وصل نائب الرئيس الأميركي جاي دي فانس إلى إسرائيل أمس، لعقد اجتماعات مع قادة البلاد، بينما تسارع إدارة الرئيس دونالد ترامب لدعم اتفاق الهدنة الهش والمكلِف في غزة.
اتفقت إسرائيل و»حماس» هذا الشهر على هدنة في حربهما المستمرّة منذ عامَين، وهي اتفاقية تستند إلى أجزاء من خطة وضعها ترامب. في 13 تشرين الأول، سلّمت الجماعة الفلسطينية المسلّحة 20 رهينة إسرائيلية كانت لا تزال تحتجزهم في غزة، بينما أفرجت إسرائيل في المقابل عن نحو 2000 أسير ومعتقل فلسطيني.
وعلى رغم من أنّ الهدنة لم يمضِ عليها سوى أقل من أسبوعَين، إلّا أنّها تتعرّض إلى ضغوط كبيرة. ورأى محلّلون أنّ زيارة فانس، المقرّر أن تستمر حتى الغد، تهدف إلى توجيه تحذير لكل من إسرائيل و»حماس» بعدم تقويض الهدنة.
وبعد هبوطه في إسرائيل، انضمّ نائب الرئيس إلى ستيف ويتكوف، مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط، وجاريد كوشنر، صهر الرئيس، في مأدبة غداء استمرّت قرابة ساعتَين في مطار بن غوريون. وكان ويتكوف وكوشنر من الشخصيات المحوَرية في التوصّل إلى اتفاق وقف إطلاق النار، إلى جانب وسطاء من مصر، قطر، وتركيا.
لاحقاً، سافر فانس جنوباً إلى مدينة كريات جات لحضور إحاطات خاصة في مركز تنسيق مدني-عسكري يستضيف موظّفين أميركيِّين يراقبون تنفيذ الهدنة.
وكشف مسؤولون في إدارة ترامب، تحدّثوا شريطة عدم الكشف عن هوياتهم لمناقشة محادثات خاصة، أنّ هناك قلقاً داخل الإدارة من أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد يتراجع عن الاتفاق المدعوم من الولايات المتحدة.
وشدّد ترامب، أمس، على أنّه إذا انتهكت «حماس» الاتفاق، فإنّ عدداً من حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط الذين لم يُذكروا بالاسم، «سيُرحِّبون بفرصة» الردّ بـ«قوّة هائلة»، لكن «لا يزال هناك أمل بأن تفعل «حماس» ما هو صواب. وإذا لم تفعل، فستكون نهاية «حماس» سريعة، غاضبة ووحشية».
حالياً، تؤكّد كل من إسرائيل و«حماس» التزامهما بوقف إطلاق النار، على رغم من تكرار اندلاع أعمال عنف في الأيام الأخيرة. فيوم الأحد، أطلق مسلّحون فلسطينيّون النار على جنود إسرائيليِّين في مدينة رفح جنوب غزة، ما أسفر عن مقتل جنديَّين. وردّت إسرائيل بشنّ غارات أسفرت عن مقتل 45 فلسطينياً، وفقًا لمسؤولي الصحة في غزة. واستمرّ العنف لفترة قصيرة، لكنّ المحلّلين رجّحوا بأنّ الهدنة ستخضع إلى اختبارات جديدة.
كما هاجمت القوات الإسرائيلية فلسطينيِّين «عبروا خط ترسيم» سحبت إسرائيل قواتها العسكرية إلى ما وراءه داخل غزة. وأعلن الجيش الإسرائيلي أنّ بعضهم كانوا مسلّحين، لكنّ مسؤولي غزة أوضحوا أنّ عدداً من المدنيِّين، بينهم أطفال، قُتلوا في تلك الهجمات.
وفي خطاب ألقاه أمام البرلمان الإسرائيلي، كان نتنياهو غامضاً بشأن ما يتوقع مناقشته مع فانس: «سنتحدّث عن أمرَين بشكل أساسي: التحدّيات الأمنية والفرص الدبلوماسية التي نواجهها. سنتغلّب على التحدّيات ونغتنم الفُرَص».
أمس، كشف مكتب نتنياهو أنّه التقى رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد لبحث وقف إطلاق النار في غزة وقضايا إقليمية أخرى. ويأمل ترامب ووسطاؤه في البناء على الهدنة لتحقيق رؤية طموحة لما بعد الحرب في غزة، تتخلّى بموجبها «حماس» عن أسلحتها، وتتولّى قوّة دولية مسؤولية الأمن، وتنتقل السلطة تدريجاً إلى إدارة فلسطينية مستقلة.
لكنّ «حماس» أعربت عن تحفّظات جدّية تجاه هذه الخطة، خصوصاً في ما يتعلّق بنزع سلاح مقاتليها. ولم يُنفِّذ أي من الطرفَين حتى الآن أجزاء مهمّة من اتفاق وقف إطلاق النار الأولي، ناهيك عن التوصّل إلى اتفاق أوسع بشأن مستقبل غزة.
وأعادت «حماس» جثامين ما لا يقل عن 13 شخصاً إلى إسرائيل، بينما أعادت إسرائيل أكثر من 100 جثمان فلسطيني إلى غزة.
لكنّ جثامين نحو 15 رهينة، التي تُلزم الهدنة «حماس» بإعادتها إلى إسرائيل، لا تزال في غزة. وأكّد مسؤولو الحركة أنّهم يبذلون أقصى ما يمكن، لكنّ استعادة الجثث أمر صعب.
أمس، أوضح خليل الحيّة، القيادي البارز في «حماس»، للتلفزيون المصري الرسمي: «نحن جادّون في تسليم جميع الجثامين، كما نَصَّ الاتفاق»، لكنّ الحركة تواجه «صعوبات هائلة» في استخراج بعض الرفات بسبب «تغيّر معالم الأرض» في غزة، إذ تحوّلت مساحات شاسعة من المدن إلى أنقاض.
واتهم القادة الإسرائيليّون، بمَن فيهم نتنياهو، «حماس» بانتهاك الاتفاق بعدم إعادة مزيد من جثامين الرهائن فوراً. وردّت إسرائيل بإبقاء معبر رفح بين غزة ومصر مغلقاً حتى إشعار آخر.