مع تطوّر الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أدوات التصفح تدخل مرحلة جديدة تجمع بين البساطة والذكاء.
أحد أبرز الأمثلة هو تطبيق Dia، متصفّح جديد من تطوير شركة Browser Company في نيويورك، يعتمد على دمج روبوت محادثة بالذكاء الاصطناعي داخل المتصفح نفسه، ما يُغيّر طريقة تفاعلنا مع الإنترنت جذرياً.
على عكس المتصفّحات التقليدية التي تكتفي بتحميل صفحات الويب، يُقدِّم Dia خدمات ذكية مثل تلخيص الفيديوهات الطويلة، اقتراح مقالات ذات صلة أثناء قراءة الأخبار، أو تدقيق النصوص مباشرة من دون الحاجة إلى مغادرة الصفحة.
كل ذلك يتمّ عبر نافذة صغيرة تُفتح داخل المتصفّح بمجرّد الضغط على اختصار، إذ يمكن للمستخدم طرح الأسئلة على الروبوت والحصول على إجابات فورية.
ما يُميّز Dia عن غيره هو قدرته على استخدام نماذج متعدّدة من الذكاء الاصطناعي، مثل ChatGPT وGemini وClaude، بحسب نوع السؤال، من دون أن يضطر المستخدم للتفكير بالنموذج الأنسب. هذه البنية التحتية المتعدّدة تمنح المتصفح مرونة وذكاء في التعامل مع مختلف أنواع المحتوى.
ومع أنّ التجربة أظهرت فعالية عالية في معظم الحالات، إلّا أنّ بعض الإجابات لم تكن دقيقة دائماً، ما يبرز مشكلة «هلوسة» الذكاء الاصطناعي، أي تقديم معلومات غير صحيحة. لذلك، ينصح بالتحقق من المصادر التي يستشهد بها المتصفح، خصوصاً في المواضيع الحساسة.
الخصوصية بدورها تشكّل تحدّياً كبيراً، إذ يتطلّب استخدام هذه الأدوات مشاركة بيانات التصفّح مع النماذج الذكية. وعلى رغم من التزام الشركة بعدم الاحتفاظ بالمعلومات الحساسة، يبقى الحذر واجباً، خصوصاً عند التعامل مع ملفات شخصية أو معلومات طبية.
حالياً، Dia متوفّر مجاناً بنظام الدعوات لأجهزة Mac، لكن ّالشركة تخطّط لإطلاق خطط اشتراك تبدأ من 5 دولارات شهرياً، وصولاً إلى مئات الدولارات، بحسب كثافة الاستخدام.
في المحصّلة، يُظهر Dia كيف يمكن لمتصفّح الإنترنت أن يتحوّل من مجرّد أداة عرض للمواقع إلى مساعد ذكي يسهّل المهام ويوفّر الوقت. وإذا استمرّت هذه التقنية في التطوّر، فقد يصبح المتصفّح المدعوم بالذكاء الاصطناعي هو البوابة الأساسية لتفاعلنا مع شبكة الإنترنت.