أخصائية تغذية
تشير دراسة حديثة نُشرت في مجلة الجمعية الأميركية للقلب إلى أنّ خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية يرتفع بشكل كبير بعد التعرّض إلى عدوى فيروسية حادة مثل الإنفلونزا أو "كوفيد-19".
وجدت المراجعة التي حلّلت أكثر من 150 دراسة عالمية، أنّ احتمالية الإصابة بنوبة قلبية تزيد 4 مرّات بعد الإنفلونزا، و5 مرّات بالنسبة إلى السكتة الدماغية خلال الشهر التالي للعدوى.
أمّا في حالة "كوفيد-19"، فقد تبيّن أنّ الخطر يظل مرتفعاً حتى 3 أضعاف خلال الأسابيع الـ14 التالية، ويمكن أن يبقى تأثيره قائماً حتى عام كامل بعد الإصابة.
هذه النتائج تُعيد تسليط الضوء على العلاقة الوثيقة بين المناعة والالتهاب وصحة القلب. فخلال العدوى الفيروسية، يُطلق الجسم سلسلة من التفاعلات الالتهابية لمحاربة الفيروس، إلّا أنّ هذه الاستجابة قد تؤدّي إلى زيادة في لزوجة الدم وتنشيط الصفائح الدموية وتُضيّق الأوعية.
بالنسبة إلى مَن يعانون مسبقاً من ارتفاع الضغط، السكّري، السمنة أو اضطرابات الدهون، يصبح هذا الخلل الموقت في التوازن كفيلاً بإحداث جلطة في الشرايين التاجية أو الدماغية.
خط الدفاع الأول: التغذية الذكية
النظام الغذائي المضاد للالتهاب يُعدّ خط الدفاع الأول لتقليل آثار العدوى على القلب والأوعية. الأحماض الدهنية أوميغا-3 الموجودة في السمك الدهني (كالسلمون، السردين والتونة)، الجوز، وبذور الكتان تُساهم في تهدئة الالتهاب وتحسين مرونة الأوعية الدموية.
كما أنّ تناول الفواكه والخضروات الملوّنة الغنية بمضادات الأكسدة والبوليفينولات يُساعد في تحييد الجذور الحرّة التي تتشكّل خلال العدوى.
في المقابل، فإنّ الإفراط في الأطعمة المصنّعة، السكّريات البسيطة، والدهون المشبّعة يزيد من الحمل الالتهابي ويُضعف المناعة، ممّا يجعل الجسم أكثر عرضةً للمضاعفات بعد العدوى.
المغذيات الدقيقة ومقاومة الالتهاب
كذلك تلعب المغذيات الدقيقة دوراً محورياً في هذه المعادلة. فيتامين D، على سبيل المثال، يرتبط ارتباطاً وثيقاً بكفاءة الجهاز المناعي وتنظيم الالتهاب، وقد أظهرت دراسات عدة أنّ نقصه يزيد من احتمال التعرّض إلى عدوى تنفسية شديدة ومضاعفات قلبية. ويمكن الحصول عليه من الأسماك الدهنية المدعّمة، وصفار البيض.
أمّا المغنيسيوم والبوتاسيوم، فلهما تأثير واقٍ على انتظام ضربات القلب وضغط الدم، ويتوفّران بكثرة في الخضروات الورقية الداكنة (مثل السبانخ)، الموز، والأفوكادو.
بالإضافة إلى ذلك، يبرز فيتامين K2 كعامل أساسي في منع تكلّس الشرايين عن طريق توجيه الكالسيوم بعيداً من الأوعية الدموية ودعم مرونة الأوعية، ومصادره تشمل الجبن والبيض والأطعمة المخمّرة.
مرحلة "النافذة الحرجة" بعد التعافي
ولا يقتصر الأمر على مرحلة الوقاية فحسب، بل يمتد إلى ما بعد التعافي من العدوى. فالفترة التالية للإنفلونزا أو "كوفيد-19" تعتبر "نافذة حرجة" يجب خلالها دعم الجسم عبر تغذية غنية بالبروتينات عالية الجودة، الخضروات الورقية، السوائل، والنوم الكافي، مع تجنّب الإجهاد البدني المفرط.
هذه المرحلة تمثّل فرصة لإعادة توازن الجهاز المناعي والحدّ من الالتهاب المزمن الذي قد يُمهّد لمشكلات قلبية لاحقاً.