«مومس بالمُذكّر أيضاً»... «تُعرّي» المجتمع السياسي من أسراره
«مومس بالمُذكّر أيضاً»... «تُعرّي» المجتمع السياسي من أسراره
اخبار مباشرة
ميريام سلامة
عندما تمتلئ نفس الإنسان أفكاراً وخواطر، تُسكَب في الوجدان خيالاً وإبداعاً. فنفوس الكُتّاب المليئة بالحكايات والقصص لا تُفرِغ أسرارَها إلّا فوق صفحات روايات، تُخبر الواقع بقالب الخيال، وتُلبس الحقائق المؤسفة أقنعة الجمال. وغالباً ما تكون الرواية الأولى للكاتب مُكتظّة بالأفكار، وممزوجة بالمعاني الحياتية، لأن قلَمه يُفرِغ باكورة العقل الباطني حبراً لا يَنضب، وحروفاً لا نقاط بعدها. «مومس بالمذكّر... أيضاً»، هي الرواية الأولى للكاتب والصحافي فارس خشّان، الذي وضع بين غلافَيها تجارب حياة، وأسراراً وأخباراً لم يتمكّن من البَوح بها إلّا في رواية، شخصياتها غير واقعية، فأفصَحَ لـ»الجمهورية»، في حديث خاص، عن المعاني المخبّأة خلف الكلمات، والأسرار المتخفّية وراء الشخصيات.
في روايته الأولى «مومس بالمذكّر... أيضاً»، الصادرة عن دار الفارابي، غَلّف الكاتب والصحافي الزميل فارس خشان وقائع حياة سياسية فاسدة، اختلطت بتَوق الوصول إلى السلطة، وحُبّ المال وخيانة الشعب، بقالبٍ أدبي وأسلوبٍ سَلس، مستمدّاً الأحداث من الواقع السياسي حيث تغلب عليه الطبقة المخملية الفاسدة.
فيقول خشان: «هي باكورة الروايات التي أردتُها جسر عبور من المادة الإعلامية المحاصرة بالحَدث الآنيّ، إلى رحاب الإنسان اللاهِث إلى السعادة والمتحرِّر من العجز. تدور أحداث الرواية الـ»أنتي - ماكيافيلية» بين بيروت وموناكو وباريس وجنيف، وهي تستند إلى كثير من الوقائع التي حدثت فعلاً، ولكنّ الخيال الروائي يغلّف أبطالها ويأخذهم إلى نهايات تشكِّل اقتراحات لفتح أفق السعادة الفردية والإنقاذ السياسي.
في هذه الرواية، يجد القارىء نائباً مضطرباً يكشف خفاياه، ورجل أعمال أوصَلته الثروة المغمّسة بالتنازل إلى الهلوسة، وبائعة هوى تقاوم نداءات التحرّر، وسيّدات مجتمع عالقات في فخ التألّق».
شخصيات بأسماء مستعارة
ثلاث من الشخصيات الأساسية للرواية سياسية، وقائع حياتها حقيقية، كان الكاتب شاهداً عليها خلال عمله الصحافي، لكنه ألبَسها أسماءً مستعارة لفكّ قيود «الأحداث الحقيقية» والأسماء الواقعية. علماً أنّ تاريخ أحداث الرواية تحصل حتى عام 2014.
من بين الشخصيات السياسية الثلاث، تتحارَب شخصيتان لكشف المشكلات السياسية والأساليب الفاسدة للوصول إلى السلطة والمراكز المهمّة في الدولة. مال، سلطة ونساء هي غايات الشخصيات التي يُحاول خشّان كشف النقاب عنها. ولكن في المقلب الآخر، يُجسّد الكاتب في الشخصية الثالثة إرادة بعض السياسيين في الابتعاد عن الفساد المستشري في حياة السّاسَة.
فهذه الشخصية سئمت العمل السياسي، فتتراجع وتكشف كيفية وصولها إلى مركزها الحالي. وهنا تبدأ أسرار السلطة تتدفّق من ينابيع معرفة الكاتب، الذي استعمل شخصياته متراساً يقصف من ورائها جبهات العدو، ويحتمي بها من قذائف الطرف الآخر، فيعتبر أنه «الضمير المستتر خلفها».
الشخصية الثالثة، مأمورة، تحوّلت مع الزمن خاتماً بيَد صاحبها، لتجد نفسها في نهاية المطاف خالية من الشخصية ومُتعرّية من حريّة القرار والتعبير، تخدم مصالح الجميع ولَو على حساب مصالحها، ولو أنها تتعارض مع أفكارها. فالزعيم يأمر وهي تنفّد، تركّب المؤامرات، وتوقّع الصفقات الفاسدة، لتصِل إلى الهدف المنشود، ألا وهو المال.
أمّا الشخصيات الثلاث الأساسية الأخرى فتتمثّل بنائب يفكّر في بقائه في العمل السياسي أو لا، رفيقه الذي يكره السياسة لاعتباره أنها في لبنان غير نزيهة، ورجل أعمال وصلَ إلى مرحلة اعتبر فيها أنّ كلّ حياته نجاح مالي وفشل عاطفي.
شخصيتان ثانويتان ولكنّ دورَهما مركزيّ في الرواية، يتابع القارئ أحداث حياتهما ويفهم من ورائها تركيبة المجتمع الفاسد، هما مومس من الجنسية الأوكرانية، وامرأة لبنانية طامحة لاحتلال المراكز العليا، متزوّجة من سياسي طمعاً بالمال الذي يجمعه، ما يدفعها إلى تركيب مؤامرة على منافسه طمعاً بالمزيد.
فِكر فلسفي
لا تكتمل رواية خشان من دون الفِكر الفلسفي الذي ضَمّنه الأحداث، فعلى رغم الوقائع والأحداث، تزخر الرواية فلسفةً حياتية وعِبَراً أوصَلت رسائل الكاتب من خلال شخصية وهمية ترافق الشخصيات الأساسية في مشوار فسادها وتوبتها، وهي طائر النورَس. هذا الطائر الذي أصبح رمزاً للحريّة، فتح الباب في الرواية للمقارنة بينه وبين الإنسان الذي يشعر بالتفوّق، بحبّ اكتشاف البحر وما بعده، بالطيران بعيداً والتحليق عالياً. فتتجلّى عندئذٍ الأفكار الفلسفية، والبحث عن السعادة في زمننا الحالي.
بين الله والتطرّف
تطال أفكار خشان الفلسفية فكرة الله وقضية وجوده، فيطرح تساؤلات غير مباشرة في الرواية، أوضحها في حديثه الخاص قائلاً: «أين المشكلة في فكرة الله ككلّ؟ المشكلة التي نبحث عنها قد لا نَجد مصدرها في الفكرة، بل في طريقة تقديم الله إلى البشر».
فيدخل القارئ عُمق الحياة والوجود، ويبدأ بدورِه التساؤل عن معنى الأديان، والطرق التي تقدّم من خلالها الله على عِباده، لتَنتشله فجأة الأحداث الروائية من فجوة التفكير، وتضعه على سطح الحياة وقشورها مع شخصيات الرواية السياسية وأفعالها الفاسدة. وهنا، يقود خشان القارئ إلى فكرة التطرّف وتأثيره الديني على المواطن من جهة وعلى الجغرافيا اللبنانية من جهة أخرى.
اللبناني وبناء المدن
يقول خشان تعليقاً على فكرة التطرّف التي تطرحها روايته: «كيف ينسى اللبناني، بانِي المُدن، تاريخه وينتقل إلى تدمير المدن؟ فهذا له علاقة بالتطرّفَين الديني والمالي اللذين يشبهان بعضهما ويأكلان لبنان، ما يؤدّي إلى صراع مع الجغرافيا».
وفي هذا الإطار، يجول خشان في روايته على مدن البحر الأبيض المتوسط، حيث الانفتاح الذي يتعارَض تماماً مع مدينتنا البحر متوسطية وشاطئها حيث يغلب تمجيد الموت، وحيث تنتصر الثروة الشخصية على الثروة العامة.
عنوان جريء
«مومس» كلمة تُنسب عادةً إلى الأنثى وليس إلى الرجل، ما يشير إلى التفوّق الذكوري. لكنّ خشان يشدّد على أنّ القارئ يكتشف في روايته «أنّ للمومس أشكالاً كثيرة، تظهر حتى عند رجال الأعمال والسياسة والمجتمع، الذين يتّصفون بها ليحافظوا على مكتسباتهم، ولينتقلوا من مرحلة إلى أخرى حيث العيش رغيد، ومن مجتمع عادي إلى آخر مُخمليّ».
لا حسابات سياسية
عندما كتب خشان روايته التي اقتبسَ بعض أفكارها من أحداث الحياة السياسية التي حصلت فعلاً، لم يهدف إلى تصفية حسابات أو المَساس بسريّة حياة أحد، فيقول: «لا حسابات سياسية في كتابتي الروائية، ولم أُظهر تفضيل طرف على آخر، على رغم إمكانية وجود مشكلة مع طرف معيّن في الواقع، كوني أعتبره يلامِس التطرّف بإلغائه حضارة فينيقيا. ففي الرواية، لا انحياز سياسياً، بل هناك صراع بين الجغرافيا والتطرّف».
حرّية روائية
شكّلت خلفية الحياة التي عاشها خشان، مصدر نجاح روايته، هو الذي عاش في كواليس السّاسَة، عرف رواياتهم واكتشف أسرارهم، سمع الشائعات التي طالتهم وبعضها الذي كان واقعاً. فحتى عام 2005، كان يمارس مهنة الصحافة إلى جانب تجربته في القضاء محلّلاً للشؤون القضائية والأمنية.
وفي ذلك يقول: «لستُ من خلفية جاهلة للوقائع، لكنني لم أرد كتابة كتاب تاريخ يفصّل الوقائع التي حصلت فعلاً وغيّرت مسار حياتنا، بل وضعتها في رواية حيث أتمتّع بكامل الحريّة في ذكر ما أريد، ولكن بأسماء لا تمتّ للواقع بصلة، فلا أدخل غياهِب القدح والذمّ».
أبعاد غير روائية
في منفاه الذهبي والاختياري في باريس، جلس خشان مع السياسيين الذين يخلعون الـ»أنا» خارج لبنان، فتصبح أقلّ تورّماً. بنى علاقة إنسانية أعمق معهم، فاكتشف خيبتهم في العمل السياسي، وحاول من خلال الرواية تجسيد هذه الخيبة بالشخصيات وأفعالها.
يقول خشان: «نحن بحاجة اليوم إلى أنسَنة فكرة الزعيم السياسي في العالم العربي، بعدما ألّهناه لعصور وعصور، وبعدما كنّا مستعدّين لتبرير كلّ زحف تحت قدمَي «الزعيم الإله» من دون تفكير. فعلى عكس الغرب، نحتاج اليوم إلى تكسير الهالات، وهذا ما حاولتُ إيصاله من الرواية».
يريد خشان إعادة بَرمجة اللبناني على اعتبار السياسي إنساناً عادياً وليس مبعوثاً إلهياً، لذلك قرّر خوض التجربة الروائية، «فالثورة لا تكتمل إلّا إذا حُميَت بالثقافة التي على أساسها تُبنى الأوطان».
«مومس بالمذكّر... أيضاً» لفارس خشّان، رواية يتفاعل فيها الحكيم مع القاتل، والسويّ مع الفاسد، والفاضل مع المنحرف، ومفهوم الله مع فهم الإنسان، والسعادة مع المجد الاجتماعي، والحب مع الاستغلال، والسلوكية السياسية مع مأساة الجغرافيا.
مفاهيم كثيرة تتناغم وتتنافر في هذه الرواية، التي تجعل القارئ في بعض الأحيان يغرق في «الكلمات المتقاطعة»، حيث يبحث عن مرادف لنفسه ومرادف لمَن يعرفهم أو يتعرّف إليهم».
فيقول خشان: «هي باكورة الروايات التي أردتُها جسر عبور من المادة الإعلامية المحاصرة بالحَدث الآنيّ، إلى رحاب الإنسان اللاهِث إلى السعادة والمتحرِّر من العجز. تدور أحداث الرواية الـ»أنتي - ماكيافيلية» بين بيروت وموناكو وباريس وجنيف، وهي تستند إلى كثير من الوقائع التي حدثت فعلاً، ولكنّ الخيال الروائي يغلّف أبطالها ويأخذهم إلى نهايات تشكِّل اقتراحات لفتح أفق السعادة الفردية والإنقاذ السياسي.
في هذه الرواية، يجد القارىء نائباً مضطرباً يكشف خفاياه، ورجل أعمال أوصَلته الثروة المغمّسة بالتنازل إلى الهلوسة، وبائعة هوى تقاوم نداءات التحرّر، وسيّدات مجتمع عالقات في فخ التألّق».
شخصيات بأسماء مستعارة
ثلاث من الشخصيات الأساسية للرواية سياسية، وقائع حياتها حقيقية، كان الكاتب شاهداً عليها خلال عمله الصحافي، لكنه ألبَسها أسماءً مستعارة لفكّ قيود «الأحداث الحقيقية» والأسماء الواقعية. علماً أنّ تاريخ أحداث الرواية تحصل حتى عام 2014.
من بين الشخصيات السياسية الثلاث، تتحارَب شخصيتان لكشف المشكلات السياسية والأساليب الفاسدة للوصول إلى السلطة والمراكز المهمّة في الدولة. مال، سلطة ونساء هي غايات الشخصيات التي يُحاول خشّان كشف النقاب عنها. ولكن في المقلب الآخر، يُجسّد الكاتب في الشخصية الثالثة إرادة بعض السياسيين في الابتعاد عن الفساد المستشري في حياة السّاسَة.
فهذه الشخصية سئمت العمل السياسي، فتتراجع وتكشف كيفية وصولها إلى مركزها الحالي. وهنا تبدأ أسرار السلطة تتدفّق من ينابيع معرفة الكاتب، الذي استعمل شخصياته متراساً يقصف من ورائها جبهات العدو، ويحتمي بها من قذائف الطرف الآخر، فيعتبر أنه «الضمير المستتر خلفها».
الشخصية الثالثة، مأمورة، تحوّلت مع الزمن خاتماً بيَد صاحبها، لتجد نفسها في نهاية المطاف خالية من الشخصية ومُتعرّية من حريّة القرار والتعبير، تخدم مصالح الجميع ولَو على حساب مصالحها، ولو أنها تتعارض مع أفكارها. فالزعيم يأمر وهي تنفّد، تركّب المؤامرات، وتوقّع الصفقات الفاسدة، لتصِل إلى الهدف المنشود، ألا وهو المال.
أمّا الشخصيات الثلاث الأساسية الأخرى فتتمثّل بنائب يفكّر في بقائه في العمل السياسي أو لا، رفيقه الذي يكره السياسة لاعتباره أنها في لبنان غير نزيهة، ورجل أعمال وصلَ إلى مرحلة اعتبر فيها أنّ كلّ حياته نجاح مالي وفشل عاطفي.
شخصيتان ثانويتان ولكنّ دورَهما مركزيّ في الرواية، يتابع القارئ أحداث حياتهما ويفهم من ورائها تركيبة المجتمع الفاسد، هما مومس من الجنسية الأوكرانية، وامرأة لبنانية طامحة لاحتلال المراكز العليا، متزوّجة من سياسي طمعاً بالمال الذي يجمعه، ما يدفعها إلى تركيب مؤامرة على منافسه طمعاً بالمزيد.
فِكر فلسفي
لا تكتمل رواية خشان من دون الفِكر الفلسفي الذي ضَمّنه الأحداث، فعلى رغم الوقائع والأحداث، تزخر الرواية فلسفةً حياتية وعِبَراً أوصَلت رسائل الكاتب من خلال شخصية وهمية ترافق الشخصيات الأساسية في مشوار فسادها وتوبتها، وهي طائر النورَس. هذا الطائر الذي أصبح رمزاً للحريّة، فتح الباب في الرواية للمقارنة بينه وبين الإنسان الذي يشعر بالتفوّق، بحبّ اكتشاف البحر وما بعده، بالطيران بعيداً والتحليق عالياً. فتتجلّى عندئذٍ الأفكار الفلسفية، والبحث عن السعادة في زمننا الحالي.
بين الله والتطرّف
تطال أفكار خشان الفلسفية فكرة الله وقضية وجوده، فيطرح تساؤلات غير مباشرة في الرواية، أوضحها في حديثه الخاص قائلاً: «أين المشكلة في فكرة الله ككلّ؟ المشكلة التي نبحث عنها قد لا نَجد مصدرها في الفكرة، بل في طريقة تقديم الله إلى البشر».
فيدخل القارئ عُمق الحياة والوجود، ويبدأ بدورِه التساؤل عن معنى الأديان، والطرق التي تقدّم من خلالها الله على عِباده، لتَنتشله فجأة الأحداث الروائية من فجوة التفكير، وتضعه على سطح الحياة وقشورها مع شخصيات الرواية السياسية وأفعالها الفاسدة. وهنا، يقود خشان القارئ إلى فكرة التطرّف وتأثيره الديني على المواطن من جهة وعلى الجغرافيا اللبنانية من جهة أخرى.
اللبناني وبناء المدن
يقول خشان تعليقاً على فكرة التطرّف التي تطرحها روايته: «كيف ينسى اللبناني، بانِي المُدن، تاريخه وينتقل إلى تدمير المدن؟ فهذا له علاقة بالتطرّفَين الديني والمالي اللذين يشبهان بعضهما ويأكلان لبنان، ما يؤدّي إلى صراع مع الجغرافيا».
وفي هذا الإطار، يجول خشان في روايته على مدن البحر الأبيض المتوسط، حيث الانفتاح الذي يتعارَض تماماً مع مدينتنا البحر متوسطية وشاطئها حيث يغلب تمجيد الموت، وحيث تنتصر الثروة الشخصية على الثروة العامة.
عنوان جريء
«مومس» كلمة تُنسب عادةً إلى الأنثى وليس إلى الرجل، ما يشير إلى التفوّق الذكوري. لكنّ خشان يشدّد على أنّ القارئ يكتشف في روايته «أنّ للمومس أشكالاً كثيرة، تظهر حتى عند رجال الأعمال والسياسة والمجتمع، الذين يتّصفون بها ليحافظوا على مكتسباتهم، ولينتقلوا من مرحلة إلى أخرى حيث العيش رغيد، ومن مجتمع عادي إلى آخر مُخمليّ».
لا حسابات سياسية
عندما كتب خشان روايته التي اقتبسَ بعض أفكارها من أحداث الحياة السياسية التي حصلت فعلاً، لم يهدف إلى تصفية حسابات أو المَساس بسريّة حياة أحد، فيقول: «لا حسابات سياسية في كتابتي الروائية، ولم أُظهر تفضيل طرف على آخر، على رغم إمكانية وجود مشكلة مع طرف معيّن في الواقع، كوني أعتبره يلامِس التطرّف بإلغائه حضارة فينيقيا. ففي الرواية، لا انحياز سياسياً، بل هناك صراع بين الجغرافيا والتطرّف».
حرّية روائية
شكّلت خلفية الحياة التي عاشها خشان، مصدر نجاح روايته، هو الذي عاش في كواليس السّاسَة، عرف رواياتهم واكتشف أسرارهم، سمع الشائعات التي طالتهم وبعضها الذي كان واقعاً. فحتى عام 2005، كان يمارس مهنة الصحافة إلى جانب تجربته في القضاء محلّلاً للشؤون القضائية والأمنية.
وفي ذلك يقول: «لستُ من خلفية جاهلة للوقائع، لكنني لم أرد كتابة كتاب تاريخ يفصّل الوقائع التي حصلت فعلاً وغيّرت مسار حياتنا، بل وضعتها في رواية حيث أتمتّع بكامل الحريّة في ذكر ما أريد، ولكن بأسماء لا تمتّ للواقع بصلة، فلا أدخل غياهِب القدح والذمّ».
أبعاد غير روائية
في منفاه الذهبي والاختياري في باريس، جلس خشان مع السياسيين الذين يخلعون الـ»أنا» خارج لبنان، فتصبح أقلّ تورّماً. بنى علاقة إنسانية أعمق معهم، فاكتشف خيبتهم في العمل السياسي، وحاول من خلال الرواية تجسيد هذه الخيبة بالشخصيات وأفعالها.
يقول خشان: «نحن بحاجة اليوم إلى أنسَنة فكرة الزعيم السياسي في العالم العربي، بعدما ألّهناه لعصور وعصور، وبعدما كنّا مستعدّين لتبرير كلّ زحف تحت قدمَي «الزعيم الإله» من دون تفكير. فعلى عكس الغرب، نحتاج اليوم إلى تكسير الهالات، وهذا ما حاولتُ إيصاله من الرواية».
يريد خشان إعادة بَرمجة اللبناني على اعتبار السياسي إنساناً عادياً وليس مبعوثاً إلهياً، لذلك قرّر خوض التجربة الروائية، «فالثورة لا تكتمل إلّا إذا حُميَت بالثقافة التي على أساسها تُبنى الأوطان».
«مومس بالمذكّر... أيضاً» لفارس خشّان، رواية يتفاعل فيها الحكيم مع القاتل، والسويّ مع الفاسد، والفاضل مع المنحرف، ومفهوم الله مع فهم الإنسان، والسعادة مع المجد الاجتماعي، والحب مع الاستغلال، والسلوكية السياسية مع مأساة الجغرافيا.
مفاهيم كثيرة تتناغم وتتنافر في هذه الرواية، التي تجعل القارئ في بعض الأحيان يغرق في «الكلمات المتقاطعة»، حيث يبحث عن مرادف لنفسه ومرادف لمَن يعرفهم أو يتعرّف إليهم».
الأكثر قراءة
الأكثر قراءة
Dec 13
رجال الدولة وانحدار ثقافة الدولة في لبنان
1
10:00
إسرائيل توجه رسالة تحذيرية للبنان!
2
Dec 13
شرقٌ للوحوشِ المتوكّلين على الله!
3
11:48
تفاصيل "هجوم سيدني": تحييدُ مهاجم واعتقال آخر و10 ضحايا
4
Dec 13
خلاصة "الجمهورية": تدخل الجيش و"اليونيفيل" يغيّر السيناريو الإسرائيلي جنوباً
5
09:09
كشفُ تفاصيل هجوم جامعة براون.. وما مصير المشتبه به؟
6
10:13
بفيديو مؤثر.. "البطل جون سينا" يعتزل رسمياً عالم المصارعة!
7
Dec 13
براك إلى إسرائيل: منع التصعيد في لبنان على الطاولة
8