"البحث عن اليقين": سيرة روحٍ تحاور الله
Saturday, 08-Nov-2025 12:11

في زمنٍ يتراجع فيه السؤال أمام ضجيج الأجوبة الجاهزة، يطلّ الكاتب أنطوان مظلوم بعملٍ أدبيّ وفكريّ جريء عنوانه «البحث عن اليقين»، يذهب فيه إلى أعماق الروح، لا ليقدّم تفسيرًا للحياة، بل ليعيد إلينا شغف التساؤل عنها.

 

ففي ٢٥ اكتوبر ٢٠٢٥ تم توقيع الكتاب في مدرسة المون لاسال . بحضور شخصيات سياسية ودينية وعسكرية وإعلامية.

 

بين الإيمان والشك، بين العقل والعاطفة، بين الوجع والرجاء، يسير الكاتب على خيطٍ رفيع يشبه الصلاة المعلّقة بين الأرض والسماء.

 

في نصّه تلتقي الفلسفة بالوجدان، واللغة بالتجربة، والإنسان بخالقه، في محاولةٍ صادقة لتصالح الروح مع وجودها ومع غيابها في آنٍ واحد.

 

قد يقرأ البعض هذا الكتاب بوصفه تأمّلًا ذاتيًا، وقد يراه آخرون سيرةً روحية، لكنّ من يتوغّل في صفحاته يكتشف أنّه أقرب إلى إنجيلٍ شخصيّ يكتبه إنسانٌ يحاور الله بلا خوف، ويسأله كما يسأل نفسه، ويعترف أمام الكلمة بما لم يجرؤ على الاعتراف به أمام المذبح.

 

حول هذه العلاقة العميقة بين نصّ «البحث عن اليقين» وتعاليم الإنجيل، كان هذا الحوار مع الكاتب أنطوان مظلوم، الذي يفتح صفحات كتابه كما يفتح القلب على مصراعيه، باحثًا عن يقينٍ لا يُمسك، لكنه يُشعل فينا رغبةً حقيقية في أن نؤمن أكثر، ونفهم أعمق، ونحبّ بصمتٍ أكبر.

 

١.هل كنتَ تقصد أن تجعل الإنجيل مرجعًا ضمنيًّا في كتابك؟

 

الجواب: لم أقصد الاقتباس من الإنجيل، بل تركت نصّه يعيش في داخلي. الإنجيل بالنسبة لي ليس كتابًا أستشهد به، بل وعيٌ يسكن اللغة دون أن يُعلن عن نفسه.

 

٢. ما العلاقة بين عنوان الكتاب “البحث عن اليقين” وبين الإيمان الإنجيلي؟

 

الجواب: الإيمان في جوهره بحثٌ دائم عن يقينٍ لا يُمسك، والإنجيل نفسه ليس كتاب أجوبة، بل كتاب مسيرة. لذلك العنوان هو صدى لتلك الرحلة.

 

٣. هل ترى أن شخصيات الإنجيل، كيسوع أو توما أو بطرس، انعكست رمزيًا في كتابك؟

 

الجواب: نعم، بطريقة غير مباشرة. يسوع هو الحاضر في لحظات الغفران، وتوما هو ظلّي حين أشك، وبطرس هو أنا حين أنكر ثم أندم.

 

٤. كيف يتقاطع مفهوم الحب في كتابك مع مفهوم الحب في الإنجيل؟

 

الجواب: الحب في كتابي ليس عاطفة بل فعل خلاص، كما في الإنجيل. هو القوة الوحيدة التي تجعل المعنى ممكنًا وسط العبث.

 

٥. يقال إن كتابك يحمل نَفَسًا تأمليًا قريبًا من “العظة على الجبل”، هل تتفق مع ذلك؟

 

الجواب: ربما لأن الألم حين يُكتب بصدق، يتحوّل تلقائيًا إلى حكمة. وكل حكمة صادقة تلتقي هناك، عند العظة الأولى التي أطلقها المسيح من فوق الجبل إلى القلوب المتعبة.

 

٦. هل ترى في الكتاب صدى لفكرة “القيامة”؟

 

الجواب: بالتأكيد. في كل فصلٍ موت صغير وقيامة جديدة. القيامة ليست حدثًا جسديًا فقط، بل كل لحظة نتخطّى فيها اليأس لنولد من وجعنا.

 

٧. يتكرر في كتابك حضور “الأم”، هل لذلك بعد إنجيلي؟

 

الجواب: الأم في نصّي هي صورة الرحمة الأولى، كالعذراء في الإنجيل. هي الحضور الذي لا يترك، والصوت الذي يبقى حتى بعد الصمت.

 

٨. كيف تنظر إلى الألم في ضوء الإنجيل؟

 

الجواب: الألم في الإنجيل ليس لعنة، بل طريق فهم الذات. والمسيح علّمنا أن الصليب هو طريق الكشف، لا النهاية.

 

٩. هل ترى نفسك تكتب من موقع المؤمن أم الباحث؟

 

الجواب: أكتب من المسافة بينهما. أبحث بإيمانٍ وأؤمن بالبحث. هذه المسافة هي المكان الذي يُكتب فيه كل صدق.

 

١٠. هل شكّلت تجربة فقدان أخيك نوعًا من “الجلجلة” الشخصية؟

 

الجواب: نعم. كانت لحظة موت ومعها ولادة جديدة. الألم جعلني ألتقي بالمعنى الذي لم أجرؤ على سؤاله من قبل.

 

١١. بعض القراء رأوا في كتابك دعوة إلى الإيمان من خارج الطقوس. هل توافق؟

 

الجواب: تمامًا. الإيمان الحقيقي لا يحتاج إلى طقوس، بل إلى صدق داخلي. الطقس وسيلة، لكن الله لا يسكن في المراسم بل في القلب.

 

١٢. هل تعتبر الكتاب امتدادًا للروحانية المسيحية؟

 

الجواب: هو قريب منها في الجوهر، لكنه لا ينتمي إلى أي إطار عقائدي. إنه محاولة لجعل الروحانية لغةً للإنسان قبل أن تكون لغة للدين.

 

١٣. في نصوصك حضور قوي للصمت. ما علاقته بالإيمان؟

 

الجواب: الصمت في الإنجيل هو لغة الله. حين يصمت الإنسان، يتكلم الله. لذلك جعلت الصمت جزءًا من الإيمان، لا نقيضًا له.

 

١٤. ما المقصود حين تقول في كتابك إن “الروح لا تموت”؟

 

الجواب: لأن المحبة لا تموت، والروح هي الحب في أنقى صوره. الإنجيل وعد بالحياة الأبدية، وأنا أراها في استمرارية الأثر، لا في الزمن.

 

١٥. هل ترى في كتابك صدى لآية “الحق يحرّركم”؟

 

الجواب: نعم، لأن الحقيقة، مهما كانت مؤلمة، هي الطريق الوحيد إلى الحرية الداخلية، وهي ما يسعى إليه البحث عن اليقين.

 

١٦. ما الذي يجمع بين نصّك والإنجيل من حيث اللغة؟

 

الجواب: البساطة العميقة. أردت أن أكتب بلغة يفهمها القلب قبل العقل، كما يفعل النص الإنجيلي حين يختصر المعنى بكلمة واحدة.

 

١٧. هل يمكن اعتبار كتابك نوعًا من الاعتراف الشخصي؟

 

الجواب: هو أقرب إلى الاعتراف أمام الله لا أمام البشر. كل سطر فيه هو محاولة تبرير وجودي في حضرة من لا يحتاج إلى تبرير.

 

١٨. كيف ترى صورة الإنسان في كتابك مقارنة بالإنسان في الإنجيل؟

 

الجواب: الإنسان في الحالتين مخلوق هشّ، لكنه محبوب. في ضعفه تكمن قيمته، وفي خوفه تكمن فرصته للقاء الله.

 

١٩. هل يمكن القول إنّ كتابك يعيد تفسير مفهوم الخلاص؟

 

الجواب: نعم، أراه خلاصًا من الجهل، من الخوف، من الذات القديمة. ليس خلاصًا لاهوتيًا بل تحوّلًا إنسانيًا، كما فهمته من رسالة المسيح.

 

٢٠. لو وقفت في حضرة الله يوما ما ، ماذا ستقول له بعد كتابة هذا الكتاب؟

 

الجواب: سأقول له: “لم أكتب عنك، بل كتبت لأنك تسكن في داخلي، في كل محاولةٍ لأفهم معنى الحبّ والوجع واليقين.

الأكثر قراءة