هل الخبز الأوروبيّ صحي أكثر من الأميركي؟
Monday, 28-Jul-2025 06:50

يشير العديد من الأشخاص الذين يسافرون إلى أوروبا إلى ظاهرة لافتة: القدرة على تناول الخبز والمخبوزات من دون التعرّض إلى مشكلات هضمية يعانون منها عادةً في الولايات المتحدة أو كندا.

يشكو كثيرون من اضطرابات في المعدة، تعب، أو شعور بالضباب الذهني بعد تناول الخبز الأميركي، في حين أنّهم يتناولون البيتزا والخبز الأوروبي يومياً من دون أي أعراض.

 

هذه الملاحظة أثارت نقاشاً واسعاً، وتحديداً بعدما تناولها المؤثر كريستيان كولينز عبر Tik-Tok، ثم دعمها الإعلامي جو روغان في برنامجه.

 

يؤكّد أطباء الجهاز الهضمي، ومنهم الدكتور أليسو فازانو، أنّ عدداً من مرضاهم لاحظوا فرقاً واضحاً في أعراضهم عند استهلاكهم للخبز الأوروبي مقارنةً بالأميركي، لكنّ الأسباب العلمية لذلك لا تزال قيد الدراسة، وهناك عدة نظريات تفسّر الفارق المحتمل بين الخبزَين.

 

تقول النظرية الأولى، إنّ نوع القمح المستخدم يختلف. ففي أوروبا، يُستخدم غالباً القمح الليّن الذي ينتج خبزاً أقل غلوتيناً، في حين أنّ الولايات المتحدة وكندا تعتمدان على القمح الصلب الغني بالغلوتين. إلّا أنّ بعض المخابز الأوروبية تضيف قمحاً صلباً مستورداً لتحسين خصائص العجين، ما يجعل من الصعب تعميم هذا السبب.

 

تتعلّق النظرية الثانية بمدة التخمير. فالمخابز الصغيرة في أوروبا تعتمد عادة على عمليات تخمير طويلة تستمر بين 12 و48 ساعة، خصوصاً في خبز «الساوردو» التقليدي.

 

هذا التخمير الطويل يسمح للبكتيريا والخمائر بتكسير كميات من الغلوتين ومركّبات FODMAPs التي تُسبِّب أعراضاً كالهضم البطيء والانتفاخ.

 

أمّا في أميركا، فتُنتج معظم أنواع الخبز عبر عمليات سريعة قد لا تتعدّى ساعتَين، ممّا يحافظ على مستويات مرتفعة من هذه المركّبات المُسبِّبة للمشكلات.

 

تُركّز النظرية الثالثة على الإضافات الصناعية. فالمخابز الأميركية تميل إلى استخدام مضافات مثل المواد الحافظة، محسنات العجين، ومواد تقوية لتحسين القوام والعمر التخزيني للخبز. في المقابل، الخبز الأوروبي غالباً ما يُعدّ بمكوّنات طبيعية فقط مثل الدقيق والماء والملح والخميرة.

 

هناك أيضاً مسألة المبيدات، وتحديداً استخدام مادة الغليفوسات في الولايات المتحدة لتجفيف القمح قبل الحصاد، ممّا قد يترك بقايا على الحبوب. بينما تُمنع هذه الممارسة في أوروبا. ومع أنّ الكميات المتبقية على الأغلب لا تُمثل خطراً صحياً مباشراً، إلّا أنّ هذا الفرق يظل ملفتاً.

 

أخيراً، هناك عامل نفسي محتمل: نمط الحياة. فالمسافر في أوروبا قد يكون أكثر استرخاءً، ويتحرّك أكثر، ما يؤثر إيجاباً على الهضم ويُخفِّف الأعراض.

 

في المحصلة، يبدو أنّ خبز أوروبا ليس مجرّد وَهم عطلة. مَن يعانون من أعراض مرتبطة بالخبز قد يجدون راحة أكبر مع أنواع «ساوردو» المخمّرة ببطء والمحضرة بمكوّنات طبيعية، سواء في أوروبا أو حتى في مخابز مختارة داخل الولايات المتحدة. ومع ذلك، يبقى مَن يعانون من الداء البطني بحاجة إلى تجنّب الغلوتين بالكامل، مهما كانت طبيعة الخبز أو مصدره.

الأكثر قراءة