ذاك الكشّاف النجيب
الذي مضى !!
ذاك الكشّاف النجيب
الذي مضى !!
اخبار مباشرة
مازن ح عبود
قال إنه لمّا يكبر سيقيم للحق صرحاً، وقال ايضا انه سيعمل على تغيير البلد عبر التربية، وقال ايضا اشياء واشياء اخرى لم يتمكن من انجاز الكثير منها بسبب رحيله المبكر. كتب له أبوه بالروح يوما، بعد ان عرف بشدة عذاباته، سائلاً إيّاه المضي بسلام.
فكان أن غادر بالتزامن مع كتابة تلك الرسالة، وبقيت رسالته امانة على عاتق امه وابيه.
قيل فيه الكثير على رغم انه لم يعش كثيرا.
فقد رحل ذاك الكشّاف باكرا جدا بعد ان استكمل علومه ومسيرته في دنيانا، عن عمر 33 سنة. وهذا لم يكن من باب الصدفة، فالام قالت انها لمّا مرض ابنها في عمر الـ 17، تطلعت الى ايقونة مريم وسألتها بحنو وعطف ان تعطيه عمر ابنها، وكان لها ما ارادت.
ولمّا حان زمن رحيله ندمت كثيرا، وراحت تقول: أما كان اجدى ان اسألها منحه عمرا مديدا؟؟ لكن ما حصل قد حصل. وانما حصل كي يكتمل سر وجوده. فأيامه اكتملت لمّا بلغ النقاوة والكمال.
قرأت في كتاب امه عنه انه درس الطب بعد ان مرض كي يعرف المرض من وجهة نظر الطبيب بعد ان عرفه من وجهة نظر المريض.
ذلك المرض الملعون والمحبّب عنده الذي سلب منه اجمل سنوات عمره، والذي "يقرّبه من ربه" كما يقول في كتاب امه. احبّ ان يكتشف روح الكون الذي ادركه منذ فتوّته في الطبيعة، فكان له ما اراد. فحظي بأب وام بالروح رافقاه في مسيرته لاكتشاف الإله وفي مسيرة العذاب.
لا ادعي أنني عرفته كثيرا، لكنني لا اجهله. فوالده كان استاذي في الكلية في الجامعة الاميركية، وقد كنت ألتقيه مع عائلته في زاويته المفضلة، حيث يرنّم له "عذراء يا ام الاله" للقديس نكتاريوس التي احبّ ان يسمعها كثيرا.
هناك حيث اراد ان ينام، وان تقام على نيّته القداديس والصلوات والذكرانيات. عرفت عنه أنه واكب اعمال الاغاثة في حرب تموز من خلال تطوعه في الصليب الاحمر اللبناني، كما سمعت عن انسانيته التي بدأت تتظهر مع تخرجه.
البارحة وقفنا جميعا في حضرة الام والاب والعائلة والاصدقاء وكشافته كي نشهد لولادة مشروع، اراد ان يقيمه، في ذكرى رحيله الثالثة.
والمشروع ارتبط به. فاتصل بالتربية والكشفية والطبيعة. فقد بيعت شقته في بيروت لزوم اقامة مشروع مخيم دائم يلتجأ اليه الكشّافة على ارض دير مار يوحنا- دوما حيث يقيم اليوم وكل آن الى حيث قدوم الديّان.
اهمية المشروع انّه أجاز لكلّ من احبه ان يأتي الى بقعته ويتذكره. وقف الجميع واستمعوا الى والده "موسى" الذي كلّم شفيعه الشعب المختار قديما.
راحت الام تستمع الى كل ما يقال، وما ارادت ان تذرف دمعة بالمناسبة. لا لأنها ما تأثرت، بل لأنّ "المرأة الذهبية" ارادت ان يكون لطفلها السعيد، وشابّها القائد والطموح والمحب للحياة نهاية سعيدة تليق به وبما اشتهى. نعم، لم تشأ ان تجعل من قصته قصة درامية، كما قالت في كتابها عنه.
ارادت لها ان تكون قصته، قصة طير الفينيق. أدركتها تخفي حزنها. شعرت بأنها كانت تتوارى وتصلي الى الروح الذي يهبّ من الجهات الاربع ان يأتي قريبا، فتكسي عظام المقابر لحما وتمشي. فتصير جيشاً. صلّت كي لا تتأخر تلك الساعة كثيرا.
فهي لا تقوى على فراقه كثيرا وطويلا. واذا بطفل يضحك ويلعب مع امه عند زاوية الشجرة حيث وضعت لوحة المشروع غير عابئ بالموت. كان ينظر الى "الام الذهبية" ويناديها "ليلى". فـ"نجيب" قد اشرق على وجه ابن اخته كي يبلسم حزن امه وابيه على ما يبدو.
وراح الطفل ينظر الى كل من حوله، مذكرا اياهم انّ الهدف من مشواره قد تحقق.
صدحت المبخرة. علا الترنيم. تكلم الاسقف. غابت الشمس. طلعت النسائم من وادي نهر الجوز. ونحن مضينا الى دنيانا.
قيل فيه الكثير على رغم انه لم يعش كثيرا.
فقد رحل ذاك الكشّاف باكرا جدا بعد ان استكمل علومه ومسيرته في دنيانا، عن عمر 33 سنة. وهذا لم يكن من باب الصدفة، فالام قالت انها لمّا مرض ابنها في عمر الـ 17، تطلعت الى ايقونة مريم وسألتها بحنو وعطف ان تعطيه عمر ابنها، وكان لها ما ارادت.
ولمّا حان زمن رحيله ندمت كثيرا، وراحت تقول: أما كان اجدى ان اسألها منحه عمرا مديدا؟؟ لكن ما حصل قد حصل. وانما حصل كي يكتمل سر وجوده. فأيامه اكتملت لمّا بلغ النقاوة والكمال.
قرأت في كتاب امه عنه انه درس الطب بعد ان مرض كي يعرف المرض من وجهة نظر الطبيب بعد ان عرفه من وجهة نظر المريض.
ذلك المرض الملعون والمحبّب عنده الذي سلب منه اجمل سنوات عمره، والذي "يقرّبه من ربه" كما يقول في كتاب امه. احبّ ان يكتشف روح الكون الذي ادركه منذ فتوّته في الطبيعة، فكان له ما اراد. فحظي بأب وام بالروح رافقاه في مسيرته لاكتشاف الإله وفي مسيرة العذاب.
لا ادعي أنني عرفته كثيرا، لكنني لا اجهله. فوالده كان استاذي في الكلية في الجامعة الاميركية، وقد كنت ألتقيه مع عائلته في زاويته المفضلة، حيث يرنّم له "عذراء يا ام الاله" للقديس نكتاريوس التي احبّ ان يسمعها كثيرا.
هناك حيث اراد ان ينام، وان تقام على نيّته القداديس والصلوات والذكرانيات. عرفت عنه أنه واكب اعمال الاغاثة في حرب تموز من خلال تطوعه في الصليب الاحمر اللبناني، كما سمعت عن انسانيته التي بدأت تتظهر مع تخرجه.
البارحة وقفنا جميعا في حضرة الام والاب والعائلة والاصدقاء وكشافته كي نشهد لولادة مشروع، اراد ان يقيمه، في ذكرى رحيله الثالثة.
والمشروع ارتبط به. فاتصل بالتربية والكشفية والطبيعة. فقد بيعت شقته في بيروت لزوم اقامة مشروع مخيم دائم يلتجأ اليه الكشّافة على ارض دير مار يوحنا- دوما حيث يقيم اليوم وكل آن الى حيث قدوم الديّان.
اهمية المشروع انّه أجاز لكلّ من احبه ان يأتي الى بقعته ويتذكره. وقف الجميع واستمعوا الى والده "موسى" الذي كلّم شفيعه الشعب المختار قديما.
راحت الام تستمع الى كل ما يقال، وما ارادت ان تذرف دمعة بالمناسبة. لا لأنها ما تأثرت، بل لأنّ "المرأة الذهبية" ارادت ان يكون لطفلها السعيد، وشابّها القائد والطموح والمحب للحياة نهاية سعيدة تليق به وبما اشتهى. نعم، لم تشأ ان تجعل من قصته قصة درامية، كما قالت في كتابها عنه.
ارادت لها ان تكون قصته، قصة طير الفينيق. أدركتها تخفي حزنها. شعرت بأنها كانت تتوارى وتصلي الى الروح الذي يهبّ من الجهات الاربع ان يأتي قريبا، فتكسي عظام المقابر لحما وتمشي. فتصير جيشاً. صلّت كي لا تتأخر تلك الساعة كثيرا.
فهي لا تقوى على فراقه كثيرا وطويلا. واذا بطفل يضحك ويلعب مع امه عند زاوية الشجرة حيث وضعت لوحة المشروع غير عابئ بالموت. كان ينظر الى "الام الذهبية" ويناديها "ليلى". فـ"نجيب" قد اشرق على وجه ابن اخته كي يبلسم حزن امه وابيه على ما يبدو.
وراح الطفل ينظر الى كل من حوله، مذكرا اياهم انّ الهدف من مشواره قد تحقق.
صدحت المبخرة. علا الترنيم. تكلم الاسقف. غابت الشمس. طلعت النسائم من وادي نهر الجوز. ونحن مضينا الى دنيانا.
الأكثر قراءة
الأكثر قراءة
10:00
إسرائيل توجه رسالة تحذيرية للبنان!
1
Dec 13
شرقٌ للوحوشِ المتوكّلين على الله!
2
11:48
تفاصيل "هجوم سيدني": تحييدُ مهاجم واعتقال آخر و10 ضحايا
3
Dec 13
رجال الدولة وانحدار ثقافة الدولة في لبنان
4
09:09
كشفُ تفاصيل هجوم جامعة براون.. وما مصير المشتبه به؟
5
10:13
بفيديو مؤثر.. "البطل جون سينا" يعتزل رسمياً عالم المصارعة!
6
Dec 13
خلاصة "الجمهورية": تدخل الجيش و"اليونيفيل" يغيّر السيناريو الإسرائيلي جنوباً
7
15:13
استراليا تتّهم إيران بهجوم سيدني... وتطرد السفير!
8