فستان أبيض وطرحة... لتكتمل «الفرحة»
فستان أبيض وطرحة... لتكتمل «الفرحة»
اخبار مباشرة
اليسار حبيب
جريدة الجمهورية
Thursday, 02-Jul-2015 00:00
على رغم أنّ الموضة تميل حاليّاً إلى الألوان القويّة والجريئة والحيويّة، وعلى رغم أنّ بعض السيّدات الجريئات يبحثن عن التميّز والتفرّد بإطلالاتهنّ، إلّا أنّ فستان الزفاف لا يزال يحتكم إلى بعض القواعد والشروط والعادات، وأهمّها قاعدة اللون الأبيض. فما سرّ الأبيض؟ وإلامَ تعود هذه العادة؟
إذا قمنا بجولة على المتاجر أو راقبنا عروض الأزياء العالمية والمحليّة، نلاحظ أنّ اللون الأبيض بتدرّجاته المختلفة التي تميل إلى البيج كحدّ أقصى، هو القاعدة المتّبعة في فساتين الزفاف. وعلى رغم تطوّر العقليات وتبدّلها، وعلى رغم تخلّينا عن جزء من تقاليدنا وعاداتنا واكتساب عادات جديدة أكثر تحرّراً وانفتاحاً، إلّا أنّ فساتين الزفاف لم تتخلَّ عن لونها الأبيض.

فساتين زفاف ملوّنة

وفي الحقيقة، منذ نحو عامين، أطلقت مصمّمة الأزياء Vera Wang مجموعتها الفريدة من فساتين الزفاف، والتي جاءت عصريّة بامتياز بألوانها القويّة كالأحمر والأسوَد والأرجواني والوردي. وقد ابتعدت Wang في مجموعتها الخاصّة بفساتين الزفاف من الأبيض وألوان الباستيل الزاهية. وكانت دُور أزياء أخرى قد صمّمت فساتين زفاف باللون الأحمر والأخضر والأزرق.

ولكن يبدو أنّ النساء، بغضّ النظر عن أعمارهنّ ومكانتهنّ الاجتماعية وانتماءاتهنّ المناطقية وشخصياتهنّ، يفضّلن فستان زفاف أبيض أو «beige rosé» أو»champagne» كحدّ أقصى. فلماذا تتمسّك العروس بعادة الفستان الأبيض؟

عادة رومانية

إنّ عادة الفستان الأبيض تعود إلى الإمبراطورية الرومانية، حيث كان نفوذ الكنيسة الكاثوليكية كبيراً، وكانت تفرض سلطتها على مراسيم الزفاف. وحينها، كانت العروس، سواء انتمت إلى طبقة النبلاء أو إلى طبقة الفقراء، ترتدي فستان زفاف أبيض وتزيّن رأسها بإكليل من زهر الليمون. وكان الفستان الأبيض في الحقبة الرومانية يرمز إلى الطهارة والعذرية، وبالتالي على العروس عدم التخلّي عنه تحت أيّ شرط.

القرن التاسع عشر

بعد زوال الإمبراطورية الرومانية، اكتسبت العروس حريّة أكبر في اختيار فستان الزفاف باللون الذي يحلو لها. ولم يعاود فستان الزفاف الأبيض ظهوره إلّا في القرن التاسع عشر. وقد ارتبط ظهوره بترسيخ الجمهورية وفصل الدين عن الدولة وتكريس مبدأ العلمنة. وعادت العروس ترتدي فستاناً أبيض في زفافها تأكيداً على عذريتها وطهارتها ورغبتها في نيل مباركة السلطات الدينية، التي لم تفقد نفوذها رغم تغيّر العقليات المجتمعية وأنظمة الحكم.

تغيير طفيف

ومنذ ذلك الحين، كرّس فستان الزفاف الأبيض مكانته المهمّة على منصات العرض العالمية وفي حفلات الزفاف في كلّ البلدان. ومنذ بضعة عقود، بدأنا نشهد تغييراً جزئياً في ألوان فساتين الزفاف، فبرز اللون الكريمي والبيج والخامي ومتدرّجات الزهري الزاهي... وهي ألوان تحاكي طهارة الأبيض ونقاءه. يُذكر أنّ بضع سيّدات جريئات خرجن عن التقاليد، فتخلّين كلّياً عن الأبيض وارتدين في زفافهنّ فساتين ملوّنة كالأحمر، رمزاً للسعادة.

معنى الطرحة

ماذا عن شكل الفستان؟ هل يحمل دلالة معيّنة؟ إنّ شكل فستان الزفاف لا يخضع لأيّ قاعدة اجتماعية أو دينية، وإنما هو رهن قواعد الموضة العالمية وذَوق العروس، بالإضافة إلى شكل جسمها والإطلالة التي ترغب بتكريسها في يومها الخاصّ.

وسواءٌ أكان كبيراً ذات طابع ملكيّ أو ضيّقاً بقصّة حورية البحر، فإنّ الطرحة لا تزال رائجة، ومن القواعد التي لم تتخلّ عنها العروس مطلقاً. وفي الحقيقة، تحمل الطرحة في طيّاتها رمزاً قديماً يعود إلى القرن الحادي عشر، ويحمل دلالات مهمّة للعريس وذويه.

ففي تلك الحقبة، كان العريس الذي يشكّ ولو قليلاً في عدم ولاء عروسته له، أو في عدم قدرته على فرض سيطرته «الرجولية» عليها في منزلهما الزوجي، يدوس بقدمه على طرحة العروس أثناء مباركة الزواج والمحابس تأكيداً على سلطته.

يُذكَر أنّ عادة دوس العريس على طرحة العروس قد انتقلت إلى عصرنا هذا، وإنّما باتت تُمارَس بعفوية وتلقائية وليست دليلَ شكّ أو رغبة في فرض السيطرة منذ اللحظة الأولى.
theme::common.loader_icon