في لبنان... التحديث يأتينا جرعات
في لبنان... التحديث يأتينا جرعات
طوني نجم
جريدة الجمهورية
Saturday, 26-Oct-2013 00:13
إلتقت أمس الاول مجموعة من المثقّفين والناشطين السياسيين والصحافيين والخبراء الاقتصاديين في إطار الحلقة الثانية من أعمال «منتدى الفكر المتجدّد»، حول كتاب «الشهابية، حدود التحديث السياسي في لبنان» لمروان حرب وذلك في قاعة محاضرات في كليّة العلوم السياسية في الجامعة اليسوعية.
وقد شارك فيها، إضافة إلى المؤلّف، عضو الهيئة الإدارية في مؤسّسة فؤاد شهاب العميد المتقاعد جان ناصيف، والأمين العام للمجلس الأعلى للخصخصة زياد الحايك، وأدارها رئيس مؤسّسة "صوت" غسان حاصباني الذي استهل النقاش بالإشارة إلى أنه "بعد صيحة اليقظة في الحلقة الأولى، ننتقل اليوم الى فعل التحديث، وهي الخطوة الطبيعية بعد اليقظة"، وأضاف حاصباني "يبدو أنه كُتب علينا في لبنان أن يأتي التحديث في جرعات مركّزة سرعان ما تتحوّل إلى نكسات تعود بنا إلى الوراء، لكنّ العائد على الاستثمار في التحديث إذا نجح، يكون عالياً جداً ويستحق المخاطرة".

الكلمة الترحيبية ألقاها مدير "دار سائر المشرق" أنطوان سعد، وشدّد فيها على أنه لطالما كان اللبنانيون "بائعي أفكار ومشاريع وحتى أحلام. وكان محيطنا يترقّب ما نكتب ونقول ونعمل، وكان بالتالي يقلّدنا ويناقضنا ويحاربنا ويغار". وأشار إلى أنّ لبنان "قدّم نماذج أثّرت في محيطه ومنها الشهابية".

العميد المتقاعد جان ناصيف تحدّث عن المراحل الأساسية في حياة الرئيس فؤاد شهاب التي أثّرت في خياراته وسياساته الاجتماعية والاقتصادية، بدءاً من طفولته وخسارته والده باكراً، مروراً بتنشئته العسكرية وخدمته في المناطق الحدودية البعيدة عن العاصمة حيث عايش الحرمان الإنمائي، وصولاً إلى تبوّئه رئاسة الجمهورية. وتعليقاً على بعض مداخلات الحاضرين حول أداء الشعبة الثانية خلال الفترة الشهابية خصوصاً تدخّلها في السياسة، قال العميد ناصيف: "إن ما قامت به الشعبة الثانية في هذا المجال كان حماية للديمقراطية وليس انتهاكًا لها".

من جهته، شدّد الأستاذ الحايك على أنّ "الرئيس فؤاد شهاب اهتمّ في شكل خاص بالمواطن كإنسان وعمل جاهداً على توسيع الطبقة الوسطى". وأكّد أنّ لبنان لن يستطيع أن "يخلق فرص عمل مرموقة وذات قيمة بالأعداد المطلوبة ويحدَّ من هجرة خيرة شبابنا إلى جميع أصقاع الارض إلّا إذا استثمرنا في بنيتنا التحتية واعتمدنا على جدارة ومرونة وتمويل القطاع الخاص، وإلّا إذا طوّرنا قانوننا التجاري، وألغينا احتكار النقابات المهنية وغيرها، وسهّلنا تسجيل الشركات وتصفيتها، وأصلحنا نظامنا الضرائبي، وحمينا الملكية الفكرية، ووطّدنا الشفافية وحاربنا الفساد عن طريق الحكومة الاكترونية وغيرها من الآليات، وأعدنا للسياسات الاقتصادية والانمائية الصدارة على سياسات المحاور والممانعة والسلاح".

الكاتب مروان حرب اعتبر أنّ "معضلة التحديث السياسي في لبنان تتمثل في غياب المرجعية الانتظامية والدستورية للنظام السياسي اللبناني غير القادر على خلق دينامية تجعله مؤهلاً لاستيعاب التغيير أو أن يشكّل اداة طيّعة لأيّ مشروع سياسي تحديثي مشترك".

وشدّد بالتالي على أنّ "حدود التحديث في لبنان تتمظهر بالعلاقة التناقضية بين وضع سياسة عامة وتطبيقها من جهة، والتنافس على أشلاء السلطة من جهة أخرى، وإعطاء بعد طائفيّ لكلّ مطلب ما قد يهدّد صيغة العيش المشترك اذا لم يتحقق".

بعد هذه المداخلات، دار نقاش حيوي بين الحاضرين استمرّ نحو ساعة، جرى الإعلان في ختامه عن موعد الحلقة التالية للمنتدى في 26 تشرين الثاني والتي ستستضيف الأستاذ أنطوان نجم والأستاذ إيلي خوري رئيس مجلس الادارة والرئيس التنفيذي لمجموعة Quantum في لقاء حول كتاب " Des Armes et des Mots" للكاتب تيودور كابونيس.

وتجدر الإشارة إلى أنّ منتدى الفكر المتجدّد ينعقد بشكل دوري بالتعاون بين مؤسّسة "صوت" للصحة والوعي والتعليم، و"دار سائر المشرق للنشر والتوزيع"، ويهدف إلى تشجيع النقاش حول أفكار جديدة لجيل الكتّاب الشباب من لبنان.

ويشكّل هذا المنتدى أحد أعمال مؤسّسة "صوت" التي تهدف للقيام بنشاطات متواضعة ولكن مكثّفة، مثل تخصيص جائزة سنوية للكتّاب والمبدعين الشباب لتشجيعهم على المساهمة الدائمة في بناء مجتمع حضاري، كما ستساهم في التوعية الصحية واقتراح سياسات ترمي الى تطوير القطاعَين التربوي والصحي.
theme::common.loader_icon