رويدا عطية: فليَخُنّي كلّ الناس... إلّا هو!
رويدا عطية: فليَخُنّي كلّ الناس... إلّا هو!
رنا اسطيح
جريدة الجمهورية
Friday, 01-May-2015 00:12
إنها صوتٌ قبل أن تكون أيّ شيء آخر. فنّانة من الطراز الرفيع صاحبة حنجرة من ذهب وأعمال ناجحة ضمنت لها مكانةً متقدّمة بين نجمات جيلها. رويدا عطيّة التي قدّمت أخيراً أغنية «الرقصة الأولى» بنجاح كبير، خصّت «الجمهورية» بحوار مفصّل عن جديدها الفنّي وخياراتها في الحياة والغناء.
لا يمكن أن تحدِّث رويدا عطية ولا تقع في فخّ حلاوة اللسان المثقّف وشاعرية الكلمات التي تختارها وكأنها بها تشدو بإحدى الأغنيات البديعة. بصدق وشفافية تعجب لهما في هذا الزمان، تضمن رويدا عطية احترام الصحافة ومحبّة جمهور واسع يعشق صوتها البارع في الطربي والشعبي على حد سواء.

بعد تجربة صعبة مع إدارة أعمالها السابقة، ها هي تعود اليوم قويّة جميلة كما عهدها الناس مع إدارة أعمال تؤكّد انها على انسجام تام معها ويتولّى إدارتها سمير المولى الذي تفضّل وصفه برفيق الدرب الجديد ورفيق النجاحات أيضاً.

بالنسبة إليها: «كل مرحلة في المشوار الفنّي تحتفظ بحلاوتها الخاصة ومرارتها أيضاً، ومع الوقت يزداد النضج لدى الفنان ويتعلّم كيفية التعامل مع الناس بطريقة أفضل. منذ عشر سنوات كان اسمي مُلكي أما اليوم فهو لم يعد يخصّني وحدي والتعامل معه بشكل خاطئ أمر خطير مهنّياً، لذلك أنا سعيدة جداً مع «المولى برودكشن» ونعمل سوياً باحترافية وشفافية وصدق. وهذا الأهم، فأنا شخص حسّاس للغاية وممكن أن أحزن من كلمة صغيرة، لذلك متانة العلاقة بيننا على الصعيد الإنساني إلى جانب الفنّي مهمّة».

رويدا التي وقفت أمام جمهور ضخم أخيراً في مهرجان طربلس السنوي، تعرب عن سعادتها بالمشاركة في هذه الاحتفالية التي استضافتها عاصمة الشمال، معتبرةً أنّ الهاجس الأمني لم يساورها رغم ما تشهده المنطقة من اضطرابات.

والمطربة التي كرّمت الشحرورة صباح أخيراً من على خشبة مسرح «تريانون» العريق في فرنسا تعترف أنها «كانت المرّة الأكثر قسوةً بالنسبة لي. فلطالما غنّيت صباح، ولكنها كانت المرّة الأولى التي أغنّيها في غيابها».

لم تسعَ رويداً يوماً إلى التسلّق على أكتاف الشحرورة بعكس كثير ممّن غنّوا لها. هذه حقيقة يلمسها مَن يعرف رويدا عن كثب ويعرف قدرتها على العمل بصمت وأحياناً بخلاف ما قد تمليه مصلحتها الفنّية. وهي تعترف: «عملت جاهدةً لأخرج من عباءة صباح. ليس سهلاً أن تغنّي لقامة فنّية بحجمها.

مهما حاولت أن أبقى وفيةً لها بصوتي ومهما حاولت التعبير عن إعجابي بهذه الفنانة الاستثنائية ستبقى هي الأصل وأنا نسخة غير أصلية عنها، لذلك كان من الضروري أن أؤكّد هويتي الخاصّة. اليوم في غيابها يقول بعض المحبّين الحمد لله أنّ هناك رويدا لإكمال المسيرة ولكن انا أقول إنني لا أريد أن أكون الوكيل الحصري لأغنيات صباح فعلى كل صوت جميل أن يكرّمها».

رويدا التي يُطلق عليها لقب «صباح جونيور» تقول: «لديّ حساسية على الألقاب. لا أحب تشبيهي بأيّ شخص أو فنان. بالطبع تشبيهي بصباح فخر لي ولكن بعد سنوات سيبقى اسمي وتزول الألقاب كلها. أفضّل أن يقال إنني أغنيها بشكل جيّد على ان يُطلق عليّ أيّ لقب».

وتشدّد: «أؤمن بالموهبة والعمل الجاد لتأكيد هويتي على الساحة الفنّية وأهتم بنوعية أعمالي أكثر مما اهتم بالشهرة والألقاب. في النهاية يهمنّي أن يتم تقويمي على أساس الأعمال التي قدّمتها وليس كمية الألقاب التي حصدتها».

ولكن عندما نسألها عن لقب «وحشة الفن الصغيرة» الذي منحها إيّاه النجم التونسي صابر الرباعي، لا يمكنها إلّا أن تعرف مع ابتسامة عريضة بسعادتها به بشكل خاص موضحةً: «البعض قد يجهل السبب الذي جعله يمنحني هذا اللقب. والحقيقة أننا اجتمعنا في حلقة «تاراتاتا» حيث كان لي شرف مشاركته الغناء.

هو نجم عربي ذو مقدرات صوتية قلّ نظيرها ولديه أرشيف ضخم وصوت طيّع يمكنه التنقّل بسلاسة كبيرة بين أصعب النوتات. وعندما شاركته الحلقة غنّيت على طبقة موسيقية تناسبه وليس على طبقة صوتي ومع ذلك تمكّنت بذكاء من الالتفاف حول بعض النوتات التي لا تلائم طبقتي، وبعدما رأى أدائي نظر إليّ بمحبّة كبيرة وهنّأني. كانت تجربة جميلة وأنا سعيدة جداً بغنائي إلى جانب هذا الصوت الرائع».

وتؤكّد: «أنا وحشة على مسرحي وفي فنّي. عندما أعتلي الخشبة «آكل الأخضر واليابس» فلا أغنّي نصف مغنى ومهما كنت مريضة أو متعبة أقدّم دائماً طاقتي القصوى فإما أن أحرق المسرح أو يحرقني هو. هذا شغفي وهذا ما أعشق».

بالنسبة إليها صوتها هو الأهم، حيث تقول «فليَخُنّي كلّ الناس إلّا صوتي»، موضحةً «أعامل صوتي كشخص مستقلّ وأحترمه كثيراً. ولهذا السبب أكون مستعدّةً للغناء في أيّ وقت. فصوتي هو الوفاء الذي أحتاجه والذي لا يخونني متى احتجته.

حتى إنّ الأشخاص القريبين منّي يجدونني قبل الحفلات أو المقابلات أحدّث نفسي فيسألون: مَن تحدّثين؟ أقول لهم أحدّث الشخص الأكثر وفاءً في الدنيا وهو صوتي ولذلك أقول فَلْيَخُنّي الجميع إلّا هو».

وفي تصريحها اعتراف غير مباشر بلوعة من خيانة الناس. في هذا الخصوص تقول: «الخيانة ليست محصورةً بالحبيب قد تأتي من أخ أو أخت أو صديق وتكون أحياناً أكثر إيلاماً وقسوةً من خيانة الحبيب. وقد علّمتني الخيانة ألّا أخون لأنّ الخيانة موجعة وقاسية ولا أتمنّى لأحد أن يشعر بها».

صاحبة أغنية «شو سهل الحكي» التي ما زالت تحصد نجاح أغنية «الرقصة الأولى» من كلمات محمد حمزة وألحانه وإخراج سيلفانا المولى، تؤكّد أنها لن ترقص الرقصة الأولى مجدداً، معترفةً «ليس لديّ حبيب الآن لأفكّر في الموضوع وهذا ليس هدفي في المدى المنظور وإنما هدفي تركيز كل قوّتي على فنّي وعلى الصورة التي أقدّمها للناس».

رويدا من الأصوات القليلة التي قدّمت بنجاح اللونين الطربي والشعبي وأحبَّها الجمهور في الاثنين. فنانون كثر يدّعون جمعهم اللونين المختلفين ولكنّ الحقيقة تؤكّد أنّ قلة قليلة قادرة على تلوين اللونين بصوت طيّع وبالاتقان نفسه.

ومع ذلك تعترف النجمة التي بدأت مشوارها من برنامج «سوبرستار» أنّ اللون الطربي هو الأقرب إلى قلبها: «أحبّ هذا اللون كثيراً وأعشق أغنيات وردة وأم كلثوم وميّادة الحنّاوي ويستهويني غناء المقاطع الطويلة وأشعر أنّ صوتي يرتاح في أداء هذا النوع ويسبح كما يحلو له في بحر هذا الفنّ العريق». أما الأغنيات التي صدرت لسواها من الفنانين ولاقت إعجابها في الآونة الأخيرة فكثيرة وأبرزها أغنية «قصتنا خلصت» لأدهم نابلسي.

وتعلن استعدادها لطرح أكثر من عمل غنائي في الفترة التي ستسبق شهر رمضان الكريم بينها «أغنية شعبية مختلفة كل الاختلاف عما قدّمته سابقاً، فهي لن تتناول موضوع الحبيب وإنما تخاطب الناس كلّهم في قالب غنائي جديد من حيث الكلمة واللحن، وان شاء الله سأصوّرها مع المخرجة سيلفانا المولى التي أوصلتني بطريقة جميلة إلى الناس».

وتؤكّد صاحبة أغنية «حياتي ملكي» تحضيرها أغنية وطنية معترفةً: «منذ بداية الأزمة السورية، عُرضت عليّ أغنيات وطنية كثيرة، ولكنني لم أجد في أيٍّ منها الموضوع الدسم الذي يضع الاصبع على الجرح كما كنت أرغب.

أما الأغنية التي اخترتها فقد لمست أحاسيسي ووجعي كسورية وآمل أن تستطيع ان تترجم وجع السوريين وتصل إلى أحاسيسهم وأن يكون المغتربون السوريون موحَدين ويداً واحدة أينما كانوا في العالم من أجل سوريا وانتهاء أزمتها».
theme::common.loader_icon