كشفت دراسة جديدة نشرتها مجلة Neurology، أنّ الأشخاص الذين يفرطون في شرب الكحول (+3 أكواب يومياً) أكثر عرضة للإصابة بنزيف دماغي في عمر أبكر وبشكل أكثر خطورة من غيرهم.
أظهرت النتائج أنّ هؤلاء يصابون بالجلطة في سنّ أصغر بنحو 11 عاماً من الذين يستهلكون أقل من 3 جرعات يومياً، كما تكون حالاتهم أكثر تعقيداً بالعلاج والسيطرة على النزيف.
وعلى رغم من أنّ هذه البيانات لا تُثبِت بشكل قاطع أنّ الكحول هو السبب المباشر، فإنّها تتوافق مع أبحاث سابقة تربط بين الإفراط في شرب الكحول وتلف الأوعية الدموية وأمراض القلب.
ويشرح الدكتور بروس أوفبياجيلي، أستاذ علم الأعصاب في جامعة كاليفورنيا بسان فرانسيسكو، أنّ «الكحول بجرعات مرتفعة مادة سامة لخلايا الدماغ».
عادةً ما تحدث 85% من الجلطات نتيجة انسداد في شرايين الدماغ بسبب تجلّط الدم، وتُعرف باسم «الجلطات الإقفارية». أمّا النوع الذي ركّزت عليه هذه الدراسة، وهو «النزيف الدماغي الداخلي»، فينتج من تمزّق أحد الأوعية الدموية وتسرّب الدم إلى أنسجة الدماغ، ما يجعله أخطر أنواع الجلطات.
الدراسة شملت 1600 مريض عولجوا في مستشفى ماساتشوستس العام بين عامَي 2003 و2019، وجُمعت بيانات حول استهلاكهم للكحول من المرضى أو ذويهم.
كما خضع نحو 75% منهم لتصوير بالرنين المغناطيسي، أظهر أنّ الأوعية الدقيقة في أدمغة المدمنين كانت أكثر هشاشة وصلابة وتسرّباً من تلك لدى مَن يشربون باعتدال، وفقاً للدكتور إديب غورول، المشرف على البحث.
وبيّنت النتائج أنّ مدمني الكحول يعانون عادةً من ارتفاع ضغط الدم ونقص في الصفائح الدموية، ما يزيد خطر النزيف وشدّته.
كما كانوا أكثر بـ3 مرّات عرضة لعلامات الشيخوخة الدماغية، وخصوصاً تلف المادة البيضاء، وأكثر من 90% منهم فقدوا استقلاليتهم بعد الجلطة، فاحتاجوا إلى المساعدة بعد مغادرة المستشفى.
حتى مَن يشربون كوبَين يومياً تبيّن أنّهم عرضة لنزيف دماغي في أعمار أصغر من غير الشاربين. ويؤكّد الدكتور غورول، أنّه بخلاف الجلطات الناتجة من التجلّط، التي يمكن إذابة الدم فيها بالأدوية أو استخراجها جراحياً، فإنّ علاج النزيف الدماغي محدود للغاية، مشبِّهاً ما يحدث بـ»انفجار قنبلة داخل الدماغ».
ويُحذّر الأطباء من أنّ الوقاية تبقى الخيار الأفضل، وخصوصاً لِمَن يعانون عوامل خطر أخرى مثل ارتفاع الضغط، السكّري من النوع الثاني، السمنة، التدخين، والإفراط في الشرب.
وتشير الطبيبة إيميتيس توفيقي، إلى أنّ الدراسة اقتصرت على مستشفى واحد، وأنّ معظم المشاركين من العرق الأبيض، ما يستدعي مزيداً من الأبحاث لتأكيد النتائج.
تأتي هذه الخلاصات في وقت تتراجع فيه معدّلات الشرب في الولايات المتحدة، ومع تأكيد العلماء أنّه لا توجد كمّية «آمنة» من الكحول. فالمشروب العرضي قد لا يضرّ، لكنّ الحدّ من استهلاك الكحول يبقى خطوة أساسية لتقليل خطر الجلطات وحماية صحة الدماغ.