يبدو موسم 2018-2019 وكأنّه يعود إلى زمن بعيد الآن، لكن إذا استحضرت ذاكرتك إلى النصف الثاني من تلك الحملة، فقد تتذكّر أحد أعلى سباقات اللقب جودةً في تاريخ الدوري الإنكليزي الممتاز. كان الصراع بين مانشستر سيتي وليفربول. أمّا البقية، فلم يكونوا مجرّد متأخّرين وسط الغبار، بل كانوا على بُعد أميال منه. تشلسي، صاحب المركز الثالث، أنهى الموسم متأخّراً بفارق 25 نقطة عن ليفربول الوصيف؛ وبحساب النقاط، كان أقرب إلى كريستال بالاس الذي حلّ في المركز الـ12.
فاز ليفربول في مبارياته الـ9 الأخيرة، ولم يخسر سوى مرّة واحدة طوال الموسم، وكانت أمام سيتي في كانون الثاني. بعد ذلك، تعادل في 4 مباريات وفاز في سائرها. كانت سلسلة جنونية وكان ينبغي أن تكون كافية للفوز باللقب. المشكلة بالنسبة لهم كانت أنّ سيتي فاز في مبارياته الـ14 الأخيرة. لم يُسقط نقطة واحدة منذ نهاية كانون الثاني. وكان مجموع النتائج في تلك المباريات 32-4.
كان الأمر مذهلاً، وعلى مستويات عدّة شديد الإبهار. لكن بوصفه ترفيهاً خالصاً للمشاهد المحايد، لم يكن في الحقيقة مثيراً للإهتمام كثيراً. لأنّ سباق اللقب الممتع يحتاج إلى عنصر الخطر. تحتاج إلى أن تدخل كل عطلة أسبوع وأنت تعلم أنّ الصدارة قد تتبدّل، والفرق قد تضطرّ للتعامل مع الشدائد بطريقة ما. تحتاج إلى فرق جيدة لكنّها معيبة.
وهذا يقودنا إلى صراع هذا الموسم على لقب الـ«بريميرليغ»، ولماذا سيكون صراعاً ممتعاً بحق. أرسنال هو الأقل عيوباً، الأكثر اكتمالاً بالتشكيلة، ويملك أفضل فرصة للفوز بكل شيء، ويرجع ذلك إلى حدّ بعيد إلى قوّة دفاعه المذهلة، وإلى أنّه سبق أن تعامل مع رزمة ضخمة من الإصابات. لكنّه أظهر لحظات من الهشاشة، وبالنظر إلى الفرص التي أهدرها أمام إيفرتون، كان من الممكن أن يخسر نقاطاً إضافية في عطلة نهاية الأسبوع.
ثم يأتي سيتي، الذي يبدو ممتازاً في كثير من الأحيان، لكنّه يعتمد على إرلينغ هالاند في التسجيل، وهو عرضة لهزائم غريبة. تشلسي يبدو مثيراً للإعجاب في أسابيع، ومبعثراً تماماً في الأسابيع التالية. أستون فيلا يعيش سلسلة لافتة، لكنّ توتنهام وحده يتفوّق على مجموع أهدافه المتوقعة بأكثر ممّا يفعل أستون فيلا، ما يوحي بأنّ تراجعاً قادماً لا محالة. ثم هناك ليفربول الذي نعرف جميعاً قصّته.
هل إيزاك هو أكثر صفقة قياسية نحساً على الإطلاق؟
قائمة أغلى الانتقالات في تاريخ كرة القدم لا تُعدّ، على أقل تقدير، قائمة بأذكى أو أروَع الانتقالات في التاريخ.
روميلو لوكاكو إلى تشلسي، إدين هازارد إلى ريال مدريد، أنطوني إلى مانشستر يونايتد. ولبرشلونة جناحه الخاص في هذا «متحف الإخفاقات»: أنطوان غريزمان، جواو فيليكس، فيليب كوتينيو، عثمان ديمبيلي _ جميعهم لاعبون جيّدون في أماكن أخرى، لكنّهم كانوا إهداراً صارخاً للأموال هناك.
انتقال إيزاك إلى ليفربول قد يتصدّرهم جميعاً، والإصابة التي تعرّض لها أمام توتنهام، ويعتقد ليفربول أنّها «خطيرة»، من دون تفاصيل إضافية، هي أحدث حلقة مؤسفة، وجاءت في أسوأ توقيت ممكن.
ربما كان ينبغي أن نكون أكثر تشكيكاً منذ البداية. لم يكن التحضير مثالياً لإيزاك، إذ قضى جزءاً كبيراً من فترة الإعداد للموسم بعيداً من ناديه آنذاك، وغاب عن جميع المباريات الودية لنيوكاسل، وعن مبّاريات بداية الموسم، ولم يحصل على الانتقال الذي كان يضغط من أجله إلّا في الدقائق الأخيرة من نافذة الانتقالات الصيفية.
وصف بدايته مع ليفربول بأنّها «بطيئة» سيكون تقليلاً كبيراً: 16 مشاركة، 3 أهداف، وكثير من العروض التي بدا فيها كأنّه لم يستعد للموسم على نحو مناسب.
ومع ذلك، كانت هناك مؤشرات طفيفة على التقدُّم: هدفه أمام وست هام كان إنهاءً رائعاً، وظهرت لمحات من التفاهم بينه وبين هوغو إيكيتيكي عندما لعبا معاً، وكذلك مع فلوريان فيرتز.
ثم جاءت الإصابة. ربما لا تكون بالسوء الذي يخشاه ليفربول، لكنّ الأمور لا تبدو جيدة. كان من المفترض أن يكون إيزاك حجر الزاوية في عملية إعادة البناء، الرجل الذي يمكن أن يُبنى حوله فريق ما بعد يورغن كلوب. ولا يزال من الممكن أن ينجح في النهاية. لكن راهناً، تُعدّ هذه واحدة من أكثر صفقات الأرقام القياسية نحساً وبؤساً التي شهدناها.
هل روجرز أفضل لاعب في الـ«بريميرليغ» حالياً؟
اللمسة الأولى كانت عبثية. الإصرار على إبقاء الكرة داخل الملعب كان استثنائياً. اللمسة الأخيرة كانت مذهلة وجميلة بصرياً إلى حدٍّ بعيد.
صحيح أنّه استفاد من دفاع كريم من ليني يورو، الذي تصرّف كمرشد أكثر منه كمراقب، لكنّ هدف روجرز الأول في فوز أستون فيلا 2-1 على يونايتد يوم كان رائعاً. ثم أتبع ذلك بهدف مشابه ليؤمّن الفوز، كلمسة تزيينية أخيرة.
هذا ما اعتدنا عليه من روجرز في الآونة الأخيرة: سجّل صاروخاً مشابهاً أمام وست هام، وهدفين استثنائيَّين متباينَين في الفوز 1-2 على ليدز.
بالنسبة إلى اللاعبين الإنكليز، هناك فيل فودين العائد بقوّة، ولاعب الوسط «الموضة الرائجة» (وربما ما بعدها) إليوت أندرسون، ديكلان رايس، وبوكايو ساكا. جميعهم رائعون، لكن أياً منهم لا يُقدِّم، إلى جانب الحسم، هذا القدر من اللمسة الأنيقة.
مدرب إنكلترا توماس توخيل يبدو معجباً به بوضوح، وجودة روجرز عامل واضح في تردُّد الألماني الظاهر في الالتزام بجود بيلينغهام. لو كانت أول مباراة لإنكلترا في كأس العالم غداً، لكان روجرز هو مَن يلعب خلف هاري كين، لا بيلينغهام.
وبعيداً من الإنكليز، فإنّ أهداف هالاند تضعه بالتأكيد في هذه النقاشات، وبرونو فرنانديش سيبقى دائماً حاضراً فيها، وأنطوان سيمينيو هو المهاجم الأكثر سخونة في السوق حالياً، وقد يكون مويزيس كايسيدو أفضل لاعب وسط مركزي في العالم، ولا يمكن التقليل من إسهام غرانيت تشاكا في انطلاقة سندرلاند. هناك كثيرون غيرهم. لا تتردّد في ترشيح مفضلك. لكن هل أي منهم في حالة فنية أفضل من روجرز الآن؟