يُقدّم فرانك ديلين، الذي يجسّد دور مدمن يتعافى في لندن، أداءً يرفع من قيمة هذه الدراسة الشخصية، في أول فيلم روائي طويل لهاريس ديكنسون كمخرج.
لا يُغيّر فيلم Urchin قواعد اللعبة، لكنّه دراما واثقة وهادئة التأثير، تتجاوز مستوى الدراسة التقليدية للشخصيات. مايك (فرانك ديلين)، المدمن المشرّد الذي نلتقيه بداية وهو يجوب شوارع لندن المزدحمة، يحاول استعادة توازنه بعدما أدّى به عمل يائس وعنيف إلى السجن لعدة أشهر.
مشاهد شاعرية وطبيعية تتخلّلها لمحات من الفكاهة التراجيدية وصور سوريالية، ترسم مرحلة ما بعد خروج مايك من السجن، حين يحصل على طوق نجاة: بضعة أسابيع مجانية في نزل وفرصة عمل في مطبخ فندق متداعٍ. فواصِل حُلمِية ترافقها موسيقى سينث-بوب، تُظهر مايك وهو يستعيد روحه عبر الكاراوكي مع زميلاته النشيطات، ولاحقاً وهو يحتفل حول نار مخيّم مع فرنسية ذات طابع هيبي تُدعى أندريا (ميغان نورثام)، تنشأ بينهما علاقة قصيرة وتنتهي بشكل كارثي.
هناك ظلال من شخصية جوني التي قدّمها ديفيد ثيوليس، الساحر المتشرّد في فيلم مايك لي Naked (1993)، تظهر في أداء ديلين، خصوصاً عندما يعود مايك إلى طباعه الحادّة القديمة. في لحظاته الأكثر إشراقاً، يبدو مايك لطيفاً ببراءة طفولية، غريب الأطوار قليلاً، وفخوراً بتواضع، وكل هذا بأسلوب ينجح ديلين في جعله بائساً ومحبّباً في آن.
Urchin هو أول فيلم روائي طويل لهاريس ديكنسون (Babygirl Triangle of Sadness)، الذي يستعرض معرفته السينمائية بثقة، حتى وإن بدت جهوده تقليدية نوعاً ما بالمقارنة. حركة الكاميرا الهستيرية المحمولة باليد، والتقاط الصور بعدسات طويلة، يعطيان بيئة مايك المدنية طابعاً مغترباً، في تذكير بأفلام الأخوين صافدي، إلّا أنّ ديكنسون يُخفّف الفوضى بتعليقات اجتماعية واقعية.
هذا ليس سرداً مؤثراً عن التعافي، ولا هو ملحمة عن السقوط من النعمة. مايك يعود إلى دورته التدميرية بسهولة عادية: العار، القوى النظامية، والظروف الاجتماعية، كلها تسهم في انتكاسته المحتومة. في أحد المشاهد، يُعيد مايك التواصل مع ناثان (ديكنسون نفسه)، وهو مدمن آخر كان في وقت من الأوقات يُشكّل تهديداً على تعافي مايك. الآن، مايك هو مَن يرتجف ويتلهّف للحصول على مال سريع. الأدوار انقلبت، ويخطر في البال أنّها ستستمر في الانقلاب ذهاباً وإياباً.