زيارة عون إلى عُمان: ردع ديبلوماسي واستثمار اقتصادي
شربل البيسري
Thursday, 11-Dec-2025 06:45

تميّزت زيارة رئيس الجمهورية جوزاف عون إلى سلطنة عُمان عن غيرها من نشاط رئاسي خارجي، لاعتبارات عدة: نوعية المهمّة الديبلوماسية - السياسية التي يقوم بها الرئيس عون، وطبيعة المرحلة التي يمرّ فيها لبنان والإقليم، ودور ومكانة سلطنة عُمان دولياً، وخصوصاً في صناعة التسويات.

جاءت زيارة رئيس الجمهورية إلى سلطنة عُمان، بهدف تأمين ردع ديبلوماسي، لمنع إسرائيل من توسيع حربها ضدّ لبنان. لكنّ الزيارة، طالت عناوين اقتصادية أيضاً، وهو ما دعا سلطان عمان هيثم بن طارق آل سعيد، لعقد لقاءَين رسميَّين مع الرئيس اللبناني، بالإضافة إلى ما حملته الزيارة من مؤشرات إيجابية متبادلة بين البلدَين.

لماذا عُمان؟
تلعب السلطنة أدواراً بارزة في ترتيب التسويات الكبرى، وهي محط ثقة دولية، وإقليمية. سبق أن كلّفها الأميركيّون والإيرانيّون والأوروبيّون، بمهام تقريب المسافات بينهم، لإبعاد الأزمات، وصياغة مخارج الحل.
لا توجد للسلطنة عداوات مع العواصم، وليس لديها مصالح خاصة، لا في التمدُّد الإقتصادي، ولا السياسي، ولا العسكري، في أي اتجاه. وهذا ما يُعزّز دورها، ويُثبِّت مكانتها بين عواصم العالم.
ومن هنا، تكمن أهمّية الزيارة التي قام بها الرئيس اللبناني، لإطلاع سلطان عُمان هيثم بن طارق آل سعيد، على التزام لبنان بتنفيذ القرارات الدولية، بهدف منع توسيع الحرب التي تخوضها إسرائيل ضدّ لبنان. وقدّم الرئيس عون صورة واضحة عن مسار الدولة اللبنانية، في إقرار حصرية السلاح بيَد الدولة اللبنانية، وضع خطة عسكرية، ورفع مستوى التمثيل في عملية التفاوض عبر لجنة «ميكانيزم»، مقابل عدم اكتراث إسرائيل لكل تلك الخطوات اللبنانية، واستمرارها في الإعتداءات واحتلال أراضٍ لبنانية.
يمكن لسلطنة عُمان أن تصبّ جهودها الديبلوماسية، ليس فقط باتجاه الأميركيِّين، بل باتجاه إيران أيضاً، التي تربطها بها علاقات ممتازة، لتكون المعالجة على مستويات إقليمية - دولية. وهو ما يُنتظر أن تباشره السلطنة، فجاء مضمون البيان اللبناني - العُماني المُشترك، ليعكس طبيعة الإنسجام والتوافق الكامل بين البلدَين، حول توصيف المشكلة المتعلقة باحتلال إسرائيل لأراضٍ لبنانية وعربية، والرغبة بترسيخ الاستقرار في لبنان والإقليم.
فهل تنجح السلطنة في فرض مخرج، يمنع إسرائيل من الإستمرار في حربها ضدّ لبنان؟ فلننتظر تحرّك العمانيِّين بإتجاهات عدة، لإظهار الإلتزام اللبناني بالسلام الإقليمي.

الإستثمارات أولوية مشتركة
لم تقتصر نتائج زيارة الرئيس عون إلى عُمان، على العناوين السياسية - الديبلوماسية، بل طالت مساحات الاستثمارات المتبادلة بين البلدَين، في خدمة الاقتصاد. لذا، جاء توجيه فريقَي العمل في كل من لبنان وعُمان، لإنجاز اتفاقيات اقتصادية، سيجري التوقيع عليها قريباً. من شأن تلك الاتفاقيات، أن تُعزّز الحضور الإقتصادي اللبناني في السلطنة، خصوصاً أنّ الجالية اللبنانية هناك، تمتلك حضوراً مميّزاً وفاعلاً، وتربطها علاقات متينة مع العُمانيِّين.
تُعتبر السلطنة سوقاً مهمّة للمنتجات اللبنانية الصناعية والزراعية، وركناً في تبادل تجاري وازن. كما أنّ موقع عُمان، يجعلها مساحة وصل تجاري بين لبنان ودول الخليج العربي، حين تُترجم الاتفاقيات المرتقبة.
وتقدّم السلطنة تسهيلات استثمارية، ممّا توفّره من إجراءات سريعة لتأسيس الشركات؛ يمكن تأسيس شركة خلال 24 ساعة، إعفاءات جمركية للمستثمرين، تسهيلات ضريبية، وأسعار تفضيلية في المدن الصناعية.
ومن هنا تكتسب زيارة رئيس الجمهورية إلى عُمان أهمية، بمفاعيل مُستدامة، لا تقتصر على محطة، ولا عنوان واحد، بل تتمدّد آثارها الإيجابية على مساحات ديبلوماسية - سياسية، واقتصادية مشتركة.

الأكثر قراءة