ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس احد الوردية الاخير، في المقر البطريركي الصيفي في الديمان.
بعد تلاوة الانجيل المقدس، القى الراعي عظة قال فيها: "نحن في شهر تشرين الأول المكرّس للوردية، نتذكر دعوة العذراء الدائمة في ظهوراتها في لورد وفاطيما: "صلّوا المسبحة، صلّوا المسبحة، من أجل التوبة، وعودة الخطأة، ووقف الحروب، وبسط السلام".
واردف: "نلتقي اليوم في هذا العيد المبارك، عيد سيدة الوردية، حيث نجتمع معًا في الديمان لنختم الصيفية بالصلاة والشكر، ولنفتتح شهرًا جديدًا من التأمل والصلاة. هو يوم ترحيب ووداع في آن واحد: نرحّب بكم جميعًا، ونودّع الصيفية بروح الرجاء بلقاءات جديدة في المستقبل. وجودكم هنا علامة محبة وإيمان، وعيد الوردية هو فرصة لنضع كل قلوبنا بين يدي العذراء مريم، أمّنا وشفيعتنا، التي ترافقنا في مسيرتنا الإيمانية والوطنية.
وأضاف: " لبنان اليوم بأمسّ الحاجة إلى صلاة الوردية. في زمن الأزمات والانقسامات والضياع، نحن مدعوون لأن نلتفت إلى مريم ونرفع المسبحة من أجل وطننا. المسبحة الوردية، في أبعادها الروحية والكنسية، هي أيضًا رسالة وطنية. فهي سلسلة من الحبات التي يجمعها خيط واحد، كما يجمع وطننا أبناءه المختلفين والمتنوعين. إذا انقطع الخيط، تفرط الحبات وتتبعثر. لكن حين يبقى الخيط متينًا، تبقى الحبات مترابطة وتكوّن عقدًا واحدًا جميلاً. هكذا هو لبنان: إذا تماسك أبناؤه بالإيمان والوحدة، يبقى وطنًا مزدانًا بالمحبة؛ وإذا تفكك، ضاع عقده وتلاشى جماله. في المسبحة أيضًا نجد الخلاص. فمن يتأمل أسرارها يعيش معنى التضحية والرجاء. كما أن أسرار الألم تسبق دائمًا أسرار المجد، هكذا لبنان: يعيش آلامًا وأزمات، لكنه مدعو أن ينهض إلى مجد جديد، شرط أن يصبر ويثبت ويضع ثقته بالرب. صلاة الوردية هي سلاحنا الروحي ضد اليأس والانقسام. إنها صرخة في وجه الحروب الداخلية والخارجية، ونداء للوحدة والسلام. مريم سيدة الوردية تعلّمنا أن السلام يبدأ من القلب، ثم من العائلة، ثم من الوطن، ليصل إلى العالم كله. لذلك نقول: بالمسبحة، هناك الأمل، وبالمسبحة، هناك الخلاص".
وختم الراعي: "في هذا العيد المبارك، نرفع صلاتنا من أجل كل واحد وواحدة منكم، ومن أجل لبنان الحبيب. نطلب من العذراء أن تزرع في قلوبنا الرجاء، وأن تحفظ وطننا من الشر والانقسام. بعد ختام هذه الذبيحة الإلهية، سندعوكم مباشرة لتلاوة المسبحة الوردية معًا، كي يكون هذا العيد بداية لمسيرة صلاة طوال هذا الشهر المبارك، فنضع وطننا وعائلاتنا بين يدي العذراء مريم، واثقين أنها لن ترد لنا طلبًا. لتكن المسبحة الورديّة رفيقة دربنا، وسلاحنا الروحي، وجسر عبور إلى السّماء. فنرفع المجد والتسبيح مع مريم للثالوث القدوس الذي اختارها، الآن وإلى الأبد، آمين.