مناشدة لإقرار قانون يضمن حقّ المرأة اللبنانية في منح جنسيتها لأطفالها.
لا تزال قضية حقّ المرأة اللبنانية في نقل جنسيّتها إلى أبنائها تتصدّر واجهة النقاش الوطني، لا باعتبارها مطلباً حقوقياً فحسب، بل لأنّها باتت قضية رأي عام بكلّ ما تحمله من أبعاد إنسانية واجتماعية ودستورية.
فالأمهات اللواتي أنجبن على أرض هذا الوطن، وربّين أبناءهنّ على محبّته والانتماء إليه، ما زلن يواجهن قانوناً يعاملهنّ كأنّهنّ ناقصات أهلية في المواطنة، قانوناً يقف حاجزاً بين الأم وحق أبنائها الطبيعي في حمل هوية بلدٍ يعيشون فيه ويتنفّسون هواءه.
إنّ منع المرأة اللبنانية من منح جنسيّتها لأولادها، في الوقت الذي يتمكّن فيه الرجل اللبناني من ذلك بلا قيد أو شرط، يرسّخ تمييزاً صارخاً يتناقض مع روح الدستور ومبادئ العدالة والمساواة.
كيف يمكن لدولةٍ أن تدّعي حماية القِيَم الدستورية، فيما تُشرِّع ظلماً يطال آلاف الأسر، ويدفع ثمنه أطفال منذ لحظة ولادتهم: في التعليم، في الإقامة، في فرص العمل، وفي إحساسهم العميق بالانتماء؟
لطالما اختبأت الدولة خلف ذريعة «الاعتبارات الديموغرافية»، وكأنّ أبناء اللبنانيات تهديدٌ مباشر للنظام الطائفي، لا بشراً يستحقّون حياة كريمة في وطن أمّهم.
إلّا أنّ الجميع يدرك أنّ المشكلة ليست ديموغرافية بل سياسية، وأنّ استمرار هذا التمييز لم يَعُد مقبولاً في بلد يعاني من أزماتٍ متتالية تحتاج إلى دولة قوية بقوانين عادلة، لا دولة مقيّدة باعتباراتٍ طائفية تتقدّم على حقوق الإنسان.
من هنا، تأتي مناشدتنا الصريحة إلى رئيس الجمهورية، بوصفه الضامن الأول للدستور والحامي لمبدأ المساواة، ليضع هذا الملف على رأس أولويات الإصلاح التشريعي. فالمطلوب ليس تعديلاً تجميلياً، بل خطوة شجاعة تُعيد للمرأة اللبنانية حقّها المسلوب، وتمنح أبناءها وضعاً قانونياً يَليق بإنسانيّتهم.
كما نتوجّه إلى الجمعيات النسوية والحقوقية، وإلى كل القوى المدنية الفاعلة، لتوحيد الجهود ودفع هذه القضية إلى الأمام، لينتقل النقاش من إطار الوعود إلى مسار تشريعي واضح وصريح، يفضي إلى إقرار قانون عصري، يساوي بين اللبناني واللبنانية في ما يتعلّق بحق منح الجنسية للأبناء.
لا يمكن للبنان أن يدّعي التقدّم بينما نصف شعبه محروم من حقوقه الكاملة.
ولا يمكن للوطن أن يكون وطناً حقيقياً إن لم يحتضن أبناء نسائه كما يحتضن أبناء رجاله.
لقد آن الأوان لانتصار العدالة. آن الأوان ليقول لبنان لأمهاته: أنتن شريكات كاملات في صناعة الوطن، لا ظلّاً لقوانين الماضي.