عودة يُحيي «الجمعة العظيمة»... وبيروت تغص بالمؤمنين
عودة يُحيي «الجمعة العظيمة»... وبيروت تغص بالمؤمنين
باسكال بطرس
جريدة الجمهورية
Saturday, 11-Apr-2015 00:08
أحيت الطوائف التي تتّبع التقويم الشرقي، أمس، خدمة جنّاز المسيح ودفنه في بيروت، وسار المؤمنون وراء نعش المسيح وسط قرع الأجراس حزناً وطافوا به في الباحات الخارجية لكنائسهم. وفي كاتدرائية مار جاورجيوس في ساحة النجمة وسط بيروت، ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة عصراً جنّاز المسيح في حضور عدد من الوزراء والنواب والفعاليات والمؤمنين.
أمطرت السماء وأرعدت يوم الجمعة العظيمة لدى الطوائف التي تتّبع التقويم الشرقي، وكأنّها تعبّر عن مشاركتها حزن المؤمنين وألمهم في هذا اليوم التاريخي المقدّس، الذي توافد خلاله المصلّون إلى الكنائس التي عمّتها الاحتفالات المهيبة والصلوات لمناسبة خدمة جنّاز المسيح ودفنه على رجاء القيامة.

وعلى رغم الطقس الماطر، غَصّت الكنائس بالمؤمنين في مختلف المناطق اللبنانية، ونفّذت وحدات الجيش المنتشرة تدابير أمنية استثنائية في محيط أماكن الاحتفالات ودور العبادة، بما في ذلك إقامة حواجز وتسيير دوريات مؤللة وراجلة وتركيز نقاط مراقبة، تسهيلاً لانتقال المواطنين والحفاظ على أمنهم وسلامتهم، خلال ممارستهم شعائرهم الدينية.

عودة

وعلى وَقع قرع الأجراس حزناً، احتشد المؤمنون داخل كاتدرائية القديس جاورجيوس وفي باحاتها الخارجية عند الخامسة عصراً، للمشاركة في رتبة سجدة الصليب ودفن المصلوب وقداس الجمعة العظيمة، حاملين صلباناً كبيرة مُحيين درب الجلجلة التي سار عليها السيّد المسيح قبل الصلب.

وفي تمام الساعة الخامسة عصراً، دخل المطران عودة الكاتدرائية حاملاً الصليب المذهّب ومحاطاً بلفيف من الكهنة والشمامسة، متّجهين نحو المذبح حيث نَعش المسيح المزيّن بالورود، وبدأ الاحتفال في أجواء من الخشوع والرهبة، ووسط الترانيم والتراتيل البيزنطية والأناشيد الخاصة بالآلام.

وبعد الصلاة وقراءة الإنجيل، أقام عودة مع الكهنة المعاونين زيّاحاً جابَ الكنيسة، حاملاً على ذراعيه «الإبيتافيون»، وهي قطعة من قماش رُسمَت عليها الأيقونة التي تصوِّر السيّد المسيح بعد إنزاله عن الصليب، ليتبارك منها المؤمنون، وسط الصلوات والتراتيل.

وعندما بلغوا المذبح، صعد المطران عودة على درجته وغسل الصليب بماء الورد، كما فعل يوسف الرامي ونيقوديموس، حين غسلا جسد الرب قبل أن يقوما بدفنه في القبر الجديد. وبعدها، حنّط المطران عودة الصليب بالبخور والطيوب ولفّه بكتّان نَقي ودَفنه في المكان المخصص لهذه المناسبة وراء مائدة الخلاص أو المذبح.

ثمّ تلا صلاة التسبحة بالسريانية وهو يبخّر القبر والحاضرين بالمجمرة، والشعب يشاركه التسبيح. وبعد الانتهاء من تلاوة هذه التسبحة، رَشّ المؤمنين بماء الورد الممزوج بالخل والمرارة الذي غسل به الصليب المقدس.

وكانت قد سبقت الرتبة الجنائزية صباحاً خدمة إنزال المصلوب، والتي تتفرّد بها الكنيسة الأرثوذكسية. بدأت الخدمة بما نسمّيه «الساعات الملوكيّة»، وهي عبارة عن الساعات اليومية التي تتلى كل أيام السنة، وقد أضيف إلى كلّ منها مقطع من الرسائل وفصل إنجيلي مع قراءات من العهد القديم تتمحور حول نبوءات الأنبياء وآلام المسيح.

إلى ذلك، قرأ كاهن رعية مار جاورجيوس المقاطع الإنجيلية التي تتحدّث عن موت المسيح وآلامه. واستذكرَ المصلّون كيف ذهب الجنود ليكسروا ساقيَ يسوع ولم يفعلوا ذلك لأنه كان قد أسلم الروح...

وعند نهاية الخدمة، تقدّم الكاهن، ممثِلاً يوسف الرامي، وحمل يسوع المعلّق على خشبة الصليب والموضوع في وسط الكنيسة، وحمل الأسقف الإبيتافيون، فتوافد المؤمنون وسجدوا للإبيتافيون، ونثروا الزهور والورود في إشارة الى أنّ الحياة فاضَت من جسد المسيح، على عكس موت الإنسان الذي يعطي رائحة كريهة.
theme::common.loader_icon