Jay Kelly: كل ذكرياته أفلام
أليسا ويلكنسون- نيويورك تايمز
Saturday, 20-Dec-2025 06:29

حدَثْ أفلام نواه باومباخ يُقدِّم جورج كلوني في دور آخر نجوم السينما التقليديِّين. الجمهور الأكثر ملاءمة لتقدير فيلم Jay Kelly قد يكون الرجل الذي يقوم ببطولته، ويبدو أنّه سبب وجود الفيلم أصلاً: جورج كلوني. يبدو جاي نسخة في عالمٍ بديل من كلوني: كلاهما وُصِفا بأنّهما ورثة كلارك غيبل، وكلاهما من المعجَبين ببول نيومان، وكلاهما ربما يكون آخر نجوم السينما التقليديِّين الباهرين، أصحاب السحر والابتسامة اللامعة.

لكن في هذه المرحلة من حياته، يُعَدّ كلوني، على الأقل من حيث السمعة، رجلاً وفِياً، لديه الكثير من الأصدقاء، زوجة ناجحة، وأطفال صغار يُقال إنّه يوليهم عناية كبيرة، كما يتمتع بسمعة راسخة كناشط وإنساني. جاي، من ناحية أخرى، رجل يملك حياةً خيالية وروحاً فارغة: هويّته بالكامل هي مجرّد كونه ذلك الرجل الذي يُحبِّه الناس من الأفلام.
سعيه الأحادي والناجح نحو النجومية كلّفه علاقاته مع شريكاته، ومع ابنتَيه، ومع معظم أصدقائه. والآن، الشخص الأقرب إليه في العالم هو رون (آدم ساندلر)، مدير أعماله، الذي يُحبّه بصدق. بالنسبة إلى جاي، رون صديق، لكنّه من النوع الذي يأخذ 15% من دخله.
Jay Kelly فيلم غريب، ينزلق داخل وخارج طبقات مختلفة، ويبدو أنّه يعمل على مستويات متعدّدة في آنٍ. يبدو شخصياً ليس فقط بالنسبة إلى كلوني بل لباومباخ أيضاً، الذي كتب السيناريو مع إميلي مورتمر.
الفيلم يدور حول معنى أن تكون شهيراً، لكنّه أيضاً يدور حول ما يأخذه منك العمل في مجال الترفيه: كل ذلك الركض لتلبية نزوات شخص ما، الزَيف الغريب، لكن أيضاً لحظات الإدراك العرضية بأنّ ما صنعته يمكن أن يكون له معنى بطرقٍ لم تتوقعها. الناس يعيشون إلى جانب الأفلام؛ فالفيلم الجيّد، أو حتى الممتع فقط، يكتسب حياة أكبر من مدة عرضه.
Jay Kelly قصة عن نجم خيالي، لكنّها أيضاً شكوى لطيفة مليئة بالحنين لزمن أفلام آخذ في الزوال، ذلك الزمن الذي كان فيه نجم سينمائي واحد مثل كيلي أو كلوني، قادراً على إطلاق فيلم اعتماداً على شعبيّته وحدها. يمكنك أن تدرك ذلك لأنّه يبدأ في استوديو تصوير، حيث أوشكت عملية تصوير فيلمٍ ما على الانتهاء، ويستعرض باومباخ الحركة هناك بلقطة واحدة متواصلة. إنّها اللحظة الأولى التي تشعر بأنّها تكرّم فيلماً ما، أو ربما عدة أفلام.
هناك نلتقي بجاي، ومن هناك نتبعه خلال بضعة أيام غريبة جداً في حياته. يكتشف أنّ معلّمه بيتر شنايدر (جيم برودبنت) توفّي، وأثناء خروجه من مراسم الجنازة، يصادف صديقاً قديماً وزميلاً من أيام مدرسة التمثيل (بيلي كرودب). هذه المصادفة تُثبت أنّها مصيرية بطرق لم يكن يتخيّلها، خصوصاً بعد أن يُقرّر السفر إلى أوروبا ليرى إن كان يستطيع قضاء بعض الوقت مع ابنته الصغرى (غريس إدواردز) خلال صيفها الأخير قبل الجامعة. وبطبيعة الحال، لا يستطيع جاي الذهاب إلى أي مكان من دون حاشية كاملة ترافقه، من مصفّفة شعره (مورتمر) إلى مسؤولة علاقاته العامة (لورا ديرن) إلى رون الوفي الدائم، الذي عليه أن يهرع لتنظيم تكريمٍ مدى الحياة لجاي في مهرجان سينمائي إيطالي، بعد أن كان جاي قد رفض ذلك في البداية.
وتثير هذه المواقف لدى جاي ذكرياتٍ كان قد دفنها، استرجاعات لأيامه كممثل شاب (يؤدّيه في الفلاشباكات تشارلي رو)، لعلاقات حُب شبابية، ولمحادثات مع ابنته الكبرى (رايلي كيو) يتمنّى لو أنّه تعامل معها بطريقة مختلفة. إنّه يتذكّر مَن يكون، بمعنى ما: هوياتنا هي مجموع ذكرياتنا. جاي متّجه إلى إيطاليا وكذلك رون، الذي ضحّى بجزءٍ لا بأس به من سعادته من أجل جاي على مدى السنوات. بالنسبة إلى كليهما، إنّهما يتحرّكان نحو لحظة كشف.
بعض أجزاء Jay Kelly تبدو متنافرة بشكل محيّر مع بقية الفيلم، خصوصاً مقطعاً طويلاً في منتصف العمل داخل قطارٍ يجوب أوروبا. تصبح هذه المقاطع أكثر منطقية حين نراها كتحيات لأنواع معيّنة من الأفلام. جاي يُعيد عَيش حياته كسلسلة من الخيارات وكذلك كسلسلة من لحظات سينمائية: «كل ذكرياتي أفلام»، يتذكّر أنّه قال لبيتر في أحد الفلاشباكات.
وبالفعل، في حين تأتيه كل استعادة بمشاعر تنتمي إلى نوع سينمائي مختلف، فإنّ كل تجربة يعيشها في الحاضر تكتسب بدورها قواعد نوعٍ سينمائي ما. كأنّ جاي كيلي كان جاي كيلي لوقتٍ طويل جداً لدرجة أنّه لم يعُد يعرف كيفية اختبار العالم إلّا كممثل يؤدّي دوراً.
لا مفرّ من أنّ النتائج لا تتماسك تماماً سردياً أو نغمياً. لكنّ الفيلم يحتفظ بسحرٍ غريب الطراز، قديم الطابع. من الصعب تخيّل أي شخص غير كلوني يؤدّي دور جاي، لكنّ ساندلر ممتاز بالقدر نفسه؛ فهو يمنح رون قدراً من الأسى، رجل ربما أحبّ حباً ليس حكيماً بل مفرطاً.
ومع ذلك، رون يؤمن حقاً بما يفعله جاي، بأنّه يجلب السعادة للناس الذين يُحبّون أفلامه، ويُحبّونه داخلها. دور مدير أعمال هوليوودي عادة ما يُقدّم كنوع من الانتهازي المتحايل، لكن هذا الرجل طيّب، عائلي، فنّان بطريقته الخاصة، ويُضفي ساندلر عليه الدفء نفسه الذي نراه يتوقد داخل جاي. بطريقة ما، رون هو الإنسان الحقيقي الكامل هنا، لا جاي.
خاتمة Jay Kelly تجمع بين الإحساس بالامتلاء القلبي ومسحةٍ داكنة غريبة؛ وأحترم قرار باومباخ صياغة نهاية تحمل في طيّاتها نبرة هوليوودية كلاسيكية ونغمة سفلى متردّدة. وأظنّ أنّه ومورتمر وكلوني وجميع المشاركين يُدركون أنّ المقايضات التي ينطوي عليها العمل في مجال الترفيه ليست قابلة للحسم، تماماً كما هي الحال في مهن أخرى.
لكن قد يكون هناك شيءٌ خاص بحياة تُعاش تحت الأضواء. يقتبس الفيلم في مقدّمته عبارة لسيلفيا بلاث، لكنّها قد تكون مقتبسة من جاي كيلي نفسه: «إنّها مسؤولية جحيمية أن تكون نفسك. أسهل بكثير أن تكون شخصاً آخر أو ألّا تكون أحداً على الإطلاق». كل ذكريات جاي هي أفلام. لكنّ الجميع شاهد تلك الأفلام. فإذا كانت هوياتنا هي مجموع ذكرياتنا، فمَن هو جاي إذن؟

الأكثر قراءة