قدّمت دراسة حديثة نشرتها مجلة Hypertension التابعة لجمعية القلب الأميركية، أدلّةً قاطعة على أنّ حتى أقل كمّيات الكحول ترفع ضغط الدم تدريجاً وتزيد خطر الإصابة بالسكتات وأمراض القلب.

هذا البحث اعتمد على متابعة عشرات الآلاف من الأشخاص لأكثر من 10 سنوات، لتقييم العلاقة بين تغيّرات استهلاك الكحول ومستويات الضغط لديهم.

النتائج كانت حاسمة

مَن توقّفوا عن الشرب أو خفّضوا كمّياتهم شهدوا انخفاضاً واضحاً في الضغطَين الانقباضي والانبساطي، بينما ارتفع الضغط لدى مَن بدأوا الشرب أو زادوا من كمّيتهم، حتى وإن كانت محدودة.

كما أكّدت الدراسة، أنّ التأثير مرتبط بكمّية الإيثانول النقي وليس بنوع المشروب، لتسقط بذلك أسطورة «نبيذ القلب الصحي» التي طالما رُوّج لها.

بعيداً من عدد السعرات، للكحول تأثيرات عميقة على توازن الجسم. فهو يخلّ بتوازن الكهارل، إذ يعطّل الهرمونات المسؤولة عن تنظيم السوائل في الكلى، ما يؤدّي إلى احتباس الصوديوم والماء وارتفاع حجم الدم.

كما يُسبّب التهابات مزمنة في بطانة الأوعية الدموية تُقلّل من مرونتها، وتُضعف قدرتها على التوسّع، أي عكس تماماً ما تهدف إليه الحميات المفيدة للقلب مثل DASH.

بالإضافة إلى ذلك، يُضعف الكحول امتصاص معادن أساسية مثل المغنيسيوم والبوتاسيوم، الضروريَّين للحفاظ على استرخاء الأوعية الدموية وتنظيم الضغط.

من هنا، بات خفض استهلاك الكحول جزءاً لا يتجزّأ من الاستراتيجيات الحديثة للوقاية من ارتفاع الضغط، إلى جانب تقليل الصوديوم وزيادة الأطعمة الغنية بالبوتاسيوم والمغنيسيوم كالخضروات الورقية، الموز، البقوليات والمكسرات.

كما يُنصح باتباع أنماط غذائية مضادة للالتهاب مثل حمية البحر المتوسط أو DASH التي توازن بين الفواكه، الخضروات، ومنتجات الألبان قليلة الدسم.

التغيير الحقيقي يبدأ بالاستبدال الذكي: الماء المنكّه بالفاكهة الطازجة، شاي الأعشاب، والعصائر الطبيعية المخفّفة يمكن أن تحل محل الكحول من دون أن تفقد المتعة.

هذه البدائل لا تخلّص الجسم من الإيثانول فقط، بل تمنحه مضادات أكسدة وسوائل نقية تساعد الأوعية على استعادة مرونتها.

الرسالة العلمية باتت واضحة: لا وجود لاستهلاك كحول آمن لضغط الدم - ولو بجرعة صغيرة.