أعثر على الفجوة: لماذا جدول الـ"بريميرليغ" مزدحم؟
كونور أونيل- نيويورك تايمز
Friday, 21-Nov-2025 07:05

التظاهر بالجهل أو عدم الاكتراث بجدول الترتيب هو من أساسيات المؤتمرات الصحافية التي تلي المباريات. بعد الخسارة 1-0 أمام مضيفه أستون فيلا الشهر الماضي، إعتبر بيب غوارديولا، مدرب مانشستر سيتي، أنّ «وظيفتنا ليست مراقبة الجدول». وبدلاً من ذلك، يصرّ غوارديولا ونظراؤه ولاعبوهم على أنّهم يُركّزون فقط على المباراة التالية.

هذا، بالطبع، غير صحيح، لكن هناك مبرّراً يدعو إلى إيلاء اهتمام أقل بترتيب الـ»بريميرليغ» هذا الموسم. فمع خوض كل فريق 11 مباراة من أصل 38، هناك بعض الوضوح في الطرفَين: أرسنال يمتلك أفضلية من 4 نقاط في الصدارة، بينما يتأخّر وولفرهامبتون بـ7 نقاط في القاع، وهو أكبر فارق في هذه المرحلة من أي موسم للدوري الممتاز. لكن إذا استبعدت الرأس والذيل، فستجد وسطاً منتفخاً، وجدول ترتيب متقارباً بإحكام، خصوصاً في نصفه العلوي. ففارق فوز واحد فقط يفصل كريستال بالاس العاشر عن تشلسي الثالث.

 

منذ أن قُلِّص الدوري الممتاز إلى 20 فريقاً في موسم 1995-1996، لم يكن هذا الفارق ضئيلاً إلى هذا الحدّ سوى في 3 مناسبات أخرى: 2002-2003 و2005-2006 والموسم الماضي. عادةً ما يبلغ متوسط الفارق نحو 7 نقاط، وبلغ ذروته عند 12 نقطة في موسم 2011-2012. جزء كبير من هذا الازدحام يعود إلى محدودية العيّنة من المباريات.

 

بعد بداية توتنهام القوية الموسم الماضي، رأى مدربه أنجي بوستيكوغلو: «لا جدوى من النظر إلى الجدول الآن، لأنّ المهمّ في النهاية هو موقعك عند نهاية الموسم». وقد تبيّن أنّ تلك الكلمات ذات نبرة تشاؤمية في ما بعد، إذ انهار توتنهام لينهي الموسم في المركز الـ17، وأُقيل بوستيكوغلو على رغم من فوزه بالدوري الأوروبي.

 

بالنسبة إلى النصف العلوي من الجدول، عادةً ما تبدأ الفرق المنافسة أوروبياً في الابتعاد عن فرق منتصف الترتيب حول الجولة الـ16، فيبدأ متوسط فارق النقاط بين الثالث والعاشر بالوصول إلى خانتَين.

 

لكن هذه القفزة المتوقعة لم تحدث في موسم 2024-2025، ومع تبقّي 11 مباراة فقط، لم يكن هناك سوى 6 نقاط تفصل بين نوتنغهام فورست الثالث وأستون فيلا العاشر، ما وضع سباقاً محتدماً للحصول على المراكز الأوروبية.

 

نُسِب هذا الافتقار بالتمايز إلى «الطبقة الوسطى» الأقوى في الدوري، إذ أزعجت أندية صاعدة مثل فورست، بورنموث وبرايتون النظام القائم. ومع بداية الموسم بشكل مضغوط مماثل، ليس مفاجئاً أن يُعاد الموضوع مجدّداً. ووصف توماس فرانك الموسم بأنّه «الأكثر تنافسية» ضمن مواسمه الـ5 في الدرجة الممتازة، مع احتلال فريقه توتنهام المركز الخامس متقدّماً على بورنموث التاسع بفارق الأهداف فقط.

 

يُظهر الجدول إجمالي نقاط كل نادٍ مقارنة بمتوسط النقاط التاريخي لهذا المركز في هذه المرحلة من الموسم، ومرّة أخرى، يأتي الضغط من الأسفل. فجميع فرق المراكز الستة الأولى تملك نقاطاً أقل من المعتاد بعد 11 مباراة، فيما حصلت 12 من الفرق الـ14 الأخرى على نقاط أكثر من المتوسط.

 

يمكن أن تكون 11 مباراة فترة متقلّبة للتحليل. فإذا أخذت أي سلسلة من 11 مباراة، ستجد أنّه من 24 تشرين الأول إلى 28 كانون الأول 2009 فاز برمنغهام سيتي بـ7 مباريات وتعادل في 4، ما كان كفيلاً بوضعه في صدارة الدوري (مع أنّه أنهى ذلك الموسم في المركز التاسع).

 

لكن بشكل عام، تبقى المراكز في هذه المرحلة مؤشراً تنبّؤياً قوياً، إذ يرتبط الترتيب بعد 11 مباراة بالترتيب النهائي بنسبة تقارب 90%. لكن إذا استمرّت زيادة التنافسية على مستوى الدوري بالطريقة عينها، فستبدأ تلك العلاقة في التراجع.

 

موقع الفريق في الجدول يساهم في تشكيل السردية، لكن بالنسبة إلى الأندية العالقة في هذا الازدحام في منتصف الجدول، فإنّ الخط الفاصل بين المنافسة على دوري أبطال أوروبا وبين الانزلاق إلى هامش منتصف الترتيب أصبح ضبابياً. الفارق في هذه المرحلة من مباريات الدوري الـ38 هو نتيجة واحدة فقط — وقد تعتمد المسارات المستقبلية على ارتداد خبيث للكرة، أو هدف استثنائي يحدث مرّة واحدة في الموسم، أو قرار تحكيمي سيّئ.

 

صورة الجدول المضلِّلة هذه تزامنت مع تحوّل في أسلوب حديث المدربين، الذي صار يُركّز بشكل متزايد على العمليات الأساسية بدلاً من النتائج. تطرّق روبن أموريم، مدرب مانشستر يونايتد، إلى هذا المفهوم في مقابلة ما بعد المباراة بعد تعادل فريقه 2-2 مع توتنهام: «لدينا الكثير من المشاكل، نحن فقط في البداية. أحياناً تُظهر النتائج للناس أنّنا نتطوّر، لكن لدينا الكثير لنقوم به».

 

الموسم الماضي، كان أكثر صراحةً: «أنا لا أنظر إلى الجدول. أنظر إلى ما يفعله الفريق، وإلى الأشياء التي علينا تحسينها».

 

هذا هو المنطق نفسه وراء صعود الإحصاءات المتقدّمة في كرة القدم، مثل الأهداف المتوقعة (xG)، وهو نموذج يحاول فصل النتيجة عن العملية. وعلى رغم من أنّ الـxG متقلّبة أيضاً في وقت مبكر من الموسم، فإنّها تعطي إشارة أوضح إلى قدرة الفريق على خلق الفرص ومنعها. وتشير أرقام هذا الموسم إلى أنّ توتنهام قد يواجه انحداراً جديداً في الترتيب: فقد سجّل ثالث أسوأ فارق xG في الدوري، فيما بدا هجومه بلا حيَوية، خصوصاً في ملعبه.

 

حتى عند دمج جدول الترتيب الظاهر مع البيانات الأساسية، تبقى رؤيتنا للدوري الممتاز مجرّد ظل ضبابي. ربما من الأفضل ترك الدراما الكبيرة والمنعطفات غير المتوقعة في الأسابيع والأشهر المقبلة تكشف الصورة بوضوح أكبر.

الأكثر قراءة