنس الذي يصبح وسواساً جنسياً - قهرياً.

4- للكحول أيضاً تأثير كبير على ظهور النمفومانيا، حيث تكون المرأة في حالة اللاوعي، فتسيطر الغرائز الجنسيّة على جسدها وتجعله فريسة للعلاقات الجنسيّة اللامتناهية.

5- قد تكون النمفومانيا بمثابة محاولة لتدمير الذات وإيذاء الأنا عن طريق إذلال الجسد.

6- قد تكون محاولة للهروب من واقع معيّن أليم ومفجع، فتلجأ المرأة الى ممارسة الجنس بشكل متكرّر بغية نسيان همومها ومشاكلها.

علاج النمفومانيا

يكون العلاج ذاتياً أولاً، إذ يتطلب إرادة قويّة ورغبة في التخلّص من هذا السلوك الجنسي الشاذ. وهناك حلول أخرى، منها:

1- الإبتعاد قدر الإمكان عن المؤثّرات والأدوية التي تعزّز الشهوة الجنسيّة، واستبدالها بنشاطات تحبّ المرأة ممارستها كتنسيق الزهور، أو الانضمام إلى إحدى الجمعيّات الخيريّة أو زيارة الأصدقاء.

2- ممارسة الرياضة على أنواعها، خصوصاً الهرولة أو السباحة التي تخفّف من الطاقة الجنسيّة، شرط ممارستها يوميّاً وبانتظام.

3- تخصيص وقت محدد للاستماع إلى الموسيقى الكلاسيكية وقراءة الكتب.

4- الإبتعاد عن كلّ المأكولات التي تحوي كميّات كبيرة من البروتينات، كاللحوم والأسماك والألبان والأجبان وغيرها من المواد التي تحتوي على سعرات حرارية مرتفعة.

5- العلاج النفسي والمتابعة النفسية إذا كانت ضرورية، «للتنقيب» عن أسباب هذه التصرّفات وعلاجها من الأساس.
theme::common.loader_icon