موسم «بريميرليغ» فوضوي سريع معوج وغير متوقع
نيك ميلر- نيويورك تايمز
Saturday, 13-Dec-2025 06:54

هل تشعر بالإرهاق؟ كأنّ العالم سريع جداً بالنسبة إليك؟ كأنّ الحياة فوضى غير قابلة للسيطرة، دوّامة تدير الرأس؟ قد يكون عليك إجراء بعض التغييرات. تفريغ جدول المواعيد قليلاً. وضع هاتفك في درج عند التاسعة مساءً كل ليلة. لا مزيد من مواقع التواصل الاجتماعي. شرب قهوة أقل ومزيد من تلك العصائر الخضراء. أو قد يكون السبب أنك تتابع موسم الدوري الإنكليزي الممتاز 2025-26.

هذا الموسم يبدو وكأنّه يحدث بسرعة فائقة. الـ»بريميرليغ» يحمل دائماً شعوراً بالتغيّر السريع، فتتقلّب السرديات بعنف مثل ناقلة نفط عالقة في عاصفة استوائية. لكنّ هذا الموسم يهتزّ بشكل أخطر من المعتاد. خذ ليفربول مثلاً.
حامل اللقب بدأ الموسم بسجلّ مثالي بعد 5 مباريات: كان هناك بعض الحظ في الأمر، وكان عليه باستمرار العودة في المباريات وتسجيل أهداف متأخّرة، لكنّه كان يفوز على رغم من وجود نصف فريق جديد بعد نافذة انتقالات مزدحمة، فتصوّر كيف سيكون الوضع حين ينسجم هذا الفريق، أليس كذلك؟
خسر ليفربول أمام كريستال بالاس، غلطة سراي، تشلسي، مانشستر يونايتد، برنتفورد، بالاس مرّة ثانية. بحلول تشرين الأول، بدأ الحديث عن إمكانية إقالة أرنيه سلوت. بلغ الأمر حدّ أنّ الخطوة المنطقية الوحيدة كانت استبعاد المصري محمد صلاح... الذي لم يتقبّل الأمر جيداً.
حظوظ أستون فيلا تقلّبت بشكل جامح أيضاً. بداية الموسم كانت فوضوية، مع الأسابيع الأخيرة المحمومة من نافذة الصيف التي أسفرت عن صفقات بالكاد شارك أصحابها. سلسلة كارثية من النتائج وضعته في منطقة الهبوط بعد 5 مباريات، مع كلام مظلم عن أنّ مشروع المدرب أوناي إيمري ينهار في عامه الرابع، وأنّ استقدامات دون المستوى ستنسف الموسم والأمور تتّجه نحو الأسوأ.
الآن، بعد سلسلة نتائج مبهرة (9 انتصارات في 10 مباريات بالدوري)، يُحكى عنه كمنافس على اللقب. كان في المركز الـ19 في نهاية أيلول، والآن ثالثاً. لا فريق آخر شهد مثل هذا التقلّب الحاد في المراكز هذا الموسم.
إذا رسمتَ خطوطاً لتقلّب مراكز كل فريق في رسم بياني، سيبدو وكأنّه نتيجة طفل يرسم خطوطاً عشوائية بأقلام التلوين، لكنّه في الواقع تصوُّر لكيفية تقلّب مراكز بعض الفرق. فيلا وليفربول هما الأكثر تطرُّفاً، لكن اختر فريقك المفضّل وحلّق فوق خطّه لتعرف المزيد عن حظّه حتى الآن.
توتنهام لا يظهر، لكنّ تأرجحه على مستوى السرد كان فوضوياً بقدر مماثل. نتائج جيدة مبكرة، بما في ذلك الفوز خارج الأرض على مانشستر سيتي، أثارت مقارنات لافتة بين المدرب الجديد توماس فرانك وسلفه أنجي بوستيكوغلو: البراغماتي حلّ محل المثالي، والكبار يمسكون بزمام الأمور الآن. ثم قفزنا بضعة أشهر إلى الأمام، وأدّت النتائج السيّئة على أرضه إلى هتافات استهجان ضدّ الدنماركي، الذي بدا الآن خارج عمقه، وبدأ بعض المشجّعين يحنّون إلى «كرة أنجي».
بديل فرانك في برنتفورد، كيث أندروز، تعرّض إلى تقلّبات سردية أكثر هدوءاً، لكنّها لا تقلّ أهمّية. عندما عُيِّن، صُدم البعض من حصول مدرب للكرات الثابتة (لم يسبق له أن تولّى تدريب فريق) على مفاتيح أحد أفضل الأندية إدارةً في البلاد، خصوصاً بعد بيع 3 من أفضل لاعبيه. لكنّ برنتفورد هزم يونايتد وليفربول، وتغيّر الرأي السائد. في الحقيقة، ربما يعرف برنتفورد ما يفعله، وربما كان اختيار الاستمرارية فكرة جيدة. لكنّه خسر 4 من آخر 6 مباريات.
بعض التقلّبات حدثت على مدى فترات أقصر. فإنزو ماريسكا نال إشادة واسعة بسبب أداء تشلسي بـ10 لاعبين لحوالى ساعة أمام أرسنال. الشعور السائد كان أنّ ماريسكا أظهر أنّه مدرب تشلسي حقيقي، يفعل ما يلزم للحصول على النتيجة. بعد 3 أيام، خسر 3-1 أمام ليدز يونايتد.
وهذا يأخذنا إلى مثال آخر: قبل أسابيع قليلة، بدا أنّ الخدعة انتهت بالنسبة إلى دانييل فاركه، الذي بدا وضعه في طريق «إيلاند رود» هشّاً، وازداد سوءاً لبقاء فريقه قريباً من مراكز الهبوط خلال الأشهر الأولى من الموسم، قبل أن يُتبع الفوز على تشلسي بانتزاع نقطة أمام ليفربول.
ولم نصل بعد إلى نوتنغهام فورست، الذي يعيش في مناخه الخاص من الفوضى: في الصيف، كان التفاؤل مرتفعاً، كرة أوروبية للمرّة الأولى منذ جيل، والجميع يعشق المدرب نونو إسبيريتو سانتو. ثم وجد نونو نفسه مطروداً بعد أقل من شهر من بداية الموسم، مُمهِّداً الطريق لأحد أكثر التعيينات سوءاً، الذي استمرّ 8 مباريات من دون فوز قبل أن يُطاح ببوستيكوغلو من الباب، بعد 17 دقيقة فقط من الخسارة أمام تشلسي. أصبح شون دايش ثالث مدرب لفورست هذا الموسم.
حتى ولفرهامبتون، الذي يمكنك نظرياً الاعتماد على عدم كفاءته لتوفير بعض الاتساق المهدّئ، وظلّ في القاع طيلة 14 من 15 جولة (وصعد إلى المركز الـ19 في الجولة الأخرى)، أقال مدرباً وهو محور احتجاجات جماهيرية محتدمة تتخمّر منذ زمن واشتعلت أخيراً.
بورنموث انتقل من المركز الثاني إلى الـ14 خلال 5 أسابيع. سيتي هبط إلى المركز الـ13 وارتفع إلى المركز الثاني.
مراكز التأهل إلى دوري الأبطال شغلها 12 فريقاً مختلفاً، وحتى الجولة الأخيرة، لم تكن هناك أي جولة احتفظ فيها الخماسي عينه بأماكنه في المراكز الخمسة الأولى من الجولة السابقة. وحتى حين حدث ذلك، لم يكونوا في المراكز عينها.
لو أردتَ مباراة واحدة تختصر الموسم، فستكون فوز سيتي 4-5 على مضيفه فولهام. خلال ساعة، تقدّم سيتي 5-1، وبدأ السيجار يُشعل. بحلول الدقيقة 78، كان فولهام قد سجّل ثلاثية، وتحوّلت الدقائق الأخيرة إلى جنون. بعد المباراة، قدّم بيب غوارديولا أفضل نسخة من انطباعه عن ماكسيموس ديسيموس ميريديوس: ألم تتسلّوا؟
من الصعب الادّعاء أنّ كل هذه الفوضى لم تكن مسلّية. إنّها أفضل كثيراً من الرتابة المتوقعة التي يعرف فيها الجميع مَن سيُنهي أين. لكنّه موسم مُربِك، يعادل كروياً أنّ تُدفَع داخل غسالة ملابس وتُدوَّر مراراً وتكراراً.

الأكثر قراءة