توقعات كرة القدم قبل 25 عاماً ثبُت خطؤها
مايكل كوكس- نيويورك تايمز
Tuesday, 14-Oct-2025 06:18

في عام 2000، أجرت مجلة «وورلد سوكر» مقابلة لمناسبة دخول القرن الجديد مع رئيس «فيفا» آنذاك سيب بلاتر. أحد الأسئلة دفعه لاستخدام «كرته البلورية» للتنبّؤ بماذا سيجلب لنا المئة عام القادمة، أجاب بلاتر: «لا أستطيع النظر إلى هذا البُعد الزمني. لكن يمكنني أن أذهب حتى 25 عاماً إلى الأمام». فما الذي تنبّأ به بلاتر إذاً؟

توقّع بلاتر: «أتوقع عدم حدوث تغييرات جذرية خلال هذه المدة». ربما كان بلاتر حكيماً بتجنّب المغامرة في التنبّؤ بالمستقبل. فحتى تكرار الإجماع السائد في ذلك الوقت لا يعني بالضرورة أنّك ستبدو ذكياً بعد 25 عاماً، لأنّ جوانب عدة من اللعبة التي كان هناك إجماع على اتجاهها المستقبلي، ثبُت خطؤها. أمور كثيرة كنا نظن أنّها ستكون حتمية في القرن الـ21، لم تتحقق. على الأقل، ليس بعد...

 

نهاية احتكار أوروبا وأميركا الجنوبية؟

 

في المقابلة التي لم يُقدِّم فيها بلاتر تنبّؤاً واضحاً، رأى أنّ أعظم إنجاز له في «فيفا» هو إبعاد كرة القدم عن هيمنة أوروبا وأميركا الجنوبية، إذ سمح توسيع كأس العالم من 24 إلى 32 منتخباً عام 1998 في فرنسا بمشاركة المزيد من المنتخبات من قارات أخرى.

 

لكنّ فكرة أنّ القوى الكبرى في اللعبة تتعرّض إلى تحدٍ من الخارج، ليست سوى أسطورة. فالـ9 المرشحين الأوائل حالياً للفوز بكأس العالم 2026 (إنكلترا، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، هولندا، إسبانيا، البرتغال، الأرجنتين والبرازيل) هم أنفسهم كانوا مرشحين في نسخة 2006.

 

بلجيكا وأوروغواي تأتيان بعدهم في احتمالات الفوز. أمّا «المُفسِد الأكبر للحفلات» مؤخّراً فكانت كرواتيا التي احتلّت المركزَين الثاني والثالث عامَي 2018 و2022. لكنّها كانت أيضاً ثالثة 1998، لذا لم يكن ذلك ليفاجئ أحداً مطلع القرن.

 

أندية لندن ستغادر المدينة وتشارك الملاعب؟

 

الخبر الأخير عن احتمال لعب أرسنال في ملعب «ويمبلي» أثناء إعادة تطوير ملعب «الإمارات»، بدا مألوفاً لِمَن يتذكّرون مقترحات أواخر التسعينات بدمج مشروع ملعب أرسنال الجديد مع مشروع «ويمبلي».

 

في التسعينات، كانت الموضة في إنكلترا أن تبيع الأندية ملاعبها التاريخية وتبني أخرى حديثة على أطراف المدن.

 

باستثناء تشلسي، تمكّنت كل الأندية الأخرى، بشكل مذهل في مدينة مزدحمة كهذه، من إيجاد أراضٍ لبناء ملاعب جديدة ضمن حدود مناطقها الأصلية. أمّا فكرة مشاركة الملاعب فكانت مطروحة بشدّة. وكان الخطاب السائد أن ننظر إلى: يوفنتوس وتورينو في تورينو، روما ولاتسيو في العاصمة الإيطالية، إنتر وميلان، وبايرن و1860 ميونيخ. كلّهم كانوا يتشاركون الملاعب بنجاح، فلماذا لا نفعل نحن؟

 

لكن ما لم يُدرك جيداً حينها، هو أنّ الأمر لم يكن ناجحاً كما بدا. ولم يتكرّر الأمر في إنكلترا. فاحتفظت الأندية بهويّتها وجغرافيّتها واستقرارها المالي بفضل امتلاكها لملاعبها.

 

اليوم، على رغم من بعض اتفاقات المشاركة الموقتة عبر السنوات، فإنّ الأندية الـ92 التي تُشكّل الدرجات الـ4 الإنكليزية تلعب في 92 ملعباً مختلفاً.

 

المزيد من اللاعبين سيعتزلون دولياً مبكراً

 

انفجار الرواتب في أواخر القرن الـ20 جعل اللاعبين حريصين على تمديد مسيرتهم مع الأندية لأطول فترة ممكنة، إذ بات بإمكانهم أن يجنوا في موسم واحد ما كان يحتاج إلى 5 من قبل. وأحد سبل ذلك كان اعتزال اللعب الدولي مبكراً.

 

لم تكن هذه الفكرة جديدة تماماً، لكنّ يورو 2000 كان مثالاً مبكراً على ذلك. آلان شيرر ودينيس بيركامب، اعتزلا اللعب الدولي بعد البطولة. شيرر كان في الـ29، وبيركامب في الـ31، وكلاهما واصل اللعب حتى 2006. بدا حينها أنّ زيادة المال في كرة القدم ستجعل اللاعبين يُركّزون على أنديتهم مبكراً. لكن ربما أصبحت الرواتب الآن مرتفعة بما يكفي طوال المسيرة، مع وجود فرص عديدة في الخارج لتقاعد مربح، ممّا جعل الأمر أقل أهمية.

 

خط الوسط سيصبح بدنياً أكثر من كونه تقنياً

 

حسناً، نصف صواب. في مطلع الألفية، كان الاعتقاد السائد أنّ اللعبة ستزداد بدنية في وسط الملعب، وأنّ صنّاع اللعب المهاريِّين، خصوصاً في المراكز العميقة، سيُقهَرون أمام لاعبي الوسط الأقوياء مثل فييرا ودافيدز. وكان باتريك فييرا يُعتبر النموذج المثالي للاعب المستقبل. أقرّ بيب غوارديولا عام 2004، وهو في نهاية مسيرته كلاعب وسط: «مهاراتي لم تتراجع، لكنّ كرة القدم تغيّرت. أصبحت أسرع وأكثر بدنية. لتلعب أمام خط الدفاع الآن، يجب أن تكون قاطع كرات مثل فييرا أو دافيدز. وإن كنت تُجيد التمرير أيضاً، فذلك مجرّد ميزة إضافية».

 

صحيح أنّ اللعبة في السنوات الأخيرة أصبحت أكثر اعتماداً على القوّة، خصوصاً مع أسلوب الضغط العالي، لكنّ فترة 2008–2015 شهدت سيطرة تامة للثلاثي الإسباني بوسكيتس وتشافي وإنييستا، الذين مثّلوا مدرسة مختلفة تماماً. كذلك، يُثبِت تأثير أندريا بيرلو ولوكا مودريتش أنّ التقنية والذكاء ما زالا قادرَين على الهيمنة.

 

عدد أقل من المدربين الكبار سيكونون لاعبين سابقين

 

في مطلع القرن، كانت كرة القدم تزداد تعقيداً، علمية ومنهجية، ويُعتقد أنّ المستقبل سيشهد طفرة في عدد المدربين القادمين من خارج الملاعب، فبحسب أريغو ساكي: «لم أدرك قط أنّه يجب أن تكون حصاناً لتصبح فارساً». كان آرسين فينغر يُعدّ النموذج المثالي لهذا الاتجاه. صحيح أنّه لعِب في ستراسبورغ وفاز بالدوري الفرنسي عام 1979، لكنّه لم يكن يبدو كرياضي سابق، بل كأكاديمي. وعندما وصل مورينيو ورافا بينيتيز عام 2004، وكلاهما لم يملك مسيرة لعب كبرى، ظنّ الجميع أنّ الثورة بدأت.

 

لكن من بين 20 مدرباً حالياً في الـ«بريميرليغ»، فقط 5 لم يلعبوا كرة قدم في المستوى الأعلى. أمّا البقية، فمعظمهم يُعتبرون نجوماً دوليّين سابقين. والمدرّبون الذين هيمنوا على أوروبا في العقدَين الأخيرَين (غوارديولا، كونتي، زيدان، ديشان، أنشيلوتي، لويس إنريكي، سيميوني، مانشيني) هم لاعبون كبار سابقون. حتى هانزي فليك شارك في نهائي كأس أوروبا مع بايرن كلاعب.

الأكثر قراءة