رسائل سورية مشفّرة من "وادي قنديل" الى "جسر البقيعة"
رسائل سورية مشفّرة من "وادي قنديل" الى "جسر البقيعة"
اخبار مباشرة
جورج شاهين
طرح اعتداء القوات السورية على معبر البقيعة على الحدود اللبنانية - السورية الشمالية، فجر أمس، سلسلة من الأسئلة في شأن طريقة تعاطي النظام السوري مع جيرانه، ومدى القدرة على مواجهة الحوادث الحدودية والداخل السوري المتفجّر معاً، والمعايير المختلفة التي يعتمدها مع كل واحدة من دول الجوار. فما هي الخلفيات وكيف يمكن قراءتها؟
لم يكن في الحسبان ما شهدته النقطة الحدودية ما بين جسر القمار، كما تسمّيه سوريا حيث نقطة الجوازات والهجرة السورية من جهة، وجسر البقيعة حيث مركز الأمن العام اللبناني وموقع القوة الأمنية المشتركة المكلفة حماية المنطقة النموذجية الحدودية بين البلدين، ذلك انّ الفاصل بين الموقعين لا يزيد على عشرين مترا، ويمكن تبادل العبارات بين الطرفين همساً في الليل والنهار، عدا عن المعرفة الشخصية القائمة بين عناصر الطرفين بالاسم والعنوان وبأدق التفاصيل اليومية لعسكريي البلدين.
لو كان الحادث طبيعيا!
وقد توسعت رقعة التحليلات عن الغايات التي قصدها العسكريون السوريون من "توقيف" أو "اصطحاب" أو "خطف" عنصرين من الأمن العام وتجريد احد افراد القوة الأمنية المشتركة من سلاحه قبل إطلاق سراحهما واعادة البندقية الى صاحبها، بعد الإشارة الى أن هجوما تعرض له عناصر الموقع السوري اصيب فيه عسكريان قبل ان يقوم بما قام به.
وفي ظلّ الغموض الذي رافق الحادث، يقول العارفون إنه حتى لو كان عادياً، كان الأحرى، وقياساً على حجم العلاقات المميزة بين عناصر الطرفين، ان يتعاونا على مواجهة المجموعة المسلحة ايّاً كانت هويتها، لمنع اي توتر على هذه النقطة الحدودية التي يتلاقى فيها عناصر الطرفين على "الحلوة والمرة"، كما يقال، بدلاً من التعرّض للعسكريين اللبنانيين ونقلهم الى الأراضي السورية ولَو لدقيقة واحدة.
مواقف سليمان وميقاتي غيّرت المعادلة
هذا ما اجمعت عليه القراءة الأمنية والسياسية للحادث على لسان اكثر من مسؤول لبناني. فلو أنّ ما حصل كان أمراً طبيعياً وردّ فعل على الرواية التي تقول إن المركز السوري تعرّض اولا للقصف المباشر من مجموعة مسلحة وإصابة عسكريين سوريين قبل ان يتحرك الجنود السوريون، لكان الأمر مفهوماً. لكن ما صدر عن رئيس الجمهورية جعل الحادث في موقع آخر مختلف تماما عن طبيعته العادية وأعطاه بعدا آخر بكل المقاييس، وخصوصا عندما اعتبره "امراً مرفوضاً يخالف القوانين والاعراف الدولية" ويتجاوز "مبدأ التنسيق الواجب بين البلدين على طول الحدود".
وزاد في القراءة عمقا ما قاله رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي اعتبر ان ما حصل شكّل "خرقاً غير مقبول للسيادة اللبنانية"، متوعداً بأنه "سيكون موضع متابعة من المراجع المختصة لجلاء ملابساته كلها".
وعليه، توسعت رقعة التفسيرات، وهناك مَن ربطها بين ما يجري على الحدود السورية - التركية في المرحلة التي تلت تصعيد التدابير المزدوجة على الحدود المشتركة بين البلدين، وما تنذر به الإجراءات التركية في حال تجددت المواجهة بين البلدين التي اتخذت أبعادا مختلفة منذ إسقاط طائرة الاستطلاع التركية قبل ايام فوق مياه المتوسط.
قدرات روسية لا سورية!
ومردّ هذا الربط مضمون ما نقلته التقارير الديبلوماسية التي وصلت المراجع اللبنانية من اكثر من مصدر اوروبي وغربي، وتحدثت عن تورط روسي مباشر في حادث إسقاط الطائرة التركية، وانه كان من الضروري ان تتجاهل تركيا هذه الحقيقة المرة في هذه اللحظة التاريخية بالذات لألف سبب وسبب، وأن أيّ رد تركي على الجانب السوري لم يعد له الأهمية البالغة متى كشفت هذه الحقائق وباتت بتصرّف الرأي العام الدولي والتركي تحديدا.
وتعترف المراجع الديبلوماسية، التي تصرّ على هذه الرواية، ان الموقف التركي المتريّث في ملف الطائرة واستئخار ردات الفعل الفورية التي كان يمكن ان تنجم عنها، وفّر على المنطقة مواجهة مبكرة لا يريدها الروس ولا الأميركيون ولا الأتراك بالتأكيد، ومعالجتها يمكن أن تتم بطريقة تشبه حوادث كان يمكن ان تشهد صداما آخر فوق المتوسط في الأيام التي تلت إسقاط الطائرة الأولى وبقيت بمعظمها طيّ الكتمان، ما عدا واحدة منها تسربت الرواية حولها من طرف ثالث.
ومردّ هذه القراءة، ما عرف عن عجز الرادارات السورية في مواجهة عمليات مماثلة قبل الدخول الروسي على خط التجهيزات في الرصد الجوي منذ شباط الماضي.
ومنها على سبيل المثال لا الحصر، جولة الطائرات الإسرائيلية من قبل عامين فوق القصر الجمهوري السوري في قلب دمشق، وصولاً الى قصف منشآت سورية حيوية في دير الزور.
لكن الأمر على ما يبدو قد تغيّر، بعدما أدخلت البوارج الروسية معدات الرصد الجديدة الى الأراضي السورية، ومعها الأسلحة المتطورة الأخرى التي وضعت بتصرّف الجيش السوري بإدارة روسية مباشرة، ومنها قاعدة روسية متطورة للرصد والمواجهة الجوية التي تمّ تركيبها في "وادي قنديل" الواقعة شمال مدينة اللاذقية، وهي النقطة الأقرب الى الحدود التركية.
على هذه الخلفيات، تتابع المراجع الديبلوماسية الأوروبية بقلق بالغ الرسالة السورية التي تبلّغها الجانب اللبناني عبر جسر البقيعة، ومنه الى بقية دول العالم، والتي تقول ان الحرب السورية يمكن ان تلقي بظلالها على المنطقة برمّتها من تركيا الى لبنان، ومنها الى مختلف مناطق الجوار السوري، وخصوصا إذا صحّت الروايات التي نقلت من الأردن وتحدثت عن خرق النظام السوري لشبكة الأمان الأردنية الداخلية بغية البحث عن قلاقل في الأراضي الأردنية تربط ساحته الداخلية بالوضع في سوريا ايضا، كما الوضع في لبنان.
وما على العالم الغربي إلّا ان يفكر بمواجهة السوريين والروس معاً، ليس على ارض سوريا فحسب بل في المنطقة بكاملها، وهذا ما تتحاشاه الديبلوماسية الدولية الى اليوم.
لكن متى فرضت مثل هذه المواجهة، تعترف المصادر ان اللعبة ستتغير برمّتها، ولن تقف القضية عند "جسر البقيعة" أو في "وادي قنديل". والله اعلم اين ستكون ساحات المواجهة بين الروس والأميركيين ومَن يمثّلهم في المنطقة.
لو كان الحادث طبيعيا!
وقد توسعت رقعة التحليلات عن الغايات التي قصدها العسكريون السوريون من "توقيف" أو "اصطحاب" أو "خطف" عنصرين من الأمن العام وتجريد احد افراد القوة الأمنية المشتركة من سلاحه قبل إطلاق سراحهما واعادة البندقية الى صاحبها، بعد الإشارة الى أن هجوما تعرض له عناصر الموقع السوري اصيب فيه عسكريان قبل ان يقوم بما قام به.
وفي ظلّ الغموض الذي رافق الحادث، يقول العارفون إنه حتى لو كان عادياً، كان الأحرى، وقياساً على حجم العلاقات المميزة بين عناصر الطرفين، ان يتعاونا على مواجهة المجموعة المسلحة ايّاً كانت هويتها، لمنع اي توتر على هذه النقطة الحدودية التي يتلاقى فيها عناصر الطرفين على "الحلوة والمرة"، كما يقال، بدلاً من التعرّض للعسكريين اللبنانيين ونقلهم الى الأراضي السورية ولَو لدقيقة واحدة.
مواقف سليمان وميقاتي غيّرت المعادلة
هذا ما اجمعت عليه القراءة الأمنية والسياسية للحادث على لسان اكثر من مسؤول لبناني. فلو أنّ ما حصل كان أمراً طبيعياً وردّ فعل على الرواية التي تقول إن المركز السوري تعرّض اولا للقصف المباشر من مجموعة مسلحة وإصابة عسكريين سوريين قبل ان يتحرك الجنود السوريون، لكان الأمر مفهوماً. لكن ما صدر عن رئيس الجمهورية جعل الحادث في موقع آخر مختلف تماما عن طبيعته العادية وأعطاه بعدا آخر بكل المقاييس، وخصوصا عندما اعتبره "امراً مرفوضاً يخالف القوانين والاعراف الدولية" ويتجاوز "مبدأ التنسيق الواجب بين البلدين على طول الحدود".
وزاد في القراءة عمقا ما قاله رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي اعتبر ان ما حصل شكّل "خرقاً غير مقبول للسيادة اللبنانية"، متوعداً بأنه "سيكون موضع متابعة من المراجع المختصة لجلاء ملابساته كلها".
وعليه، توسعت رقعة التفسيرات، وهناك مَن ربطها بين ما يجري على الحدود السورية - التركية في المرحلة التي تلت تصعيد التدابير المزدوجة على الحدود المشتركة بين البلدين، وما تنذر به الإجراءات التركية في حال تجددت المواجهة بين البلدين التي اتخذت أبعادا مختلفة منذ إسقاط طائرة الاستطلاع التركية قبل ايام فوق مياه المتوسط.
قدرات روسية لا سورية!
ومردّ هذا الربط مضمون ما نقلته التقارير الديبلوماسية التي وصلت المراجع اللبنانية من اكثر من مصدر اوروبي وغربي، وتحدثت عن تورط روسي مباشر في حادث إسقاط الطائرة التركية، وانه كان من الضروري ان تتجاهل تركيا هذه الحقيقة المرة في هذه اللحظة التاريخية بالذات لألف سبب وسبب، وأن أيّ رد تركي على الجانب السوري لم يعد له الأهمية البالغة متى كشفت هذه الحقائق وباتت بتصرّف الرأي العام الدولي والتركي تحديدا.
وتعترف المراجع الديبلوماسية، التي تصرّ على هذه الرواية، ان الموقف التركي المتريّث في ملف الطائرة واستئخار ردات الفعل الفورية التي كان يمكن ان تنجم عنها، وفّر على المنطقة مواجهة مبكرة لا يريدها الروس ولا الأميركيون ولا الأتراك بالتأكيد، ومعالجتها يمكن أن تتم بطريقة تشبه حوادث كان يمكن ان تشهد صداما آخر فوق المتوسط في الأيام التي تلت إسقاط الطائرة الأولى وبقيت بمعظمها طيّ الكتمان، ما عدا واحدة منها تسربت الرواية حولها من طرف ثالث.
ومردّ هذه القراءة، ما عرف عن عجز الرادارات السورية في مواجهة عمليات مماثلة قبل الدخول الروسي على خط التجهيزات في الرصد الجوي منذ شباط الماضي.
ومنها على سبيل المثال لا الحصر، جولة الطائرات الإسرائيلية من قبل عامين فوق القصر الجمهوري السوري في قلب دمشق، وصولاً الى قصف منشآت سورية حيوية في دير الزور.
لكن الأمر على ما يبدو قد تغيّر، بعدما أدخلت البوارج الروسية معدات الرصد الجديدة الى الأراضي السورية، ومعها الأسلحة المتطورة الأخرى التي وضعت بتصرّف الجيش السوري بإدارة روسية مباشرة، ومنها قاعدة روسية متطورة للرصد والمواجهة الجوية التي تمّ تركيبها في "وادي قنديل" الواقعة شمال مدينة اللاذقية، وهي النقطة الأقرب الى الحدود التركية.
على هذه الخلفيات، تتابع المراجع الديبلوماسية الأوروبية بقلق بالغ الرسالة السورية التي تبلّغها الجانب اللبناني عبر جسر البقيعة، ومنه الى بقية دول العالم، والتي تقول ان الحرب السورية يمكن ان تلقي بظلالها على المنطقة برمّتها من تركيا الى لبنان، ومنها الى مختلف مناطق الجوار السوري، وخصوصا إذا صحّت الروايات التي نقلت من الأردن وتحدثت عن خرق النظام السوري لشبكة الأمان الأردنية الداخلية بغية البحث عن قلاقل في الأراضي الأردنية تربط ساحته الداخلية بالوضع في سوريا ايضا، كما الوضع في لبنان.
وما على العالم الغربي إلّا ان يفكر بمواجهة السوريين والروس معاً، ليس على ارض سوريا فحسب بل في المنطقة بكاملها، وهذا ما تتحاشاه الديبلوماسية الدولية الى اليوم.
لكن متى فرضت مثل هذه المواجهة، تعترف المصادر ان اللعبة ستتغير برمّتها، ولن تقف القضية عند "جسر البقيعة" أو في "وادي قنديل". والله اعلم اين ستكون ساحات المواجهة بين الروس والأميركيين ومَن يمثّلهم في المنطقة.
الأكثر قراءة
الأكثر قراءة
07:43
لحسابات لبنانية حذرة
1
07:35
نظام جديد لرابطة مارونية... لا تكون: «بيت بمنازل كثيرة!»
2
Dec 14
استراليا تتّهم إيران بهجوم سيدني... وتطرد السفير!
3
Dec 14
ممثل "الحزب" في طهران: لن نتخلى عن سلاحنا تحت أي ظرف وسنردّ بحزم
4
20:50
خلاصة "الجمهورية": إطلاق نار في سيدني يفتح باب التصعيد الدبلوماسي
5
Dec 14
الرابطة المارونية تعقد جمعيتها العمومية.. الحلو: مستمرون بالدفاع عن حقوق الموارنة ولبنان
6
Dec 14
الشرطة الأسترالية تكشف ملابسات هجوم سيدني "الإرهابي"
7
07:29
ما بعد زيارة البابا التاريخية للبنان
8