تعامُل بالمال أم تبادل أمراض؟
تعامُل بالمال أم تبادل أمراض؟
اخبار مباشرة
ناتالي اقليموس


غالباً ما كان سليم يستيقظ ليلاً والطفرة تملأ كفّيه، فيتنفّخ جلده. بعد تفاقم وضعه الصحّي، قصد طبيبه الخاص ليتبيّن له أنّ خلف هذه الطفرة ليس فقط حساسية، إنّما عادة سيئة. فهو قبل أن يخلد إلى النوم يلجأ إلى سرواله باحثاً في جيبه عن مالٍ «خرجيّة» لأولاده. فهل بات التعامل بالمال كتبادل الأمراض؟ كيف يمكن حماية أنفسنا من الجراثيم والبكتيريا على العملات النقدية؟
ما كانت تشكو منه سمر، وهي موظّفة على صندوق المحاسبة في إحدى السوبرماركت، لا يقلّ أهمّية عن مشاكل سليم الصحّية، فمنذ أن بدأت وظيفتها هذه، وبثور ملتهبة لم تفارق وجهها، وكلّ ما كانت تجنيه تنفقه على علاجات طبّية تُعيد النضارة إلى وجهها. بعد طول عناء وجدَت أنّ الحل الأنسب في ارتداء قفّازات خلال عملها وأن تمتنع من ملامسة وجهها أو حتى «غرّتها» المنسدلة على جبينها.
هل تَنقل الأموال أمراض حامليها أو تحمل إليهم المرض؟ في محاولة لمعرفة حجم الجراثيم والميكروبات، أخذنا عيّنة من العملات الورقية والنقدية، وتوجّهنا إلى مختبر «رودلف ميريو» في جامعة القدّيس يوسف. وبعد عمليتي الزرع والتحليل التي خضعت لهما العيّنات، إلتقينا مديرة المختبر البروفسورة في علوم الأحياء الدقيقة دولا كرم سركيس.
هل فاجأتكم النتيجة؟ تجيب سركيس، «ليست المسألة بنعم أو لا، تدخل العملة النقدية في نطاق كلّ ما يمكن تبادله باليد، وكأيّ من المقتنيات العامة يتلوّث مجالها بقدر اتّساع عدد مستخدميها. لذا مجال التبادل المالي أكثر من سواه محفوف بالمخاطر، يحمل الميكروبات والجراثيم نظراً إلى حجم تداوله».
بكتيريا جراثيم... وأمراض؟
في المسبح، في المطعم، في الفرن، عند رَكن السيارة... لا يخلو نشاط إنسانيّ من تبادل العملات، ولكن تبقى السلامة الغذائية الأكثر تضرّراً من هذه العملية، وتحديداً في الملاحم، والمطاعم حيث يكثر التبادل بالأيدي.
في هذا السياق توضح سركيس: «غالباً ما لا ينتبه اللحّام لنفسه، فبيَدٍ يقطع اللحمة وبالأخرى يقبض الثمن، وبدورها قد تدفع ربّة المنزل كلفة اللحوم، وما إن تدخل إلى منزلها تعمد إلى تعريبها وتعليبها، فتنقل بذلك كلّ ما حوته الأموال من جراثيم».
كذلك يتفاقم خطر تداول العملات الورقية ونسبة انتشاره بحسب طبيعة عمل حاملها وطريقة التداول بها. على سبيل المثال تتضاعف مخاطر تلوّث أموال العاملين في المستشفيات لاحتكاكهم الواسع مع البكتيريا أكثر من غيرهم. كذلك الأمر بالنسبة إلى العاملين في مجال المحاسبة، أو على محطات البنزين، فهم عرضة أيضاً، نظراً إلى المسار الملوّث الذي يسلكه تداول العملات.
في هذا الإطار، توضح سركيس: «تنتقّل البكتيريا بمجرّد ملامسة العملة، إلّا أنّ حجم تداعياتها مرتبط بكمّيتها، فكلّما كان عددها أكبر زادت خطورتها، إلى حدّ التَسبّب بالتهابات جلدية نجدها تحت الأظافر، في الوجه على شكل بثور ملتهبة، أو قد تتسلّل إلى الجهاز الهضمي».
وتتابع موضحة: «لا بدّ من الإشارة إلى أنّ معظم أمراض التسمّم الغذائي نحملها عبر أيدينا الملوّثة، ونتيجة وجود جراثيم مقاومة للبرد والحرارة على حدّ سواء، يسهُل انتقالها، ونذكر منها السلمونيلا المسؤولة عن حمّى التيفوئيد، والتهاب أغشية الجهاز الهضمي».
كيف يمكن الحَدّ من مخاطر التداول؟
في حين يحرص الإناث على حفظ أموالهنّ في محفظة خاصة مغلقة، يفضّل العدد الاكبر من الذكور تركها في جيوب سراويلهم أو قمصانهم، ممّا يُبقي أيديَهم في ملامسة مستمرّة مع النقود، فيتعرّضون أكثر من سواهم للتلوّث. وهنا تلفت سركيس إلى أنّ ترتيب النقود ضمن محفظة «يخفّف من حجم انتقال الجراثيم وتهديد صحّة حاملها».
وتذهب سركيس أبعد من أساليب الاحتفاظ بالعملات، مشيرةً إلى أساليب وقائية جوهرية، «غسل اليدين ثقافة بحدّ ذاتها، فلا بدّ من تربية الأبناء عليها، والتأكّد من غسل اليدين بالماء والصابون، وليس الاكتفاء بالمناديل المعطّرة».
... لِعُمرِ العملة تأثير؟
يَعتبر الخبير الاقتصادي إيلي يشوعي أنّ متوسط عمر الورقة النقدية «10 أعوام»، موضحاً في حديث لـ»الجمهورية»: «أنّ العملة صُنِعت لتعيش أطول عمر ممكن، تُحدّد معايير صناعتها على نحو مدروس عبر طبخات خاصة، تقيها التلف وسرعة التمزّق... أو التأثر بعوامل الطبيعة المحيطة بها».
ويضيف: « لو راقبنا العملات النقدية عبر السنوات الماضية لوجدنا أنّها كبيرة الحجم، عريضة، أشبه بورقة جريدة، ولكن مع اتّساع حجم التداول ووجود العملات بكمّية أكبر بين أيدي الناس، برزَت الحاجة إلى تصغيرها، مع إبقاء أسرار وإشارات ورموز عليها تمنع تزويرها.
ولكن كأيّ شيء آخر، قد يأتي يوم وينتهي عمرها، نظراً إلى حجم التداول بها وتبدّل الأيدي عليها يوميّاً، لذا فإنّ البنك المركزي هو من يراقب شكلها إلى حين إيجاد الفرصة المناسبة لتجديد طبعتها قبل ضخّها مجدّداً».
في هذا الإطار، لا تُنكر سركيس أنّ تجديد طبعات العملات عبر السنين مفيد، ويُتيح الاستفادة من التقنيات التكنولوجية الحديثة لإدخال تعديلات قيّمة في الصناعة النقدية. إلّا أنّها لا تجد ذلك كافياً أو حلّاً مناسباً، فتقول: «بعض العملات ليست قديمة جداً، ولكن تمّ تداولها بشكل أكبر وأسرع وعلى نحو سيّئ، لذا قد تبدو مترهّلة مشبّعة بالرطوبة، على سطحها ثقوبات ميكروسكوبية أشبه بجيوب مسكن للجراثيم.
لذا يبقى الوعي والالتزام بمعايير النظافة الحلّ الأنسب في تعاملنا مع العملات أو أيّ مسألة أخرى عامّة، منها زرّ المصعد، ساعات تسجيل الدخول والخروج في المؤسّسات...».
بديلٌ للعملات؟
من جهته يُحذّر الدكتور متّى متّى إختصاصيّ أمراض مُعدية وجرثومية، من اعتماد بعض اللبنانيين على تمرير إصبعهم في فمهم خلال تعدادهم المال، قائلاً: «من غير المنطقي أن نشهد مثل هذه العادة التي يصفها البعض بالعفوية، لأنّ إدخال لعاب المرء في المسألة قد يؤدّي إلى نقل بعض الأمراض».
في الوقت نفسه، يرفض متّى في حديث لـ»الجمهورية»، منع الأهل من تزويد أولادهم بمال الجيب، قائلاً: «بعض المدارس لجأت إلى اعتماد بطاقة خاصّة كبطاقات الائتمان، تُتيح للتلميذ التزوّد بحاجاته، إلّا أنّ هذه البطاقة ليست بمنأى عن الجراثيم والميكروبات». ويضيف: «العملات بطبيعتها ليست بمرض، ولكنّها أشبه بساعي بريد تنقل الملوّثات، كذلك البطاقات بين أيدي حامليها».
في الختام، يُجمِع المراقبون على أنّ الأساس يكمُن في ترشيد سلوك الفَرد خلال تعامله مع أيّ عملية تبادلية بالأيدي، بذلك يحمي نفسَه والآخرين.
هل تَنقل الأموال أمراض حامليها أو تحمل إليهم المرض؟ في محاولة لمعرفة حجم الجراثيم والميكروبات، أخذنا عيّنة من العملات الورقية والنقدية، وتوجّهنا إلى مختبر «رودلف ميريو» في جامعة القدّيس يوسف. وبعد عمليتي الزرع والتحليل التي خضعت لهما العيّنات، إلتقينا مديرة المختبر البروفسورة في علوم الأحياء الدقيقة دولا كرم سركيس.
هل فاجأتكم النتيجة؟ تجيب سركيس، «ليست المسألة بنعم أو لا، تدخل العملة النقدية في نطاق كلّ ما يمكن تبادله باليد، وكأيّ من المقتنيات العامة يتلوّث مجالها بقدر اتّساع عدد مستخدميها. لذا مجال التبادل المالي أكثر من سواه محفوف بالمخاطر، يحمل الميكروبات والجراثيم نظراً إلى حجم تداوله».
بكتيريا جراثيم... وأمراض؟
في المسبح، في المطعم، في الفرن، عند رَكن السيارة... لا يخلو نشاط إنسانيّ من تبادل العملات، ولكن تبقى السلامة الغذائية الأكثر تضرّراً من هذه العملية، وتحديداً في الملاحم، والمطاعم حيث يكثر التبادل بالأيدي.
في هذا السياق توضح سركيس: «غالباً ما لا ينتبه اللحّام لنفسه، فبيَدٍ يقطع اللحمة وبالأخرى يقبض الثمن، وبدورها قد تدفع ربّة المنزل كلفة اللحوم، وما إن تدخل إلى منزلها تعمد إلى تعريبها وتعليبها، فتنقل بذلك كلّ ما حوته الأموال من جراثيم».
كذلك يتفاقم خطر تداول العملات الورقية ونسبة انتشاره بحسب طبيعة عمل حاملها وطريقة التداول بها. على سبيل المثال تتضاعف مخاطر تلوّث أموال العاملين في المستشفيات لاحتكاكهم الواسع مع البكتيريا أكثر من غيرهم. كذلك الأمر بالنسبة إلى العاملين في مجال المحاسبة، أو على محطات البنزين، فهم عرضة أيضاً، نظراً إلى المسار الملوّث الذي يسلكه تداول العملات.
في هذا الإطار، توضح سركيس: «تنتقّل البكتيريا بمجرّد ملامسة العملة، إلّا أنّ حجم تداعياتها مرتبط بكمّيتها، فكلّما كان عددها أكبر زادت خطورتها، إلى حدّ التَسبّب بالتهابات جلدية نجدها تحت الأظافر، في الوجه على شكل بثور ملتهبة، أو قد تتسلّل إلى الجهاز الهضمي».
وتتابع موضحة: «لا بدّ من الإشارة إلى أنّ معظم أمراض التسمّم الغذائي نحملها عبر أيدينا الملوّثة، ونتيجة وجود جراثيم مقاومة للبرد والحرارة على حدّ سواء، يسهُل انتقالها، ونذكر منها السلمونيلا المسؤولة عن حمّى التيفوئيد، والتهاب أغشية الجهاز الهضمي».
كيف يمكن الحَدّ من مخاطر التداول؟
في حين يحرص الإناث على حفظ أموالهنّ في محفظة خاصة مغلقة، يفضّل العدد الاكبر من الذكور تركها في جيوب سراويلهم أو قمصانهم، ممّا يُبقي أيديَهم في ملامسة مستمرّة مع النقود، فيتعرّضون أكثر من سواهم للتلوّث. وهنا تلفت سركيس إلى أنّ ترتيب النقود ضمن محفظة «يخفّف من حجم انتقال الجراثيم وتهديد صحّة حاملها».
وتذهب سركيس أبعد من أساليب الاحتفاظ بالعملات، مشيرةً إلى أساليب وقائية جوهرية، «غسل اليدين ثقافة بحدّ ذاتها، فلا بدّ من تربية الأبناء عليها، والتأكّد من غسل اليدين بالماء والصابون، وليس الاكتفاء بالمناديل المعطّرة».
... لِعُمرِ العملة تأثير؟
يَعتبر الخبير الاقتصادي إيلي يشوعي أنّ متوسط عمر الورقة النقدية «10 أعوام»، موضحاً في حديث لـ»الجمهورية»: «أنّ العملة صُنِعت لتعيش أطول عمر ممكن، تُحدّد معايير صناعتها على نحو مدروس عبر طبخات خاصة، تقيها التلف وسرعة التمزّق... أو التأثر بعوامل الطبيعة المحيطة بها».
ويضيف: « لو راقبنا العملات النقدية عبر السنوات الماضية لوجدنا أنّها كبيرة الحجم، عريضة، أشبه بورقة جريدة، ولكن مع اتّساع حجم التداول ووجود العملات بكمّية أكبر بين أيدي الناس، برزَت الحاجة إلى تصغيرها، مع إبقاء أسرار وإشارات ورموز عليها تمنع تزويرها.
ولكن كأيّ شيء آخر، قد يأتي يوم وينتهي عمرها، نظراً إلى حجم التداول بها وتبدّل الأيدي عليها يوميّاً، لذا فإنّ البنك المركزي هو من يراقب شكلها إلى حين إيجاد الفرصة المناسبة لتجديد طبعتها قبل ضخّها مجدّداً».
في هذا الإطار، لا تُنكر سركيس أنّ تجديد طبعات العملات عبر السنين مفيد، ويُتيح الاستفادة من التقنيات التكنولوجية الحديثة لإدخال تعديلات قيّمة في الصناعة النقدية. إلّا أنّها لا تجد ذلك كافياً أو حلّاً مناسباً، فتقول: «بعض العملات ليست قديمة جداً، ولكن تمّ تداولها بشكل أكبر وأسرع وعلى نحو سيّئ، لذا قد تبدو مترهّلة مشبّعة بالرطوبة، على سطحها ثقوبات ميكروسكوبية أشبه بجيوب مسكن للجراثيم.
لذا يبقى الوعي والالتزام بمعايير النظافة الحلّ الأنسب في تعاملنا مع العملات أو أيّ مسألة أخرى عامّة، منها زرّ المصعد، ساعات تسجيل الدخول والخروج في المؤسّسات...».
بديلٌ للعملات؟
من جهته يُحذّر الدكتور متّى متّى إختصاصيّ أمراض مُعدية وجرثومية، من اعتماد بعض اللبنانيين على تمرير إصبعهم في فمهم خلال تعدادهم المال، قائلاً: «من غير المنطقي أن نشهد مثل هذه العادة التي يصفها البعض بالعفوية، لأنّ إدخال لعاب المرء في المسألة قد يؤدّي إلى نقل بعض الأمراض».
في الوقت نفسه، يرفض متّى في حديث لـ»الجمهورية»، منع الأهل من تزويد أولادهم بمال الجيب، قائلاً: «بعض المدارس لجأت إلى اعتماد بطاقة خاصّة كبطاقات الائتمان، تُتيح للتلميذ التزوّد بحاجاته، إلّا أنّ هذه البطاقة ليست بمنأى عن الجراثيم والميكروبات». ويضيف: «العملات بطبيعتها ليست بمرض، ولكنّها أشبه بساعي بريد تنقل الملوّثات، كذلك البطاقات بين أيدي حامليها».
في الختام، يُجمِع المراقبون على أنّ الأساس يكمُن في ترشيد سلوك الفَرد خلال تعامله مع أيّ عملية تبادلية بالأيدي، بذلك يحمي نفسَه والآخرين.
الأكثر قراءة
الأكثر قراءة
06:46
نتنياهو قد يُشعل الحرب نكايةً بترامب

1
May 23
12 جريحاً اثر هجوم بسكين في محطة للقطارات في هامبورغ

2
06:43
التصعيد الإسرائيلي لتأجيل زيارة أورتاغوس أم استباقاً لطروحاتها

3
May 19
مانشيت "الجمهورية": الكتائب تخسر في زحلة والمناصفة تفوز في بيروت... ترقبٌ لبنانيّ لترجمة نتائج اجتماعات الرياض

4
06:44
واشنطن ورؤيتها للبنان: احتواء تداعياتها بالحوار!

5
May 23
بينما انهار الاتحاد السوفياتي.. هل ترك الـK.G.B. هدية في البرازيل لجواسيس اليوم؟

6
May 23
إسرائيل تؤكد الاستمرار في استهداف حزب الله في لبنان بغطاء أميركي

7
May 23
في مكالمة مع ترامب.. بوتين ينتصر دبلوماسياً مع تحفّظ اقتصادي

8
