هل الرياضة قبل النوم فكرة سيّئة؟
Monday, 15-Dec-2025 08:46

تتردّد نصائح منذ سنوات بأنّ التمارين المسائية قد تُعيق النوم، لكنّ الأبحاث الحديثة ترسم لوحة أكثر دقّة. كثيرون لا يجدون وقتاً خلال النهار، فيتحوّل المساء إلى فترة التمرين الوحيدة، ما يطرح سؤالاً عملياً: هل يجب فعلاً إطفاء جهاز المشي بعد السابعة مساءً؟

الدراسات الحديثة تشير إلى أنّ الصورة ليست سوداء أو بيضاء. بعض الأبحاث واسعة النطاق أظهرت أنّ التمارين المسائية لا تؤثر سلباً في النوم، بل قد تُحسّنه، بينما وجدت دراسات أخرى تأثيرات سلبية في ظروف محدَّدة. ولهذا استعان الباحثون بخبراء في النوم والرياضة لتوضيح حقيقة هذا الجدل.

 

التمارين الخفيفة والمتوسطة تبدو آمنة كلياً. فالمشي المسائي، الجري الخفيف أو ركوب الدراجة بوتيرة هادئة تساعد في تخفيف التوتر وإفراز هرمونات تبعث على الارتياح، بحسب الدكتور كريستوفر تانايان، اختصاصي طب القلب الرياضي في نيويورك. حتى اليوغا وتمارين التمدُّد قد تعزّز اليقظة الذهنية وتُهيّئ الجسم للنوم.

 

المشكلة تظهر فقط عند المبالغة: تمرين معتدل يمتد لساعات طويلة، كجري 3 ساعات ليلاً، قد يُعرّض جودة النوم للخطر، وفق ما أكّده عالم النوم جوش ليوتا في دراسة صدرت عام 2025.

 

أمّا في ما يتعلّق بالتمارين عالية الشدة، فالصورة أكثر تعقيداً. بعض الدراسات لم تجد تأثيراً سلبياً، لكنّ أخرى ربطت التمارين المكثفة قبل النوم بصعوبة في الخلود للنوم والبقاء نائماً.

 

السبب يعود إلى التغيّرات الفسيولوجية المصاحبة للمجهود الشديد: ارتفاع حرارة الجسم الداخلية لساعات بعد التمرين، وتنشيط الجهاز العصبي الودّي المسؤول عن استجابة «القتال أو الهرب»، ما يُطلق هرمونات التوتر ويُبقي الجسم في حالة تأهّب غير مناسبة للنوم. حتى رفع الأثقال أو أي نشاط يضغط على الجسم بشكل مستمر يمكن أن ينتج التأثير نفسه.

 

التوقيت يشكّل عاملاً حاسماً. فإذا كان التمرين القاسي خيارك الوحيد ليلاً، يُفضَّل إنجازه قبل النوم بـ3 ساعات على الأقل، بحسب ليوتا، لمنح الجسم الوقت الكافي للعودة إلى حالته الطبيعية.

 

المسألة، في النهاية، شخصية للغاية. فاستجابة الأفراد للتمارين المسائية تختلف، وقد يحتاج الأمر إلى تجربة متكرّرة، كما يوضّح مايكل غراديسار، عالم النفس السريري المتخصِّص في أبحاث النوم. المهم مراقبة تأثير الروتين الجديد على نشاطك في اليوم التالي وأسبوعك ككل. وقد يرى البعض أنّ التخلّي عن ساعة نوم ليلة واحدة أسبوعياً مقابل تمرين قوي ليس صفقة سيّئة.

 

وفي أحيانٍ كثيرة، المشكلة ليست في التمرين نفسه، بل في الظروف المحيطة به: الإضاءة الساطعة في مكان التمرين قد تربك ساعة الجسم البيولوجية، والمشروبات الرياضية المحتوية على الكافيين أو الوجبات المتأخّرة قد تفسد النوم، بحسب الباحثة جيينغيي تشيان.

 

الرسالة الأساسية التي يُجمِع عليها الخبراء واضحة: ممارسة الرياضة تبقى مفيدة حتى لو كان المساء وقتك الوحيد. مع قليل من التجربة واعتماد عادات نوم صحية، يمكن إيجاد روتين مسائي يدعم اللياقة من دون التضحية بالنوم.

الأكثر قراءة