كيف يختار المدرّبون الوظائف التي يتولّونها ومتى يرفضون؟
تيم سبيرز- نيويورك تايمز
Wednesday, 05-Nov-2025 06:31

عندما تنشأ وظيفة شاغرة في الإدارة الفنية لأحد أندية الدوري الإنكليزي الممتاز، وهو أمر يحدث في الحقيقة بشكل متكرّر، تتّجه الأنظار فوراً إلى التساؤل حول المدير الفني الذي سيحاول النادي المعني التعاقد معه.

لكنّ ما لا يتمّ التطرّق إليه كثيراً هو ما إذا كان المدير الفني العاطل من العمل سيُريد أصلاً تولّي تلك الوظيفة. غاري أونيل، على سبيل المثال، خارج العمل منذ عام بعد مغادرته ولفرهامبتون، لكن يُعتقد أنّه شعر بأنّ فرصة خلافة فيتور بيريرا لم تكن مناسبة له في هذا التوقيت.

 

ما الاعتبارات التي تدخل في قرار كهذا، خصوصاً بالنسبة إلى مدير فني بلا عمل؟

 

السمعة والتوقيت هما كل شيء في إدارة كرة القدم. وبينما قد لا تكون قيمة أونيل مرتفعة جداً، بعدما ترك ولفرهامبتون في المركز الـ19 قبل عام، فإنّ فرصه في الحصول على وظيفة أخرى في الدوري الممتاز كانت لتتلاشى بالتأكيد لو فشل في رفع الفريق من المركز الـ20.

 

ومن المفارقات أنّ غاري نيفيل، أقرّ عند تولّيه تدريب فالنسيا عام 2015 أنّ سمعته كانت ستتضرّر لو لم يقبل التحدّي: «عُرضت عليّ وظائف في كرة القدم خلال السنوات الـ4 أو الـ5 الماضية، لكنّ التوقيت لم يكن مناسباً. جلوسي على التلفاز، أتحدّث عن المدرّبين خلال هذه السنوات، جعل الوقت مناسباً لأن أقف وأتحمّل المسؤولية. لَو رفضتُ هذه الفرصة، لكنتُ فقدتُ شيئاً من صدقيتي».

 

في الـ»بريميرليغ»، هناك بوضوح مستويات مختلفة لوظائف الإدارة الفنية. فعندما يتصل بك ليفربول أو مانشستر يونايتد، يكون الإغراء هائلاً لمعظم المدرّبين المتاحين في السوق.

 

للتاريخ معنى، حتى لو كان النادي قد مرّ بأوقات عصيبة، كما حدث مع يونايتد في السنوات الأخيرة مقارنةً بعقوده الذهبية تحت قيادة السير أليكس فيرغسون. فإمكانية أن تكون الشخص الذي يُعيد النادي إلى أمجاده السابقة تجذب غرور الكثيرين، كما سيؤكّد أي شخص سبق له أن درّب تورينو أو بودابست أو بوردو في لعبة «فوتبول مانجر».

 

عندما شرح سبب تولّيه وظيفة تدريب يونايتد في منتصف الموسم الماضي، على رغم من تفضيله الانتظار حتى الصيف، أوضح روبن أموريم: «النقطة الثانية هي تاريخ هذا النادي. الجميع هنا جائعون لتحقيق النجاح، وأشعر أنّ هذا هو المكان الذي أريد أن أكون فيه أيضاً لهذا السبب، لأنّك تستطيع أن تكون جزءاً من شيء مميّز، لا مجرّد واحد من بين كثيرين. كان خياري الوحيد لأنّني أشعر حقاً بعظمة هذا النادي».

 

عندما انضمّ يورغن كلوب إلى ليفربول عام 2015 بعد مغادرته بوروسيا دورتموند ببضعة أشهر، لعب التاريخ مرّة أخرى دوراً مهمّاً، وكذلك الرومانسية الكروية في إدارة النادي في وقت حاجته.

 

هذا يضع انتقاله الأخير إلى، من بين كل الأماكن، ريد بول، في سياقه الحقيقي، ومع ذلك يبقى الأمر مثيراً. وقد استبعد كلوب إدارة أي نادٍ آخر في إنكلترا مستقبلاً غير ليفربول، وذلك من باب المبدأ. أرسين فينغر عبّر عن موقف مشابه بعد مغادرته أرسنال عام 2019: «أنا رجل أرسنالي، وبعد ذلك أنا محترف».

 

ثقل وهيبة تلك الأندية العملاقة يمكن أن يجذبا المدير الفني نحوها من البداية، لكن في المقابل يمكن أن يكونا عامل ردع أيضاً. فتوماس فرانك انتظر لسنوات قبل أن يُقرّر لِمَن يترك برنتفورد، إذ درّبهم في 4 مواسم قبل انتقاله إلى توتنهام الصيف الماضي.

 

وارتبط اسم فرانك بمعظم الأندية في وقت من الأوقات، بما في ذلك يونايتد، لكنّه عندما سُئل عن التأثير الذي قد يتركه تولّي وظيفة ضخمة وذات شهرة مثل يونايتد على حياته، أعطى لمحة عن خَوفه من الأعباء التي قد ترافق ذلك: «بالتأكيد، إذا تلقّيتُ عرضاً من نادٍ كبير وقرّرتُ الذهاب إليه، فمِن المحتمل ألّا يجعل ذلك حياتي أفضل. من ناحية التضحيات، فقدتُ حضور أعياد ميلاد أطفالي لـ5 سنوات متتالية لأنّني كنتُ مع المنتخب الوطني».

 

يمكن أن تكون اللغة أيضاً عاملاً مؤثراً. إذ رفض أوتمار هيتسفيلد عرض تدريب يونايتد عام 2002 (حين فكّر فيرغسون بالتقاعد) لأنّ لغته الإنكليزية لم تكن جيدة بما فيه الكفاية.

 

وهناك اعتبارات شخصية أيضاً نادراً ما يُحكى عنها، مثل أن تكون الوظيفة غير مناسبة للعائلة أو من الناحية الجغرافية أو كلتَيهما. وكان هذا هو الحال بالنسبة إلى ستيفن جيرارد عندما فكّر الشهر الماضي في العودة المثيرة إلى رينجرز: «بدا الأمر متسرّعاً بالنسبة لي لأنّ عائلتي كانت في البحرين».

 

الانسجام والتوافق مع رؤسائك المحتملين أمر بالغ الأهمية بالتأكيد. فقد علمت صحيفة «ذا أثليتيك» أنّ أحد المدراء رفض تدريب نادٍ في منتصف جدول الدوري الممتاز، لأنّ مالكه الطموح أو ربما الوهمي وعد بالتعاقد مع كيليان مبابي، قبل عامَين من انتقاله إلى ريال مدريد.

 

يجب أن يكون الشعور الداخلي صائباً. روي كين يتحدّث منذ سنوات، عن أنّ أي وظيفة محتملة يجب أن تستحق العناء لتُقنعه بالتخلّي عن حياته كمُحلّل تلفزيوني. كين، بطبيعة الحال، يعيش في راحة مالية، لكنّه أحياناً يشعر برغبة في العودة إلى التدريب منذ مغادرته إيبسويتش تاون عام 2011.

 

التوقيت هو كل شيء. اقترب ليستر سيتي وغراهام بوتر من بعضهما البعض في مناسبتَين على الأقل، بما في ذلك عندما أُقيل بريندان رودجرز عام 2023، ثم عندما غادر خليفته الموقت دين سميث بعد شهرَين.

 

كما يُعتقد أنّ بوتر كان من ضمن المرشحين عندما تعاقد النادي مع ستيف كوبر في بداية الموسم الماضي. لكنّ حقيقة أنّه لم يتمكن من جلب طاقمه المساعد المثالي كانت عقبة، إذ بقيَ بعضهم في تشلسي بعد فترته هناك، ما كان سيُجبر ليستر على دفع تعويضات مالية.

 

أحياناً، تتفوّق العاطفة على المنطق. عندما يتصل بك النادي الذي لعبت له سابقاً، يبدو أنّ من الصعب جداً رفضه.

الأكثر قراءة