عندما خفَتَ الضجيج أخيراً داخل ملعب «رامز بارك»، حاول المدرب الهولندي آرنيه سلوت أن يضع لمسة إيجابية على ليلة بائسة بالنسبة إلى ليفربول، مُصِرّاً على أنّ الأداء كان فيه «الكثير ممّا يُعجبك»، مقارنةً بخسارة في الدوري الإنكليزي الممتاز أمام كريستال بالاس في اللحظات الأخيرة.
أكّد سلوت: «لسنا بعيدين عن المستوى. الهوامش صغيرة، وكانت كذلك في الموسم الماضي. وللمرّة الثانية توالياً، نحن في الجانب الخطأ». من المهمّ وضع الأمور في نصابها. لا يزال ليفربول في صدارة الـ«بريميرليغ» بـ5 انتصارات في 6 مباريات، والهزيمة الضيّقة أمام غلطة سراي لا يجب أن تمنعه من بلوغ الأدوار الإقصائية في دوري أبطال أوروبا.
مع ذلك، فإنّ المعايير تراجعت. ففي الموسم الماضي، عانى ليفربول من هزيمتَين متتاليتَين مرّة واحدة فقط في الموسم الأول لسلوت، وكان ذلك في آذار عندما خرج من دوري الأبطال أمام باريس سان جيرمان، ثم خسر نهائي كأس الرابطة أمام نيوكاسل. آنذاك، كان عزاؤه الكبير أنّه كان على مشارف تحقيق لقب الدوري.
ضعف دفاعي
فَقدَ ليفربول الصلابة والسيطرة اللتَين كانتا أساس نجاحه الموسم الماضي. ففي أول 10 مباريات، خرج بشباك نظيفة مرّتَين فقط، مقارنةً بـ6 مرّات في هذه المرحلة من الموسم الماضي.
وغطّت الأهداف المتأخّرة ضدّ بورنموث، نيوكاسل، وأتلتيكو مدريد على المشكلات. الفريق بدا مفتوحاً أكثر من اللازم، وضعيفاً أمام الهجمات المرتدة والكرات الثابتة.
بدأ إبراهيما كوناتيه الموسم بشكل سيّئ، قبل أن يتعافى ويُقدّم عروضاً قوية، لكنّه تراجع بشكل مثير للقلق، بأداء مرتبك مليء بالأخطاء أمام بالاس وغلطة. تمريرته السيئة في بداية الشوط الثاني تركت ليفربول مكشوفاً، وأدّت إلى إصابة أليسون بعضلة أثناء محاولته إنقاذ الموقف أمام فيكتور أوسيمين.
من المنتظر أن يخوض جورجي مامارداشفيلي أول مباراة له في الدوري مع ليفربول على ملعب «ستامفورد بريدج»، لكنّ سلوت أمام قرار صعب بخصوص من سيشارك إلى جانب القائد فيرجيل فان دايك.
كانت ركلة الجزاء الحاسمة التي سجّلها أوسيمين (د16)، مثيرة للجدل، لكنّها جاءت نتيجة رعونة من دومينيك سوبوسلاي بعد احتكاك مع ألبير يلماز. وكان ليفربول قد نجا قبلها من فرصة كبيرة، بعدما تصدّى أليسون لتسديدة يلماز الذي تفوّق بسهولة على المجري.
مشكلات في المداورة
وَعَدَ سلوت باستخدام عمق تشكيلته بشكل أكبر هذا الموسم، بعد استثمار النادي 449 مليون جنيه إسترليني في الصيف، وأوفى بوعده. فقد شعر أنّ أحد الأسباب الرئيسة لتراجع ليفربول في نهاية الموسم الماضي كان الإرهاق الناتج من اعتماده الكبير على مجموعة أساسية محدودة.
استدعى هوغو إكيتكي، جيريمي فريمبونغ، كودي خاكبو وكورتيس جونز على حساب ألكسندر إيزاك، كونور برادلي، أليكسيس ماك أليستر ومحمد صلاح. وكانت هذه أول مرّة يُستبعد فيها صلاح من مباراة في دوري الأبطال لا تُعتبر تحصيلاً حاصلاً.
إبقاء المصري على مقاعد البدلاء والتجربة بتركيبة جديدة على الجانب الأيمن في بيئة عدائية كهذه، كانا قراراً جريئاً. لكنّه لم ينجح. حصل فريمبونغ على مواقف جيدة، لكنّ اللمسة الأخيرة كثيراً ما افتقدت إلى الجودة.
مع كثرة التغييرات الصيفية، ليس مستغرباً أن يظهر الفريق مفكّكاً. الوافدون الجدد لا يزالون يتأقلمون، والعلاقات داخل الملعب لم تُبنَ بعد. يُمكن القول إنّ كثرة المداورة تزيد صعوبة هذا التأقلم. لكنّ سلوت يُصرّ على أنّ قراراته جاءت لتجنّب إثقال كاهل لاعبين مثل إيزاك وبرادلي وماك أليستر، الذين لم يحظَوا بفترة إعداد مناسبة.
فيرتز وتوازن خط الوسط
فشل مشجّعو غلطة في مهمّتهم لإزعاج سلوت ولاعبيه، عندما أشعلوا الألعاب النارية أمام فندق الفريق في إسطنبول فجر الثلاثاء. لكن من المفهوم أنّ محاولة إيجاد الطريقة المثلى لاستغلال فلوريان فيرتز بدأت تحرم المدرب الهولندي من النَوم. حتى الآن، لعب فيرتز 8 مباريات من دون أي هدف أو تمريرة حاسمة منذ قدومه بمبلغ 116 مليون جنيه إسترليني من باير ليفركوزن. لم يواصل فيرتز المستوى المميز الذي أظهره أمام أتلتيكو. لم يقدّم أي لمسة حاسمة. ثقته تبدو مهزوزة.
بعيداً من السمعة الكبيرة، هو شاب (22 عاماً) يعيش لأول مرّة بعيداً من وطنه، يتأقلم مع بلد جديد، لغة جديدة، وأسلوب لعب مختلف. يحتاج لبعض التسامح، لكنّ سلوت عليه أن يُقرّر إن كان سيواصل الاعتماد عليه في هذا الدور المحوري. فمن أجل فيرتز، غيّر سلوت ديناميكية خط الوسط التي منحت ليفربول لقب الدوري.
في الموسم الماضي، كان راين خرافنبرخ دائماً في القاعدة، يتقدّمه اثنان من ماك أليستر وسوبوسلاي وجونز. سوبوسلاي أثبت أنّه قادر على اللعب كظهير أيمن، لكنّ ذلك يُضعِف الفريق في الوسط. كما أنّ لياقة ماك أليستر مصدر قلق، إذ لم يُكمل 90 دقيقة مع ليفربول منذ نيسان.
هجوم غير فعّال
على رغم من استحواذه بنسبة 67% وصناعته فرصاً متوقّعة تُعادل 1,78 للهدف، كان يفترض أن يخرج ليفربول بشيء من المباراة، لكنّه أهدر الكثير في الثلث الأخير. مهاجماه أضاعا فرصاً محققة. إكيتكي كان يجب أن يسجّل قبل ثوانٍ من ركلة جزاء غلطة، لكنّه فشل في تجاوز الحارس، فيما أبعد الدفاع تسديدة خاكبو من على خط المرمى.
كان إكيتكي نشطاً وربط اللعب بذكاء، لكنّه اختفى بعد الاستراحة حين تقطّع إيقاع المباراة. الفرنسي واثق أنّ ما شعر به مجرّد شدّ عضلي وليس إصابة أخطر، لكنّ فحصاً سيُجرى للتأكّد من سلامة أوتار الركبة.
في الدقيقة 62، دخل إيزاك، وكان يمكن أن يسجّل فوراً بعد انطلاقه خلف الدفاع، لكنّه قرّر التسديد مبكراً، فجاءت محاولته ضعيفة للغاية. استعادة جاهزية إيزاك لا تزال في طور العمل. التمريرات إليه كانت شبه معدومة، لكنّه أيضاً لم يساعد نفسه بابتعاده إلى الجهة اليسرى بينما كان الفريق بحاجة إلى رأس حربة في الوسط.