Food Intolerance Test: هذه هي الحقيقة
Food Intolerance Test: هذه هي الحقيقة
سينتيا عواد

ماستر في علوم الاعلام والاتصال. مسؤولة عن الملحق الأسبوعي والصفحة اليومية للصحة وغذاء.

جريدة الجمهورية
Monday, 18-May-2015 00:00
في ظلّ التحدّث المستمرّ عن وجود مأكولات عدّة تسبب الإزعاج للجسم وتعوق قدرته على خسارة الوزن، يتهافت الناس إلى بعض العيادات لإجراء اختبارات «من المُفترض» أنها ترصد الأطعمة التي لا تناسبهم. لكن هل هي حقاً فعّالة وبالتالي يجب تصديق نتائجها؟
من الشائع جداً في أيامنا هذه طلب الخضوع لفحوص متعلّقة بالمواد الغذائية التي يعجز الجسم عن هضمها، خصوصاً أنّ كثيرين من خبراء التغذية حول العالم يشجّعون بأنفسهم مرضاهم على إجرائها. إلّا أنّ اليوم ستكشف لنا إختصاصية التغذية، كريستال بدروسيان الحقيقة الكاملة عن هذا الموضوع، عارضةً أهمّ تصريحات المنظّمات العالمية.

وقالت بداية حديثها لـ«الجمهورية» إنّ «كثيرين لا يُجيدون التمييز بين حساسية الطعام (Food Allergy) وعدم القدرة على هضم مأكولات معيّنة (Food Intolerance)، فيتّجهون نحو اختبارات هي في الواقع غير علمية كما يعتقدون ويصدّقون. لكن لحماية المجتمع والأشخاص الذين يفكّرون في إجراء هذا الإختبار، صدرت بيانات عالمية عدّة لتحذير المواطنين من الانجرار وراء هذه الوسيلة وتجنيبهم الوقوع ضحيّتها».

ما هو الـIgG؟

وتحدّثت بدروسيان عن أشهر هذه الإختبارات وهو ما يُعرف بالـFood Intolerance Test أو الـIgG، فشرحت أنه «يرتكز على أخذ نقطة دم من الإصبع وتحليلها إما في عيادة خبراء التغذية أو الصيدلية أو المختبر، ومن ثمّ رصد طريقة تفاعل الجسم على نحو 200 نوع من الأكل ومعرفة المواد التي يعجز عن هضمها.

إذا كانت IgG Antibodies عالية في الدم يعني أنّ الإنسان يواجه بعض الأعراض (نفخة، تعب، وجع رأس، إمساك، إسهال، احتباس سوائل، أرق، كآبة، مصران غليظ، زيادة وزن) بسبب نوع معيّن من الأكل.

صحيحٌ أنّ الأعراض المذكورة تحصل فعلاً عندما يعجز الجسم عن هضم طعام معيّن، ولكنّ هذا الإختبار حتى الآن لم تثبت جدارته وصحّة النتائج التي يصدرها، وبالتالي لا يمكن بواسطته معرفة الأطعمة التي لا تلائم الجسم»، مشيرةً إلى أنّ «شركات التأمين في لبنان أو العالم لا تُغطّي النفقات، ووفق التفاصيل التي يطلبها الشخص تراوح الكلفة بين 200 إلى 500 دولار».

وأضافت: «بعد صدور النتيجة، يُطلب من الشخص التوقف لنحو شهرين عن تناول الطعام الذي تبيّن أنّ له تفاعلات سلبية، على أن يُعاود تناوله بعد فترة وجيزة، الأمر الذي يؤدّي إلى ظهور الأعراض مجدّداً.

وإنه «لمن السخرية» في هذا الموضوع أنّه يُقال غالباً للمريض إنه يعاني Gluten Intolerance أو Milk Intolerance اللذين يُعتبران من بين المحفّزات الرئيسة للأعراض المذكورة. لكن في الواقع ومن دون الحاجة إلى هذا الإختبار، فإنّ مجرّد التوقف عن تناول مصادر الحليب أو الغلوتين (معكرونة، كوكيز، بسكويت...) ستنتج عنه تلقائياً خسارة الكيلوغرامات الزائدة».

تصريحات المنظّمات العالمية

وكشفت بدروسيان أنّ «أهمّ المنظمات العالمية قد حذّرت من إجراء IgG Test خصوصاً أنّه لا يساعد فعلاً على رصد المشكلة ويؤدّي إلى هدر الأموال. وأفادت كلّ من American Academy of Allergy Asthma and Immunology والـAmerican College of Asthma and Immunology أنّ IgG Antibody Test لا يملك أيّ أهمية طبية وهو غير دقيق ويفتقر إلى السيطرة على الجودة، وبالتالي يجب عدم الخضوع له.

كذلك اعتبرتAmerican Academy of Allergy Asthma and Immunology أنّ بعض خبراء الصحّة يطلب هذا الإختبار لأنواع معيّنة من الأكل، والنتيجة تكون مفسّرة بطريقة خاطئة وتؤدّي إلى أنواع معيّنة من الحميات تُعطى للأشخاص وتكون غير صحّية ويصعب اتباعها والأخطر أنها تفتقر إلى عناصر غذائية مهمّة للجسم.

وبدورها صرّحتEuropean Academy of Allergy and Clinical Immunology أنّ ارتفاع IgG Antibodies في الدم لا يعني إطلاقاً وجود عدم القدرة على هضم الطعام، إنما العكس تماماً هو الصحيح.

أمّا Australian Society of Clinical Immunology and Allergy فأكّدت عدم توافر أدلة موثوق بها لقياس IgG Antibodies ومعرفة وجود عدم القدرة على هضم طعام معيّن، أو أنّ ارتفاعها في الدم هو فعلاً وراء الأعراض التي تُصيب الإنسان».

الطريقة الوحيدة الفعّالة

لكن ما مفهوم عدم القدرة على هضم طعام معيّن؟ «إنه تفاعل يحصل عند تناول نوع من الأكل يؤدّي إلى تهيّج الجهاز الهضمي، بمعنى أنّ الشخص يعجز عن هضم الطعام بشكل صحيح. واللافت أنّ هذه المشكلة تزداد تدريجاً وتحصل فقط عند تناول كمية كبيرة من نوع معيّن من الأكل، والأهمّ أنها لا تسبب الموت إنما تقتصر أعراضها على الغثيان، وجع البطن، إسهال، تقيؤ، نفخة، غازات، حرقة، ألم في الرأس، وعصبية. من أهمّ أنواع Food Intolerance الشائعة نجد الـLactose Intolerance أيْ أنّ الجسم يعجز عن هضم الحليب ومشتقاته بسبب فقدانه لأنزيم اللاكتاز، ما يسبّب النفخة.

ولرصد هذه المشكلة يمكن الخضوع لاختبار تشخيصي، فيُطلب من الشخص تناول كمية من اللاكتوز ثمّ يحلّل الطبيب طريقة استجابة الجسم من خلال اختبار دم يجريه فقط من أجل اللاكتوز. أمّا النوع الثاني فهو عدم القدرة على هضم مواد صناعية معيّنة تُضاف إلى الأطعمة لتحسين شكلها أو لونها أو عدم تكاثر البكتيريا فيها، وتحديداً الملوّن الأصفر رقم 5 والمونوصوديوم غلوتامات والسولفيت».

وأكّدت بدروسيان أنّ «الطريقة الوحيدة الفعّالة حتّى الآن لرصد مشكلة عدم القدرة على هضم الطعام تكمن من خلال تخصيص مذكّرة للأكل لتدوين المواد الغذائية التي يتناولها الإنسان يومياً وطريقة استجابة جسمه لها. وفي حال الشكّ بأنواع عدّة، يجب اختيار كلّ نوع على حدى وإدخاله إلى الأكل خلال اليوم لمراقبة أيّ تفاعل مُحتمَل. هذه هي الطريقة الوحيدة التي تساعد على التحكّم بالـFood Intolerance.

كذلك يجب معرفة الكمية المناسبة بما أنّ الجسم قد يتحمّل على سبيل المثال نصف كوب من الحليب ولكنه يعجز عن هضم كوب كامل، أو قد لا يتحمّل الحليب بحدّ ذاته ولكنه يستجيب جيداً مع الجبنة لاحتوائها نسبة أقلّ من اللاكتوز.

أمّا في ما يخصّ عدم القدرة على هضم المواد الصناعية المُضافة، فيجب قراءة أغلفة المنتجات جيداً لتفاديها»، لافتةً إلى أنّ البعض قد يجد أنّ هذه الطريقة تشبه الـIgG Test، ولكنّ الخطأ في هذا الإختبار أنه بعد رصد الأنواع يُعاد إدخالها مع بعضها بعد مرور شهرين.

وتابعت حديثها: «صحيحٌ أنّ تخصيص روزنامة للأكل ومراقبة تفاعلات الجسم سيأخذ وقتاً أطول مقارنةً بالـ IgG Test الذي تصدر نتائجه سريعاً ومن خلال نقطة دم واحدة، ولكنه سيعطي نتيجة صحيحة ويشكّل حتى الآن الوسيلة الوحيدة والأنسب لمعرفة أنواع الأطعمة التي يعجز الجسم عن هضمها. وفقط الأطباء وخبراء التغذية يمكنهم معرفة ذلك من خلال الاطّلاع على غذاء الشخص وتفاعلات جسمه التي سجّلها، ومن ثمّ مساعدته أكثر على التحكّم بها».

إختلاف حساسية الطعام

وقدّمت بدورسيان شرحاً بسيطاً عن حساسية الطعام (Food Allergy)، فقالت إنّ «الإنسان المُصاب بها يشعر بأعراض سريعة مباشرةً عقب استهلاك الطعام، واللافت أنّ كمية صغيرة تؤدّي إلى تفاعلات شديدة وتتكرّر كلما استهلكها وقد تكون قاتلة.

وإستناداً إلى دراسة نُشرت في Journal of American Medical Association، فإنّ شخصاً واحداً من بين ثلاثة أشخاص في أميركا يُعتقد أنه مُصاب بحساسية الطعام، بينما الحقيقة هي أنّ 4 في المئة فقط من المراهقين والكبار يعانون فعلاً هذه المشكلة. وتشمل الأعراض حكة، وجعاً في الصدر، إنخفاض ضغط الدم، عدم القدرة على التنفّس والبلع، وتستدعي دخول المستشفى.

إنّ 90 في المئة من كلّ أنواع حساسية الطعام تأتي بسبب الفستق والـTree nuts كالجوز والبيكان واللوز، السمك، ثمار البحر، الحليب، البيض، الصويا، والقمح. لرصد هذه المشكلة، يجب إستشارة الطبيب الذي يجري إختبارين هما Skin Trick Test الذي يتطلّب وضع أنواع معيّنة من المواد على الجلد ثمّ الضغط عليها، فإذا تضخّمت يعني أنّ هذا النوع من الأكل يسبب الحساسية. أمّا الطريقة الثانية فتكمن من خلال إجراء فحص دم يطلبه الطبيب الذي هو المخوّل الوحيد لتحليله».

للتدقيق أولاً!

وختاماً دعت إلى «التدقيق جيداً بالإختبارات كافة قبل إجرائها، وفي حال الشكّ بعدم القدرة على هضم طعام معيّن، يجب التحدّث إلى اختصاصية التغذية التي ستتأكّد من ذلك من خلال طرح مجموعة أسئلة والتقيّد بروزنامة مخصَّصة للأكل»، آملة بالتوصّل إلى اختبار علمي صحيح يرصد بدقّة هذه المشكلة.
theme::common.loader_icon