يدخل خط وسط ريال مدريد حقبةً جديدة يقودها رجل يعرف جيداً معنى اللعب في هذا المركز مع النادي. أحد أبرز التحدّيات التي يواجهها المدرب الجديد تشابي ألونسو في «سانتياغو برنابيو»، هي رفع مستوى أداء مدريد في المناطق المركزية من الملعب. فقد شعر كثير من المراقبين أنّ الفريق عانى بعد اعتزال طوني كروس الصيف الماضي، وانتقال لوكا مودريتش إلى ميلان بصفقة انتقال حرّ، بعدما لم يُعرَض عليه تجديد عقده.
كان ألونسو يُفضّل أن يُبرم مزيداً من التعاقدات هذا الصيف، معتبراً أنّ تدعيم خط الوسط هدف واضح. وكما أوردت «ذا أثلتيك» هذا الأسبوع، عُقد اجتماع داخلي لتحديد المستهدفين، لكن لم يُتفق على ملف لاعب محدّد لملاحقته، كما أنّ أي صفقة كانت ستعتمد على بيع داني سيبايوس، الذي أجرى محادثات مع مرسيليا، لكن الانتقال فشل.
ما زال النادي يراقب السوق. وفي الأثناء، سيعمل ألونسو بما هو متاح لديه من خيارات، وهي مجموعة ترى إدارة «برنابيو» أنّها تملك إمكانات كبيرة كمّاً وتنوّعاً. من الصعب مجادلة هذا الرأي، لكنّ الحقيقة أيضاً أنّ كثيراً من لاعبي الوسط يواجهون موسماً مفصلياً في مسيرتهم.
أوريلين تشواميني
صافرات الاستهجان التي واجهها في منتصف كانون الثاني في «برنابيو»، أصبحت من الماضي. أداء الفرنسي تشواميني (25 عاماً) تعرّض إلى انتقادات من الجماهير، لكنّه تحسّن في نهايته الموسم، على رغم من أنّه كان موسماً مخيِّباً للفريق ككل.
ستظلّ التوقعات منه دوماً عالية. انضمّ تشواميني إلى مدريد مقابل 80 مليون يورو و20 مليون يورو كإضافات محتملة، قادماً من موناكو الفرنسي قبل 3 سنوات. لكن أوقفه كسر في القدم في تشرين الأول 2023، وربما عانى أحياناً من تعدّد أدواره، إذ لعب بانتظام كقلب دفاع لتعويض إصابات.
في مؤتمر صحافي بكأس العالم للأندية، وصفه ألونسو بأنّه «ركيزة أساسية في الفريق بسبب ثقل دوره والأدوار المختلفة التي يمكنه شغلها». لعب تشواميني مباراتَين كقلب دفاع و4 في الوسط خلال المونديال، لكن منذ انطلاق الموسم كل دقيقة لعبها كانت في الوسط، حيث يشعر أنّه قادر على التألق حقاً.
هناك بوادر مبكرة على أنّ ألونسو سيستخرج أفضل ما عنده، إذ أصبح تقريباً امتداداً لمدربه على أرض الملعب، فإذا كان هناك لاعب يتحدّث إليه ألونسو دوماً أثناء فترات التوقف لشرب الماء، فهو «أوري» كما يُسمّيه. إلى جانب فيديريكو فالفيردي، هو لاعب أساسي لا نقاش فيه في الوسط.
أردا غولر
وصول ألونسو مثّل تحوّلاً هائلاً في حظوظ غولر مع مدريد. ففي حين كان ترتيبه الـ17 بدقائق اللعب تحت قيادة كارلو أنشيلوتي الموسم الماضي، لم يسبقه سوى 4 لاعبين في المشاركة عبر كأس العالم للأندية والمباريات الثلاث الأولى من الموسم.
خلال هذه الفترة، سجّل غولر هدفَين وصنع 3، بالتساوي مع فينيسيوس جونيور وغونزالو غارسيا، وواحدة أكثر من كيليان مبابي. وأكّد مقرّبون من التركي (20 عاماً) خلال كأس العالم أنّه «سعيد جداً» بوضعه الجديد تحت قيادة ألونسو، الذي كان يرغب بضمّه إلى باير ليفركوزن خلال فترة إشرافه عليه هناك.
بدوره، أكّد غولر أنّه «أكثر سعادة» من فترة أنشيلوتي لأنّه يلعب أكثر، والأهم أنّه يُستخدم بمركز أكثر مركزية: «المدرب يحاول أن يمنحنا سيطرة أكبر على المباراة، وهذا أفضل بالنسبة لي».
فهذا أحد مفاتيح تطوّره. في الواقع، أُبلغ التركي أيضاً أنّ التعاقد مع الأرجنتيني فرانكو ماستانتونو لا يعني تراجع مكانته. وعلى رغم من كل ذلك، يواجه غولر مهمّة صعبة في موسمه الثالث في «برنابيو»، إذ عليه إثبات قدرته على ضبط إيقاع الفريق، على رغم من أنّ دوره حتى الآن كان مختلفاً (أكثر على الجناح، ومن دكّة البدلاء).
في اختباره الكبير الأول أمام باريس سان جيرمان في نصف نهائي كأس العالم للأندية، لم ينجح. لكنّ الثقة به داخل النادي كبيرة.
فيديريكو فالفيردي
لعب «الصقر» الأوروغوياني دقائق أكثر من أي لاعب آخر في مدريد الموسم الماضي (5,556 دقيقة)، خاض كل دقيقة هذا الموسم، وسيبقى جزءاً لا غنى عنه من الفريق في الأشهر المقبلة.
بات فالفيردي (27 عاماً) في موسمه الثامن مع الفريق الأول منذ انضمامه من بينارول الأوروغوياني مقابل 5 ملايين يورو صيف 2016. الآن هو نائب قائد مدريد، وأهمية دوره لخّصها ألونسو في أحد مؤتمراته الصحافية بكأس العالم للأندية: «يجعل حياتي أسهل بكثير، بوضوح. إنّه لاعب رائع، متكامل جداً، يفعل تقريباً كل شيء بشكل ممتاز، لاعب يملك الفخر والقيادة في الملعب، يقود زملاءه بالكرة ومن دونها. إنّه واحد من الأفضل».
جود بيلينغهام
أوضح ألونسو في تقديمه الرسمي نهاية أيار، وكما ظهر لاحقاً في الولايات المتحدة، سيتراجع موقع بيلينغهام هذا الموسم أكثر إلى الوسط بهدف منحه مزيداً من الاحتكاك بالكرة ليساعد في بناء اللعب، لكن من دون أن يفقد تأثيره الحاسم في الثلث الأخير.
في كأس العالم، بدأ بيلينغهام المباريات الـ6 كلّها لكنّه أكمل واحدة فقط، مسجّلاً هدفاً وصانعاً لآخر. بعد البطولة، خضع إلى عملية جراحية في كتفه الأيسر في لندن، إذ كان يسبب له مشاكل منذ إصابته بخلع في تشرين الثاني 2023. يُقال إنّ تعافيه يسير جيداً، لكنّه لن يعود إلى الملاعب قبل تشرين الأول.
تغيير المدرب والمركز، وفترة غياب تقارب 3 أشهر، ستجعل هذا الموسم تحدّياً كبيراً للإنكليزي (22 عاماً) الذي تعرّض إلى بعض الانتقادات الموسم الماضي، بعد ظهوره المبهر في موسمه الأول 2023-24.
إدواردو كامافينغا
الفرنسي كامافينغا (22 عاماً) هو أحد أكبر علامات الاستفهام حالياً في مدريد. لم يشارك بعد تحت قيادة ألونسو بسبب إصابتَين، ومع دخوله موسمه الخامس منذ انضمامه من رين الفرنسي، هناك مجدّداً شعور بأنّه يحتاج إلى الارتقاء بمستواه.
بعد أن غاب عن كأس العالم للأندية بسبب إصابة في الفخذ في نيسان، التوى كاحله خلال فترة التحضير. من المتوقع أن يعود في أول مباراة بعد فترة التوقف الدولية، أمام مضيفه ريال سوسييداد يوم السبت 13 أيلول.
قبل انتكاسته الأخيرة، أوضح أحد أعضاء الجهاز الفني لـ»ذا أثلتيك» أنّهم يتوقعون الكثير من كامافينغا «وسيمنحنا الكثير». مؤخّراً، ركّزت الجماهير والإعلام عليه أكثر بسبب أخطائه المتكرّرة، التي تبدو ناجمة عن تهاون بالكرة ومن دونها، بالإضافة إلى سجلّه الطبّي المقلق.
وفقاً لموقع «ترانسفيرماركت»، غاب كامافينغا عن 40 مباراة بين مدريد وفرنسا بسبب 4 إصابات منذ الموسم الماضي. وأشارت فترة أنشيلوتي إليه كأحد اللاعبين الذين كانوا يرغبون في العمل معهم بشكل فردي أكثر لتطويره، لو كان الطاقم الفني أكبر.
داني سيبايوس
كما فعل قبل عام، طلب سيبايوس (29 عاماً) الرحيل هذا الصيف، لكن كما ذُكِر، لم تُثمِر محادثاته مع مرسيليا عن شيء.
يُدرك سيبايوس أنّه ليس لاعباً أساسياً في مدريد، لكنّه أكّد لمقرّبين منه أنّه ينتهي دائماً بالحصول على وقت لعب جيد مع مرور الموسم. كان أنشيلوتي يراه مهمّاً في الأيام التي يغيب فيها كروس ومودريتش؛ أمّا الآن، وبعد رحيلهما معاً، فإنّ دوره لم يزداد أهميةً تحت قيادة ألونسو.
في مقر فالديبيباس، يُقدّر الجهاز الفني وزملاؤه حقيقة أنّه يُقدِّم أسلوب لعب مختلفاً قليلاً عن باقي لاعبي الوسط، أكثر اعتماداً على الربط. ما دفع ألونسو لمنحه دقائق في المباريات الثلاث الأولى، لكن بمجموع 22 دقيقة فقط (وفي وقت غياب بيلينغهام وكامافينغا) ما لا يبدو مبشراً بالكثير لمستقبله.
ما الخيارات الأخرى؟
هناك المزيد من الموارد في قائمة مدريد في ما يتعلّق بخيارات الوسط، لكن من غير المرجّح أن يشارك أي منها بانتظام هناك.
أحد هؤلاء هو ترينت ألكسندر-أرنولد، لكن كما ذكرت «ذا أثلتيك»، لم يُناقَش تغيير مركزه إلى الوسط بعمق خلال مفاوضات انتقاله من ليفربول، إذ كان يُنظر إليه كأحد أفضل الذين يلعبون في مركز الظهير الأيمن في العالم. الآن، وبعد 3 أشهر في النادي، لم يُجرِّبه ألونسو في الوسط في أي من المباريات الـ9 حتى الآن.
دافيد ألابا لديه خبرة اللعب في الوسط، وشارك هناك في مباريات ودية تحضيرية أمام ليغانيس (خلف أبواب مغلقة) وتيرول، لكن بعمر 33 عاماً، دوره في مجموعة ألونسو هذا الموسم غير واضح إطلاقاً. يملك ماستانتونو (18 عاماً) خصائص تُمكّنه من المساهمة من موقع أعمق، لكنّ صفقة ضمّه كانت موجّهة لمناطق هجومية أكثر، كما يظهر.
هناك حالة تياغو بيتارش (18 عاماً)، ابن الأكاديمية الذي يتدرّب مع الفريق الأول بسبب الإصابات. وعلى رغم من أنّ مانويل أنخيل (21 عاماً) كان الخيار الأول لهذا الدور، فإنّ مشاكله العضلية فتحت الباب أمام بيتارش. ووفقاً لمصادر من فالديبيباس، فقد أبهر بيتارش بحيَويته، جريِه المستمر، طلبه الدائم للكرة، وشخصيّته القوية.