أعلن الجيش الإسرائيلي أنّه أوقف عملياته في أجزاء من القطاع، للسماح بدخول المزيد من المساعدات، وسط تزايد الغضب من الجوع الحاد الذي يعانيه الفلسطينيّون هناك. لكن لم يكن واضحاً ما إذا كان هذا القرار سيُخفِّف من حدّة أزمة الجوع.
وأوضحت إسرائيل، أنّها أوقفت النشاط العسكري في بعض مناطق قطاع غزة للسماح بدخول المساعدات الدولية، في ظل تصاعد الغضب الدولي حيال الجوع الشديد الذي يعانيه الفلسطينيّون في القطاع.
وقد مثّل هذا القرار تحوّلاً حاداً في موقف إسرائيل، وجاء نتيجة ضغوط دولية متزايدة بسبب الظروف الإنسانية القاسية في غزة، إذ يؤكّد برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، أنّ واحداً من كل 3 أشخاص هناك لم يأكل «لعدة أيام متتالية».
وكجزء من الإجراءات، أوضحت القوات الإسرائيلية أنّها ستوقف عملياتها في ما لا يقل عن 3 مناطق في غزة، من الساعة العاشرة صباحاً حتى الثامنة مساءً، للسماح بتدفّق المساعدات. وأضافت أنّها ستُخصّص أيضاً مسارات دائمة لقوافل الأمم المتحدة لتسليم المساعدات.
وجاء هذا الإعلان في وقت بدأت فيه الأردن والإمارات العربية المتحدة بإسقاط المساعدات جواً إلى غزة بالتنسيق مع إسرائيل، بحسب وزارة الدفاع الإسرائيلية ووسائل الإعلام الرسمية الأردنية. وكانت إسرائيل قد أعلنت يوم الجمعة أنّها ستسمح للدول الأجنبية بالقيام بذلك. لكن لم يكن واضحاً ما إذا كانت هذه السياسة الجديدة ستُتيح وصول كميات كافية من المساعدات إلى الفلسطينيِّين الجائعين، لأنّ توقفات تكتيكية مشابهة في الماضي، كانت نتائجها متفاوتة.
تعتقد وكالات الإغاثة وعدد من الدول، بما في ذلك بعض الحلفاء التقليديِّين لإسرائيل، أنّ تل أبيب تتحمّل مسؤولية الوضع الإنساني بعدما منعت ثم قيّدت دخول المساعدات إلى غزة على مدى أشهر.
وأفادت وزارة الصحة في غزة، بأنّ 6 فلسطينيِّين توفّوا أمس بسبب أمراض مرتبطة بسوء التغذية، بينهم طفلان. وأعلنت الوزارة أنّ أكثر من 50 فلسطينياً توفّوا هذا الشهر بسبب المجاعة، في وقت بات العاملون الصحيّون أنفسهم يعانون في إيجاد ما يَسدّ رمقهم.
على رغم من ذلك، واصلت إسرائيل عملياتها العسكرية. فقُتل ما لا يقل عن 13 شخصاً أمس برصاص قواتها في وسط غزة قرب نقطة توزيع مساعدات، بحسب مستشفى العودة. ولم يصدر تعليق فوري من الجيش الإسرائيلي.
وألقت إسرائيل باللوم على الأمم المتحدة وشركائها في أزمة الجوع، متهمةً إياهم بالفشل في إدخال مئات الشاحنات المحمّلة بالمساعدات عبر المعابر الحدودية إلى غزة. وتردّ الأمم المتحدة بأنّ إسرائيل وضعت عراقيل بيروقراطية متكرّرة، وغالباً ما ترفض طلبات التنسيق لإدخال المساعدات.
وجادل مسؤولون إسرائيليّون منذ وقت طويل بأنّ حركة «حماس» كانت تستولي على المساعدات الإنسانية، لكن لاحقاً أقرّ مسؤولون في الجيش الإسرائيلي أنّه لا يوجد لديهم دليل على أنّ «حماس» كانت تسرق مساعدات الأمم المتحدة بشكل ممنهج.
فيما التزم مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وساسة آخرون في الحكومة الصمت إلى حدّ بعيد بشأن هذا التحوّل في السياسة. لكنّ إيتمار بن غفير، وزير الأمن القومي اليميني المتطرّف، دعا إلى وقف تام لتدفّق المساعدات وإعادة احتلال غزة بالكامل.
ورحّبت منظمات الإغاثة بالقدرة على إدخال الطعام إلى غزة من دون الخوف من القصف الإسرائيلي، لكنّ وقف إطلاق النار الكامل ربما يكون الطريقة الوحيدة لإنهاء الأزمة.
وأوضح برنامج الأغذية العالمي: «معاً، نأمل أن تسمح هذه التدابير بتسريع المساعدات الغذائية العاجلة لتصل إلى الجائعين من دون مزيد من التأخير». لكن خبراء في الإغاثة يرَون أنّ عمليات الإسقاط الجوي للمساعدات غير كافية.
وكانت دول أجنبية قد أسقطت مساعدات جواً في غزة العام الماضي، لكنّها توقفت بعدما أسفرت محاولات التسليم عن مقتل عدة أشخاص وسقوط بعض المساعدات داخل الأراضي الإسرائيلية عن طريق الخطأ.
وصف فيليب لازاريني، رئيس وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيِّين (الأونروا)، عمليات الإسقاط الجوي بأنّها «تشتيت للانتباه، باهظة التكلفة، غير فعّالة، وقد تؤدّي إلى مقتل مدنيِّين جائعين».
في آذار، فرضت إسرائيل حصاراً على غزة دام قرابة 3 أشهر، ومنعت دخول الطعام والوقود والدواء تقريباً بالكامل. وتراجعت عن هذا الحصار في نهاية أيار، بعدما حذّر مسؤولون عسكريّون إسرائيليّون من أنّ القطاع مهدّد بمجاعات واسعة النطاق.
وبدلاً من الاعتماد على آلية التنسيق السابقة مع الأمم المتحدة لتسليم المساعدات، أعادت إسرائيل تنظيم العملية بأكملها، وأنشأت مواقع لتوزيع المساعدات تديرها «مؤسسة غزة الإنسانية» المدعومة من إسرائيل.
وبموجب النظام الجديد، تقوم شركات أمنية أميركية مسلحة بدوريات في مواقع توزيع المساعدات المدعومة من إسرائيل في جنوب ووسط غزة، ممّا أجبر الفلسطينيِّين على السَير لمسافات طويلة عبر خطوط القوات الإسرائيلية أملاً في الحصول على الطعام.
وقُتل المئات من الفلسطينيِّين قرب هذه المواقع بعدما أطلقت القوات الإسرائيلية النار على الحشود، بحسب مسؤولين صحيِّين في غزة والجيش الإسرائيلي، الذي وصف إطلاق النار بأنّه «طلقات تحذيرية» لتفريق فلسطينيِّين «شكّلوا تهديداً».
كما أدّت محاولات من الأمم المتحدة ومنظمات إغاثة أخرى لتوزيع الطعام إلى مشاهد مأساوية، إذ اندفع المئات من الفلسطينيِّين اليائسين للاستيلاء على الإمدادات. وفي إحدى الحوادث، أطلقت القوات الإسرائيلية النار على حشود كانت تحاول الحصول على مساعدات، ما أدّى إلى مقتل العشرات، وفقاً لمسؤولين في غزة.
وصرّح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأنّ الحرب في غزة يجب أن تنتهي. لكنّه، على الأقل علناً، تجنّب ممارسة ضغوط كبيرة على نتنياهو لوقف القتال على الفور.
الأسبوع الماضي، سحبت إسرائيل والولايات المتحدة مفاوضيهما من محادثات وقف إطلاق النار مع «حماس» في الدوحة، بعد اتهام الحركة بالتعنّت. بينما ردّ مسؤولو «حماس» بأنّهم قدّموا تنازلات في مقترحهم الأخير المضاد.