الحكومة وقلَمُ الرصاص
جوزف الهاشم
Friday, 10-Oct-2025 07:05

ما هي مشكلة هذه الحكومة؟ ما هي مشكلة القرارات الحكومية التي تجعل الحكومة وكأنّما هي المشكلة؟ تقرّر قبل أنْ تفكّر... وتنكسر بعد أن تقرّر...
ليس مطلوباً أن تجعل الحكومة من القلم سيفاً...
وليس مسموحاً أن تكتب قراراتِ حصرية السلاح المدفعي والصاروخي بقلمٍ من الرصاص، يكتبُ ثمَّ يمحو.
منذ أن تراجعت الحكومة في آب الماضي عن قرارٍ ثنائي حول حصرية السلاح، أصبح كلُّ قرار حكومي يحتاج إلى قرارٍ ثنائي.
وحين تمَّتْ إضاءَةُ صخرة الروشة خلافاً لقرار الحكومة، إنطفأ ضوءُ الحكومة...
وبعد أن أعلنت الحكومة سحبَ ترخيص جمعية «الرسالات» وسحبت قرارها، بات يتعرّض للسحب المرسوم الذي صدر بتأليف الحكومة.
حكومة هذا الزمان، هي أيضاً حكومة ميدان، عليها أنْ تحسب جيداً حساب المعركة قبل أن تمتطي حصان طروادة، وأمامها وحولها مشاهد رهيبة عن الحسابات العسكرية الخاطئة.
ليس من حقّ أصحاب الشأن أنْ يدفعهم سوء التقدير والتقرير إلى اتخاذِ قرارات قاتلة تنعكس على الشعوب بالمجازر والمخاطر، وهم يقبعون في أبراجهم العليا، وفي خنادقهم الدنيا.
المشكلة أمام هذه الحكومة، تكاد تشبهُ قصّةَ عنترة بن شدّاد، التي قيل فيها إنّها تتألف من ألفِ بيت شعري وتُختصَر ببيت واحد.
لا علاقة لقصّة صخرة الروشة، بالروشة، ولا علاقة لرسالة جمعية «الرسالات»، «برسالة الحقوق» للإمام زين العابدين بن الحسين في تأكيد ضلال الحُكم الأموي.
البيت الواحد في قصة عنترة الحكومية يتعلّق بتأكيد حقوق امتلاك السلاح، وكلّ أمرٍ آخر هو دورانٌ في حلقة مفرغة حول طواحين الهواء.
بعد كلّ ما قيل: عن خطاب القَسَم والبيان الوزاري واتفاق الطائف ومواد الدستور والقرار 1701 ووقف الأعمال العدوانية، لم نعرف بعد، ما إذا كانت حصرية السلاح تتناول شمال الليطاني مع جنوب الليطاني.
ولم نعرف بعد، ما إذا كانت استراتيجية الأمن القومي ستؤدّي إلى جعل السلاح بيدِ الدولة حصراً...
جُلّ ما نعرف من خلال ما يتردّد على لسان الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم: ومن خلال ما أدلى به النائب حسن فضل الله أخيراً: «أنّ المقاومة غير معنية ببنْد حصرية السلاح».
وماذا بعد، سنظلّ نعيش في حالةٍ من «الملهاة الإلهية أو الكوميديا الإلهية» للشاعر والفيلسوف الإيطالي «دانتي»: الحكومة تمارس الهجوم الدفاعي، والمقاومة تمارس الدفاع الهجومي، فيما العدو الإسرائيلي يمارس عملية الدفاع والهجوم معاً، ومع كل دفاع وهجوم تتساقط الصواريخ يومياً على القرى ويتساقط معها الشهداء، ويظلّ السلاح يشكّل الطعم المشتهى لشبكة صَيد نتنياهو.
بما أنّ لبنان وقطاع غزة أخوان مشتركان في ميلاد الطوفان، فلماذا لا يشتركان معاً في ميلاد معالجة موضوع السلاح، من دون أن نشترك مع قيادة حركة حماس «بتقدير جهود الرئيس الأميركي».
وماذا ومَن يمنع، إذا فشلت خطّةُ الحكومة حول حصرية السلاح من أن تحلّ محلَّها خطّةُ الرئيس ترامب لقطاع غزّة، هذه التي وصفها الشيخ نعيم قاسم «بأنّها خطة إسرائيلية بلباس أميركي».
في هذه البلبلة الصاخبة من الجدل الذي يسود مسار الخُطَط والتخطيط الدولي في هذه المنطقة، عندما نسمع مثلاً مسؤولاً كبيراً في حركة «حماس» يعلن بالتزامن مع مفاوضات شرم الشيخ: «أنّ نتنياهو فشلَ فشلاً ذريعاً في تحقيق أهدافه في حرب غزّة، وأنّ حركة «حماس» قد لقَّنتْ إسرائيل درساً قاسياً»،
عند ذاك لا يعود من مجال للمناقشة، ولا يعود التقدير والتقرير خاضعاً للمنطق العقلي.
في الخلاصة: نحن شعب تعبنا من الوقوف على خطوط التماس بين السلم والحرب، وعلى صدى جعجعة الأسلحة.
تفضَّلوا: حكومةً وأحزاباً وقيادات: أدرسوا جيداً، تمعّنوا جيداً، فكّروا جيداً، ثمَّ قرّروا وبلّغونا: لنعرف على أي مركب سنركب، وفي أي موكب سنمشي: في موكبٍ خلف النعش أو على النعش.

الأكثر قراءة