تنفّسَت السجّادة الحمراء العملاقة هواءَ البحر الأبيض المتوسط المتدفّق من الريفييرا الفرنسية، بعد أن أمضَت عاماً كاملاً في أقبيةِ قصر الاحتفالات والمؤتمرات تنتظر بلهفةٍ دوسَ أقدامِ النجوم والمصوّرين الباحثين عن بريق الذهب على الشاشة وفي الجوائز.

وتسلّحَت محطات التلفزَة من حول العالم بكلّ معدّاتها لمواكبة واحدٍ من أبرز الأحداث السينمائية قاطبةً، فيما انكبَّت الجماهير على مواقع التواصل الاجتماعي من جهة وعلى الطرقات المؤدّية إلى المهرجان بَحثاً عن صورة أو توقيع أو حتى نظرة خاطفة من نجوم السينما العالميين.

مهرجان «كان» السينمائي كان وما زال أحدَ أكثر المهرجانات جرأةً وإثارةً للجدل من بين المهرجانات السينمائية الدولية. ومنذ تأسيسه إبّان الحرب العالمية الثانية كردٍّ على التأثيرات المفسِدة للنازيّة على «مهرجان البندقية السينمائي»، وفّرَ المهرجان الفرنسي 69 عاماً من السينما العالمية المثيرة للجدل.

المرأة

أبرز ما في الدورة 68 من المهرجان العريق هو تسليط الضوء المكثّف على المرأة في صناعة السينما العالمية. وحَلّت المرأة ضيفةً استثنائية على المهرجان هذا العام، سواءٌ كمخرِجة أو كعضوة لجنة تحكيم.

ويبدأ المشوار منذ اللحظات الأولى مع افتتاح الدورة بفيلم للمخرجة إيمانويل بيرسو ومن بطولة كاثرين دونوف، لتكون المرّة الثانية في تاريخ «كان» التي يُفتتح فيها المهرجان بفيلم من إخراج امرأة بعد فيلم ديان كوريس عام 1987.
وتتنافَس المخرجتان مايوين بفيلم «Mon Roi» وفاليري دونزيلي بفيلم «Marguerite and Julien» على جائزة السعفة الذهبية.

كما تتنافس على جائزة «Un Certain Regard» كلّ مِن المخرجة شين سو وان بفيلم «Madonna» وايدا باناهاندي بفيلم «Nahid»، والمخرجة اليس وينوكور بفيلم «Maryland» والمخرجة ناوومي كاواسي بفيلم «Sweet Red Bean Paste».

كما سيتمّ تكريم المخرجة الفرنسية أغنيس فاردا بسعفة ذهبية فخرية، فضلاً عن عرض خاص لفيلم «A Tale of Love and Darkness» من إخراج المتألقة دوماً ناتالي بورتمان. وبعيداً من الإخراج، ستشارك المرأة في لجان التحكيم، وستجلس المخرجة اللبنانية المبدعة نادين لبكي على كرسي لجنة تحكيم مسابقة «Un Certain Regard» إلى جانب المخرجة السعودية هيفا المنصور. فضلاً عن منح الموسيقية من أصل مالي روكيا تراوري كرسي في لجنة تحكيم المسابقة الأساسية.

جنس

ولم تمرّ دورة في مهرجان «كان» من دون إثارة جدل حول قضية معيّنة، وخصوصاً موضوع الجنس الذي لعبَ دوراً بارزاً في اختيارات لجان التحكيم على مدى السنوات للمنافسة على جائزة السعفة الذهبية، الأمر الذي سبّبَ انقساماً عامودياً حادّاً في الآراء بين النقّاد وصدمات موجعة للجماهير.

والأمر بدأ مع «لا دولتشي فيتا» (La Dolce Vita) لفيديريكو فيليني عام 1960، الفيلم الذي أثارَ غضبَ الكنيسة الكاثوليكية التي أعلنَت في حينها أنّ مشاهدة الفيلم خطيئة.

ومن ثمّ مهّدَ مهرجان «كان» الطريق أمام أفلام غير تقليدية مثل «Sex, Lies and Videotape» لستيفن سوديبيرغ، ومن بعدها الفيلم الفاضح «The Brown Bunny» الذي احتوى على مشاهد جنسية لم تزعج رجالَ الدين فقط وإنّما النقّاد أيضاً الذين وصَفوه بأسوَأ فيلم في تاريخ المهرجان.

وفي هذه الدورة، يمكننا توَقّع بعض الجنس في فيلم «Love» للمخرج كاسبار نوي المعروف أيضاً بفيلم «Irreversible» ومشهد اغتصاب مونيكا بيلوتشي العنيف الذي دفع ببعض المشاهدين لمغادرة السينما.

وليس الجنس وحدَه النجم المتوقّع لهذه الدورة، فأفلام الرسوم المتحرّكة لها حصّة كبيرة أيضاً، فبعد عام 2009 عندما أصبح فيلم ،»Up» من إنتاج شركة بيكسار، أوّل فيلم انيماشين يفتتح دورة من مهرجان «كان». يعود المخرج بيت دوكتير هذا العام بفيلم «Inside Out» ليقلبَ المهرجان رأساً على عقب.

لبنان

إلى جانب مشاركة المخرجة اللبنانية نادين لبكي، سيَحظى لبنان بفرصةِ المنافسة على السعفة الذهبية عن فئة الأفلام القصيرة من خلال مشاركة الشاب اللبناني الموهوب إيلي داغر بفيلمه الأنيماشن «موج 98».

وبعد مرور حوالي ربع قرن، يكون إيلي داغر المخرج اللبناني الوحيد المشارك في المهرجان من بعد فوز المخرج اللبناني مارون بغدادي بجائزة لجنة التحكيم عن فيلمه «خارج الحياة». وتَجدر الإشارة إلى أنّ «موج 98» احتلّ المرتبة الأولى بين 9 أفلام قصيرة تمّ اختيارها للمشاركة في المسابقة من ضمن 4550 فيلماً.