غزة: عامان من الإبادة الجماعية والتطهير العرقي
Tuesday, 07-Oct-2025 19:11

بعد عامين على اندلاع الحرب، تقف غزة على حافة الانهيار الكامل. تواصل منظمة أطباء بلا حدود (MSF) دعوتها إلى وقف الإبادة الجماعية في غزة، ووقف التطهير العرقي والتهجير القسري، وفرض وقفٍ فوري ودائمٍ لإطلاق النار، ورفع الحصار، والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية المستقلة على نطاق واسع.

 

بلغ حجم الدمار والمعاناة في غزة مستويات كارثية. وبحسب وزارة الصحة، قُتل ما لا يقل عن 66,148 شخصًا وجُرح 168,716 آخرون. تستمر المجاعة بضرب السكان، فيما المستشفيات مدمّرة، والقتلى من العاملين في المجال الإنساني في ازدياد مستمر.

هذه ليست أزمة إنسانية فحسب، بل مجاعة مفتعلة وتدمير متعمّد للنظام الصحي.

ارتفع عدد أعضاء فريق منظمة أطباء بلا حدود الذين قُتلوا في غزة منذ بداية الحرب إلى 15 شخصًا.

 

 

حرب بلا هوادة
في 16 أيلول/سبتمبر 2025، توصّل تحقيق مستقل تابع للأمم المتحدة إلى أن إسرائيل ارتكبت إبادة جماعية في غزة، وأن بعض القادة الإسرائيليين حرّضوا علنًا على الإبادة. بعد عامين من الحرب، تحوّلت غزة إلى مدينةٍ من الأنقاض: من المستشفيات المدمّرة والعائلات النازحة التي تعيش بين الركام. قوافل المساعدات تشق طريقها عبر الطرق المدمّرة، والأطباء يعدّون الساعات بين الغارات الجوية.


انهيار الرعاية الصحية
لا يوجد أي مستشفى في غزة يعمل بكامل طاقته. فمن أصل 36 مستشفى في القطاع، لم يبق سوى 14 مستشفى يعمل بشكل جزئي، ويعاني لتقديم الرعاية الأساسية بلا مواد تخدير أو وقود أو معدات معقّمة.
قُتل أكثر من 1,722 من العاملين في مجال الصحة منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023.
تعمل المستشفيات تحت القصف، بينما يتعرض الطاقم الطبي للاعتقال التعسفي والتعذيب والإخفاء القسري. من بين المعتقلين د. محمد عبيد، جرّاح عظام في أطباء بلا حدود، اعتُقل في 26 تشرين الأول/أكتوبر 2024 أثناء مداهمة مستشفى كمال عدوان.

 

 

سلاح التجويع
أدّى الحصار إلى تفاقم الانهيار في قطاع الرعاية الصحية، بسبب القيود المتعمّدة على دخول المساعدات الإنسانية. وتصف منظمة أطباء بلا حدود هذا الوضع بأنه "تقييد ممنهج للمساعدات" واستخدام للطعام والإمدادات "كوسيلة ضغط"، معتبرةً أن هذه السياسة تشكّل عقابًا جماعيًا وجريمة حرب.
في آب/أغسطس 2025، أعلن مقياس التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC) عن وقوع مجاعة (المرحلة الخامسة) في محافظة غزة، ومرحلة طوارئ (المرحلة الرابعة) في دير البلح وخان يونس، محذّرة من اتساع نطاق المجاعة بحلول نهاية أيلول/سبتمبر.
تحولت مؤسسة غزة الإنسانية المزعومة إلى فخ قاتل. فمنذ 27 أيار/مايو 2025، قُتل 2,531 شخصًا وأُصيب 18,531 آخرين أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات. عالجت فرق أطباء بلا حدود أكثر من 1,300 جريح، كثيرٌ منهم من الأطفال. ووصفت أطباء بلا حدود هذا المخطط بأنه "مهين وخطير... مذبحة متنكرة في شكل مساعدات إنسانية".

 

 

تهجير قسري وتطهير عرقي
بين 18 آذار/مارس و1 تشرين الأول/أكتوبر 2025، سُجّلت أكثر من 1.2 مليون حركة نزوح.
"نزوح متكرر... حصار وجوع... موت في الشوارع والمدارس. كل ليلة أنظر إلى بناتي خائفًا أنني لن أراهن في اليوم التالي".- محمد نصير، بيت حانون، شمال غزة
تخضع 87 في المئة من أراضي غزة لأوامر إخلاء، مما أجبر نحو مليوني شخص على التكدس في مساحة لا تتجاوز 13 فيالمئة من القطاع (≈ 43 كم²).

 

 

المياه والصرف الصحي والأمراض
تعرّضت شبكة المياه في غزة للتدمير الكامل ضمن الحملة الإبادة الإسرائيلية. ومنذ حزيران/يونيو 2024، حُظرت المواد الأساسية لمشاريع المياه والصرف الصحي، مما أدى إلى ارتفاع حالات الإسهال واليرقان والجرب. في آب/أغسطس 2025، أنتجت فرق أطباء بلا حدود 1.9 مليون لتر من المياه يوميًا، منها 556 ألف لتر من مياه الشرب تكفي لـ 74 ألف شخص، لكن العمليات تراجعت بشدة في أيلول/سبتمبر بسبب القيود الجديدة على الدخول.

 

 

التحديات التي تواجهها المنظمة:
خلال عامين، اضطرت فرق أطباء بلا حدود إلى إخلاء عشرات المستشفيات والمراكز الصحية، إما بسبب أوامر الإخلاء من قبل الجيش الإسرائيلي أو بسبب الحصار، واقتراب العمليات العسكرية، وتهديد المرافق الطبية والعاملين والمرضى.
وفي 26 سبتمبر/أيلول 2025، علّقت منظمة أطباء بلا حدود (MSF) أنشطتها في مدينة غزة وغادرت المدينة بسبب هجوم إسرائيلي مكثف، لكنها ما زالت تواصل تقديم الرعاية الطبية في جنوب القطاع رغم التحديات الكبيرة التي تواجهها.


في 15 أيلول/سبتمبر، أطلقت القوات الإسرائيلية النار على شاحنة مياه تحمل شعار أطباء بلا حدود بوضوح في الشيخ رضوان، وفي 29 أيلول/سبتمبر تضرر قسم حديثي الولادة في مستشفى الحلّو بغارة جوية وفي 2 تشرين الأول/أكتوبر، قُتل المعالج الفيزيائي في أطباء بلا حدود عمر حايك، ليرتفع العدد الإجمالي لزملاء المنظمة الذين قُتلوا في غزة منذ بدء الحرب إلى 15 شخصًا.
رغم إعلان إسرائيل في 18 أيار/مايو 2025 أنها رفعت الحصار، لم تدخل سوى 53 شاحنة إمدادات تابعة لأطباء بلا حدود بين 25 أيار/مايو و21 أيلول/سبتمبر، ولم يتم إجلاء سوى 73 مريضًا للعلاج في الخارج (41 إلى الأردن، 14 إلى إسبانيا، 13 إلى الإمارات، والبقية إلى فرنسا وقطر وأستراليا وكندا).

 

 

استجابة أطباء بلا حدود الطبية
من تشرين الأول/أكتوبر 2023 حتى 30 أيلول/سبتمبر 2025، سجّلت فرق أطباء بلا حدود:
• 1,247,557 استشارة خارجية
• 390,218 حالة طوارئ
• 29,465 عملية جراحية
• 61,178 مريضًا منومًا
• 16,683 ولادة
• 70,599 جلسة دعم نفسي

 

تضامن يتجاوز غزة
في 15 أيلول/سبتمبر 2025، شارك مئات الأشخاص في وقفة تضامنية مع غزة في ساحة الشهداء ببيروت، لبنان، تحت شعار: "لا يستطيع الأطباء إيقاف الإبادة - قادة العالم يستطيعون" ضمن الحملة العالمية لأطباء بلا حدود من أجل غزة. رفع المشاركون لافتات تدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار وحماية الطواقم الطبية تحت القصف. كانت الفعالية جزءًا من سلسلة أنشطة عالمية تؤكد التضامن مع غزة ومع فرق أطباء بلا حدود التي تعمل في ظروف مستحيلة.

 

 

النداء الأخير
بينما تستمر معاناة غزة، يبقى نداء أطباء بلا حدود ثابتًا:
وقف الإبادة الجماعية في غزة، رفع الحصار، والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية المستقلة على نطاق واسع.
تأتي هذه المطالب ردًا على حملة إسرائيل للإبادة الجماعية والتطهير العرقي، التي تهدف إلى التدمير المنهجي لمقومات الحياة في غزة.

الأكثر قراءة