هدر الغذاء: استنزاف للمال وفقدان للمغذيات!
ساندي بو يزبك

أخصائية تغذية

Friday, 03-Oct-2025 06:38

الغذاء ليس مجرّد طعام على المائدة، بل حق أساسي وركيزة من ركائز الصحة والحياة. لكن في لبنان، حيث تتفاقم الأزمات الاقتصادية والمعيشية، يتحوّل هدر الطعام إلى نزيف صامت للمال والمغذيات معاً.

أرقام صادمة... وواقع أصعب

وفق برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP)، يُهدَر نحو 19% من الغذاء عالمياً على مستوى المستهلكين والمؤسسات، أي ما يُعادل 931 مليون طن سنوياً من الطعام الصالح للأكل. أمّا منظمة الأغذية والزراعة (FAO) فتشير إلى أنّ 13,2% من الغذاء يُفقد بين الحصاد والتوزيع بسبب سوء التخزين وضعف البنية التحتية.

 

في لبنان، حيث الفقر يتخطّى نصف السكان والبنى التحتية الغذائية متدهورة، يُصبح وقع هذه الأرقام مضاعفاً: مزارعون يخسرون محاصيلهم بسبب غياب سلاسل التبريد، ومطاعم وأسر لا تزال تهدر الطعام على رغم من الأزمة.

 

المغذيات الضائعة وصحة مهدّدة

 

المشكلة لا تقف عند فقدان الكمية، بل تشمل خسارة النوعية الغذائية. فبحسب تقارير منظمة الصحة العالمية (WHO)، تُشكّل الفواكه والخضار ومنتجات الألبان والحبوب الكاملة النسبة الأكبر من المهدر منزلياً، وهي الأغذية الغنية بفيتامين C، فيتامين A، الحديد، الزنك وحمض الفوليك. ورمي هذه الأطعمة يعني حرمان الجسم من عناصر أساسية للوقاية من فقر الدم، ضعف المناعة، وتأخّر النمو لدى الأطفال. وهكذا نواجه ما يُسمّى بالعبء المزدوج لسوء التغذية: سمنة متزايدة من الأطعمة الفقيرة غذائياً، ونقص في المغذيات الدقيقة من هدر الأطعمة الصحية.

 

ماذا نفعل في لبنان؟

 

1- «وصفة» التسوّق الذكي والتخطيط الغذائي: استخدام تطبيقات تخطيط الوجبات أو حتى القوائم البسيطة والدقيقة لضمان شراء الكمية المطلوبة فقط، وهو أمر حيَوي لتجنّب الشراء غير المدروس في ظل التضخّم. يجب التوعية بـ «حجم الحصة» وتجنّب الطبخ المفرط.

 

2- نظام «أولاً يدخل، أولاً يخرج» (FIFO) ومستودع الأغذية المنزلي: تنظيم الثلاجة والمخزن لضمان استهلاك الأطعمة الأقدم أولاً. هذا سلوك بسيط يوفّر الوقت والمال ويضمن الحصول على المغذيات في أفضل حال.

 

3- إعادة التدوير والابتكار التغذوي في المطبخ: تعليم مهارات حفظ الطعام الصحي (كالتخليل، التجفيف، التجميد العميق) واستغلال «بقايا الطعام» في وجبات جديدة ذات قيمة غذائية (مثل تحويل الخبز البائت إلى فتوش، الخضار المتبقية إلى شوربة كريمة، أو الفواكه الناضجة جداً إلى سموذي). هذه عادات كانت متأصلة في المطبخ اللبناني التقليدي يجب إحياؤها.

 

على مستوى المجتمع: دعم البنوك الغذائية، تقبّل فكرة شراء «الخضار والفواكه القبيحة»، وتبنّي برامج فرز وتحويل بقايا الطعام إلى سماد أو طاقة حيَوية.

الأكثر قراءة