عوامل مجهولة «تتآمر»... على الجوع
عوامل مجهولة «تتآمر»... على الجوع
سينتيا عواد

ماستر في علوم الاعلام والاتصال. مسؤولة عن الملحق الأسبوعي والصفحة اليومية للصحة وغذاء.

جريدة الجمهورية
Friday, 22-May-2015 00:09
من البديهي جداً الشعور بالجوع بعد الانتهاء من التمارين الرياضية، أو خلال الحمل، أو مع اقتراب الدورة الشهرية. لكن عند حدوث هذا الأمر بانتظام من دون أيّ سبب واضح، فإنه بالتأكيد يوجد خطأ أو خلل معيّن. فما هي الاحتمالات العلميّة التي توصّل إليها الخبراء في هذا الصدد؟
«يُعتبر الجوع حاجة فيزيولوجية للسعرات الحرارية والمياه والملح، ويحصل نتيجة عوامل عدّة من بينها نوع الغذاء، وهورمونات الشهيّة، وعوامل عاطفية كالتوتر»، هذا ما صرّحت به خبيرة التغذية من لوس أنجلس، ماغي مون.

إنّ معرفة السبب الكامن وراء عدم القدرة على السيطرة على الجوع ضروري جداً بما أنّ تكرار هذا الأمر قد يؤدي إلى مشكلات جسدية أو عقليّة، ويعرّض مؤشر كتلة الجسم لاحتمال بلوغ رقم فائق الخطورة.

وما هو مؤكّد أنّ التوتر، وقلّة النوم التي ترفع مستويات هورمون الغريلين الذي يحفّز الشهيّة في مقابل انخفاض معدلات هورمون اللبتين الذي يضمن الشعور بالشبع، ليسا وحدهما اللذين يعزّزان الرغبة المستمرّة في تناول الطعام!

إنما توجد عوامل أخرى يجب الانتباه إليها في حال ملاحظة أي جوع شديد غير مُبرّر:

- الجفاف: يُفسَّر الجفاف المعتدل غالباً بأنه شعور بالجوع، غير أنّ الجسم يكون بحاجة فقط إلى السوائل»، هذا ما قالته المتحدّثة في American Academy of Nutrition and Dietetics، اختصاصية التغذية أليسا رومسي.

وللوقاية من ذلك يجب الحرص على تأمين كمية جيدة من السوائل، وبدء صباح كلّ يوم بشرب كوب من المياه. في حال الشعور بالجوع وعدم شرب ما يكفي من السوائل، يُستحسن شرب كوب من المياه والانتظار 15 دقيقة إلى 20 لمراقبة ما إذا كان الجوع سيستمرّ.

- تزويد الجسم بكمية عالية من الكربوهيدرات: مَن منّا لم يتناول قطعة واحدة من الكوكيز وشعر بعد ذلك بأنه عاجز عن منع نفسه من تناول أخرى إلى حين إنهاء العلبة؟ «إنّ الكربوهيدرات البسيطة، أي النوع الموجود في المعجّنات والبسكويت والكوكيز، ترفع مستويات السكر في الدم سريعاً ثمّ تجعلها تهبط.

ويتسبّب هذا الانخفاض في سكر الدم بتناول كمية أكبر من هذه الكربوهيدرات، وبذلك تستمرّ الدورة»، هكذا أوضحت خبيرة التغذية ماغي مون. لذلك يُنصح بتفادي الكربوهيدرات البسيطة واستبدالها بالأنواع المعقّدة التي تضمن الشبع لغِناها بالألياف. من أفضل الخيارات الصحّية نجد اللوز، والتفاح، وبذور التشيا، والفستق.

- الإفراط في الكحول: إنّ احتساء كوكتيل أو كأس نبيذ قبل العشاء مباشرة يحفّز الشهيّة والشعور بالجوع حتّى عند امتلاء المعدة. وقد دعمت دراسة صغيرة نُشرت في مجلّة Appetite هذا الأمر، حيث وجدت أنّ الأشخاص كانوا أكثر ميلاً إلى استهلاك أطعمة أغنى بالسعرات الحرارية بعد احتسائهم الكحول.

وبما أنّ هذه المشروبات تسبّب الجفاف، فقد تجعل الإنسان يعتقد أنه يحتاج إلى الطعام غير أنّ الجسم يطلب في مثل هذه الحال المياه فقط. لتفادي ذلك يُنصح بالأكل قبل الشرب والحرص على احتساء كوب مياه مع الكحول للحفاظ على ترطيب جيّد.

- الحاجة إلى تناول بروتينات إضافية: تساعد البروتينات الجيّدة الخالية من الدهون على إبقاء مشاعر الجوع بعيدة! وأفادت أليسا رومسي أنّ «هذه العناصر الغذائية لا تضمن فقط الشبع، إنما تملك أيضاً تأثيراً قامعاً للشهيّة».

- عدم تناول كمية كافية من الدهون: على غِرار البروتينات، رُبطت الدهون غير المشبّعة بمشاعر الشبع، وهو الأمر الذي يمنع الأكل غير المبرّر. وتُعد الزيوت والمكسّرات والبذور والأفوكا من أفضل الخيارات الصحّية التي يمكن التركيز عليها، خصوصاً أنها صديقة للقلب والدماغ.

- حذف الوجبات: عندما تبقى المعدة فارغة لفترة طويلة، تنتج زيادة في هورمون الجوع المعروف بالغريلين، الأمر الذي يعزّز الشهيّة.

وعند الاستسلام لها، يميل الإنسان إلى الإفراط في الأكل. بشكل عام يُنصح بعدم البقاء لأكثر من ثلاث ساعات من دون الحصول على أيّ طعام بين الوجبات الرئيسة، والأهمّ عدم الاستهتار بوجبة الفطور التي تبيّن أنها تقمع الجوع غير المبرّر خلال اليوم وتُغني عن استهلاك وحدات حرارية غير ضرورية.

- الأكل بسرعة: صحيحٌ أنّ هذه الطريقة تُشعر المعدة بالامتلاء، لكنها لا تسمح للدماغ بالحصول على وقت كافٍ لتسجيل هذا الشبع، الأمر الذي يُبقي الشهيّة عالية ويدفع إلى الاستمرار في الأكل.

ولقد دعمت دراسة، نُشرت عام 2013 في Journal of Clinical Endocrinology & Metabolism، هذا الأمر، بعدما وجدت أنّ الأكل بوتيرة معتدلة يدفع إلى إفراز الهورمونات التي تُخبر الدماغ بالتوقّف عن تناول الطعام. لذلك يجب الحرص على الأكل ببطء والتلذّذ بكلّ لقمة، ثمّ الانتظار أقلّه لعشرين دقيقة قبل إضافة المزيد من الطعام.

يُشار أخيراً إلى أنّ أخذ بعض الأدوية بانتظام لمعالجة مشكلة صحّية قد يدفع بدوره إلى «مُداهمة» الثلّاجة، كمُضادّات الكآبة، والستيرويدات. في حال أخذ مِثل هذه العقاقير والشعور بجوع بعد تناول طبق طبيعي الحجم، يجب التحدّث إلى الطبيب لمعرفة ما إذا كان من الممكن إيجاد بديل دوائيّ أنسَب.
theme::common.loader_icon