في خطوة تهدف إلى الدفع بجهود السلام في الشرق الأوسط، وقّعت كل من الولايات المتحدة ومصر وقطر وتركيا، مساء اليوم الإثنين، على الوثيقة الشاملة بشأن اتفاق غزة، وذلك خلال قمة شرم الشيخ التي استضافتها مصر بمشاركة أكثر من 20 من قادة وزعماء العالم، بحضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وسط غياب لافت لحركة حماس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي أفاد مكتبه بأنه اعتذر عن الحضور "بسبب الأعياد".
في التفاصيل، وقّع الوثيقة كل من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في حدث وُصف بأنه خطوة مفصلية نحو تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار وإعادة الإعمار في قطاع غزة.
وفي تصريحات أدلى بها خلال التوقيع، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب: "قمة شرم الشيخ يوم عظيم للشرق الأوسط.. الوثيقة شاملة للغاية، وهي ستوضح القواعد واللوائح." وأضاف: "توصلنا في النهاية لحل لمسألة دامت أكثر من ثلاثة آلاف عام. كانت من أصعب النزاعات في العالم"، لافتا الى ان "مسألة جثامين الاسرى الإسرائيليين لا تزال عالقة وهناك عمليات للعثور على الجثث".
هذا وأعلنت إسرائيل الإفراج عن 1966 أسيراً فلسطينياً، ضمن المرحلة الأولى من صفقة التبادل مع حركة حماس. وأكّدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر تسلمها الرهائن الإسرائيليين الـ20 في قطاع غزة وتسليمهم إلى السلطات الإسرائيلية على دفعتين.
وقبيل القمة، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن الولايات المتحدة "ستكون دائماً" إلى جانب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، واصفاً إياه بـ"الزعيم القوي". وأضاف خلال اجتماعه مع السيسي: "مصر لعبت دوراً بالغ الأهمية في الاتفاق، والسيسي زعيم قوي.. وأميركا مع السيسي دائماً".
وأعلن ترامب أن "المرحلة الثانية من اتفاق غزة قد بدأت"، مضيفاً أن "العالم سيشهد الكثير من التقدم في الشرق الأوسط"، وأن "هناك الكثير من الركام في غزة، والقطاع في حاجة إلى عملية تنظيف". كما أشار إلى أن "إيران تريد إبرام اتفاق وتحتاج إلى المساعدة".
من جهته، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن "الرئيس ترامب هو الوحيد القادر على تحقيق السلام في المنطقة"، واصفاً "اتفاق غزة" بأنه "إنجاز رائع"، وأضاف: "الأولوية الآن هي لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة ومتابعة خطوات إنجاح اتفاق السلام، وضمان دخول المساعدات الإنسانية وتسليم جثامين الرهائن الإسرائيليين إلى ذويهم".
ووصل الرئيس الأميركي إلى شرم الشيخ متأخراً عن الموعد المعلن، قادماً من إسرائيل بعد زيارة استغرقت أقل من ست ساعات، ألقى خلالها خطاباً أمام الكنيست، وصف فيه هذا اليوم بأنه "فجر تاريخي لشرق أوسط جديد"، وأعلن "نهاية الكابوس المؤلم للإسرائيليين والفلسطينيين"، مشدداً على أن "المنطقة مقبلة على عصر من الإيمان والأمل".
وأعرب ترامب عن شكره للدول العربية والإسلامية "التي توحّدت للضغط على حماس لإطلاق سراح الرهائن"، واعتبر ذلك "انتصاراً مذهلاً لإسرائيل والعالم عندما نتعاون كشركاء من أجل السلام".
وبشأن لبنان، طرّق ترامب إلى الوضع، مؤكداً دعمه لرئيس الجمهورية العماد جوزاف عون في خطته لحصر السلاح بيد الدولة، وقال: "نحن ندعم الرئيس اللبناني الجديد في خطة نزع سلاح حزب الله وبناء دولة تعيش بسلام مع جيرانها، وهو يقوم بعمل جيد جداً". وأضاف أن "خنجر حزب الله الذي كان مسلطاً على إسرائيل قد دُمّر".
بدوره، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في كلمة بالكنيست في حضور الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إنه "ملتزم بهذا السلام". وأشاد نتنياهو في الكلمة بترامب لمساهمته في التوسط في المرحلة الأولى من اتفاق غزة بين حماس وإسرائيل، والتي شهدت عودة جميع الأسرى الإسرائيليين الأحياء.
وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي أن بلاده منفتحة على "معاهدات سلام جديدة"، وقال مخاطباً ترامب: "تحت قيادتك، يمكننا إبرام معاهدات سلام جديدة مع الدول العربية في المنطقة والدول المسلمة خارج المنطقة، مضيفاً أن "أحداً لا يريد السلام أكثر من شعب إسرائيل"، بحسب تعبيره.
وتعليقاً على تسليم الرهائن الأموات، اشار وزير دفاع العدو الإسرائيلي يسرائيل كاتس الى ان "إعلان حماس عن تسليم رفات 4 اسرى اليوم هو إخلال بالالتزامات"، لافتا الى ان "أي تأخير أو امتناع عن تسليم جثامين اسرى سيعد انتهاكا للاتفاق وسنرد عليه وفقا لذلك".
أما في لبنان الذي ينتظر انعكاسات هذه التطورات عليه، فاكد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون" انه سبق للدولة اللبنانية ان تفاوضت مع إسرائيل برعاية أميركية والأمم المتحدة، ما اسفر عن اتفاق لترسيم الحدود البحرية تمَّ الإعلان عنه من مقر قيادة "اليونيفيل" في الناقورة. فما الذي يمنع ان يتكرَّر الامر نفسه لايجاد حلول للمشاكل العالقة، لاسيما وان الحرب لم تؤد الى نتيجة؟ ".
وتابع:" اسرائيل ذهبت الى التفاوض مع حركة "حماس" لانه لم يعد لها خيار آخر بعدما جربت الحرب والدمار. اليوم الجو العام هو جو تسويات ولا بد من التفاوض، اما شكل هذا التفاوض فيحدد في حينه".
وعن الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على لبنان، أجاب الرئيس عون "إسرائيل مستمرة في توجيه الرسائل العسكرية والدموية للضغط علينا، ولعل قصف الجرافات وآليات الحفر في المصيلح يوم السبت الماضي خير دليل على السياسة العدوانية الإسرائيلية المستمرة ضد لبنان، في وقت تقيَّد لبنان بالاتفاق الذي تم التوصل اليه في تشرين الثاني الماضي، وطالبنا مرارا بتدخل أميركي وفرنسي لكنها لم تتجاوب. الان نأمل ان نصل الى وقت تلتزم فيه إسرائيل وقف العمليات العسكرية ضد لبنان، ويبدأ مسار التفاوض لان هذا المسار الذي نراه في المنطقة يجب الا نعاكسه".
من جانبه، أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن فرنسا سيكون لها "دور خاص جدا" في حكم غزة في المستقبل "إلى جانب السلطة الفلسطينية".
وقال لدى وصوله إلى شرم الشيخ اليوم للمشاركة في قمة برئاسة الرئيسين المصري والأميركي :"سوف نضطلع بدور خاص جدا إلى جانب السلطة الفلسطينية وسوف نحرص على أن يكون لها دورها ولكن أيضا على أن تقوم بالإصلاحات المطلوبة لليوم التالي لانتهاء الحرب في غزة".
وأعلنت مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، أن التكتل سيستأنف الأربعاء مهمة مراقبة معبر رفح بين غزة ومصر دعما لاتفاق وقف إطلاق النار.