عاجل : "الداخلية": آخرُ تحديث لنسب الاقتراع في بيروت 13.00% وبعلبك الهرمل 28.68% والبقاع 28.48%
هل العزوبيّة دليل أنانيّة؟
هل العزوبيّة دليل أنانيّة؟
اخبار مباشرة
اليسار حبيب
جريدة الجمهورية
Tuesday, 25-Mar-2014 00:09
بعدما اكتسبت المرأة الحقّ في العمل، وعزَّزت استقلالها المادّي والمعنوي، طرأ تغيير كبير على وضعها العاطفي وعلى نظرتها للرجل والارتباط. ففضّلت نساء كثيرات حياة العزوبية على الحياة المُشتركة وما تحملهُ معها من ضغوطات ومسؤوليّات. فهل ينمّ قرار العزوبيّة عن أنانيّة؟
«إذا كنتِ لا تزالين عزباء، هذا يعني أنّكِ لا تريدين إفساحَ المجال لأحدٍ آخر ليُشاركك حياتك». جميع العازبات سَمِعن هذه العبارة من الأهل والأصدقاء وفي مُحيطهنَّ المهني والاجتماعي. وفي يومنا هذا، باتَ التعارُف يتمّ بنقرة واحدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وبالتالي لا حواجزَ تُعرقل لقاء الآخر، والوقوع في الحبّ والارتباط. فهل تكون العزوبيّة دليل أنانيّة؟

«مُرتاحة جدّاً»

لديها عاداتها الخاصّة، وهي مرتاحة بحياتها المُستقلّة، وهي لا ترغب في أن يعرقل أحد مشاريعها ومخططاتها. لذلك، قرَّرت «هيام» البالغة 27 سنة عدَمَ خوض علاقة عاطفية. وتقول في هذا السياق: «على رغم أنَّ العزوبيَّة صَعبة، خصوصاً في مجتمعنا ذي العقليّة الشرقيّة الذي لا يؤمن باستقلالية المرأة وقدرتها على إكمال حياتها بعيداً من الرجل، إلّا أنَّ وضعي الحالي يُعجبني ويريحُني».

وأضافت في حديثها لـ»الجمهورية»: «أكثر ما يُفرحني هو قدرتي على القيام بما أريد في الوقت الذي أريد، من دون سماع ملاحظات من أحد. كذلك، تُتيح لي العزوبية فرصة السفر من دون تقديم تنازلات، ولا أكون مضطرّة لتبرير غيابي أو تأخُّري في العودة إلى المنزل».

ولا تعتقد «هيام» أنَّ قرارها في عيش العزوبية ينمّ عن أنانيّة مثلما تتّهمها صديقاتها، بل «عَن ذكاء، ونتيجة تجاربي وخبراتي السابقة»، وفقَ ما تقول. وتُشير إلى أنّها لم تتقبَّل تدخُّل رجل في حياتها فقرّرت البقاء وحيدة. ولكنَّ الفتاة العازبة تُعاني تأنيب المُجتمع المتواصل لها، فهل تكون هيام أنانية أم عقلانية؟

رأي علم النفس

وللاطّلاع أكثر على هذا الموضوع، وعلى العلاقة بين العزوبيّة والأنانية، التقت «الجمهورية» الاختصاصيّة في علم النفس العيادي إستير بو أنطون، التي حدَّدت الأسباب التي تدفع الرجل والمرأة الى اتّخاذ قرار تفضيل العزوبية على الزواج والارتباط، ومنها:

1- أولويّة العمل: بات الرجال والنساء يولون أهمّية للعمل الذي يتطلّب أحياناً تفرُّغاً كاملاً. وبما أنّ العمل يؤمّن الاستقرار المادّي، فثمّة أشخاص يفضّلون العمل على الدخول في علاقة عاطفيّة قد تكون غير مستقرّة وفاشلة.

2- التمسّك بالحرّية والاستقلاليّة: البعض يفضّل العيش بحرّية، بحيث يمكنه إقامة علاقات عاطفية متعدّدة، من دون الارتباط بشخص معيّن.

3- صعوبة الاستقرار: والبعض يواجه صعوبة فعليّة في بناء علاقة ثابتة لفترة طويلة، ويُعاني صعوبة أيضاً في العيش مع شريك وتقديم بعض التضحيات، وهذا ما يدفعه لاختيار العيش وحده.

وبناءً على الأسباب الثلاثة هذه، إعتبرت المعالجة النفسية أنّ «قرار العزوبية ليس في الضرورة مُرتبطاً بالأنانيّة أو مَحصوراً بها، فهو قد يكون نتيجة تركيبة نفسيّة واختبارات شخصيّة تجعل الرجل أو المرأة يفضّل كل منهما العزوبيّة على الزواج». وأوضحت أنّ «هناك أشخاص يختارون العزوبية، ولكنّهم ليسوا أنانيّين، بل منفتحون على العطاء ومساعدة الآخرين، وهم لا ينفكّون يُنظّمون نشاطات اجتماعيّة لخدمة قضيّة إنسانيّة مُعيّنة».

«مرض نفسي»

في المُقابل، تفاجأت المُحلّلة النفسيّة الفرنسيّة صوفي كادالان من «شعور الفتاة بهذا الكمّ من الراحة والسعادة في حياة العزوبيّة»، مُعتبرةً أنّ «هذا الشعور يُخبِّئ في باطنه مرضاً نفسيّاً يتجلّى في العجز عن التفكير إلّا في ذاتها، وهذا ما ينمّ عن أنانيّة مطلقة».

ولكن كادلان ميّزت في تحليلها بين العزوبية والأنانيّة، مؤكّدةً أنّه لا يجوز الجزم واعتبار قرار العزوبية دليلاً قاطعاً على الأنانيّة، موضحةً أنَّ «ثمّة أشخاص يتزوجون ويعيشون بأنانية مُطلقة، فيكونون هم مركز الاهتمام ولا يفكرون إلّا في أنفسهم، فيما يعيش العازبون حياةً اجتماعيّة غنيّة بمُساعدة الآخرين، ويُبدون رغبة مذهلة في مساعدة الآخرين والوقوف الى جانبهم».

النظرة المُجتمعيَّة

وعلى رغم أنَّ نظرة المُجتمع للعازبة قد تغيّرت كثيراً ولم يَعُد ينظر إليها كامرأة فاشلة وحزينة لا تجيد إقامة علاقات عاطفية والحفاظ عليها، إلّا أنّه لم يتقبّل حتّى الآن فكرة العزوبيّة والوحدة. وثمّة مَن يعتبر العزوبية قراراً أنانياً بامتياز ينتج عن الخوف من الإرتباط بالشخص الخطأ. وفي هذا السياق، يقول «روبير» لـ»الجمهورية»: «ما يُبعدني عن الزواج والارتباط هو خوفي من اختيار الشخص غير المناسب.

فبسبب تفشي ظاهرة الخيانة والعلاقات المُتعدّدة، لم أعد أتجرّأ على اتّخاذ هذه الخطوة المصيرية». واعتبر أنّ قراره فيه كثير من الانانية «لأنّني لم أعُد أكرِّس وقتاً أو أبذل جهداً في التعرّف إلى أحَد، بل أصبحت أُخصِّص الوقت الكافي لنفسي وأقوم بما يُريحني وحدي».

تعارضت إذاً المواقف في موضوع العلاقة بين الأنانيّة والعزوبيّة، فالبعض اعتبر أنَّ العزوبيّة أنانيّة، فيما البعض الآخر اعتبرها ذكاءً، خُصوصاً في مجتمع باتَ فيه الزوجان يُطالبان بحرّيتهما في العلاقة الزوجيّة أكثر من أيّ وقتٍ مضى، وبات لكُلّ منهما علاقاته الخاصّة وانشغلاته».

ويرى البعض أيضاً أنَّ «العزوبيّة لم تعُد مُقتصرةً على مَن لم يَضع محبساً في يده، بل باتت حالةً نفسيّة مُتفشّية في العلاقات الزوجيّة، حيث يشعر الرجل أو المرأة بالبُعد عن بعضهما، وبأنَّ لكلّ منهما انشغالات واهتمامات مُختلفة».

theme::common.loader_icon